المدرسة الفيتنامية هي الحل..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 22 يناير 2019

Tue - 22 Jan 2019

No Image Caption
عبدالله المزهر
لا أخفيكم أنني متفاجئ من أولئك الذين تفاجؤوا بخروج المنتخب من البطولة الأخيرة، وأنا هنا أفرق بين الأحلام والتمني وبين الحقيقة المجردة الواضحة وضوح الشمس في سماء السعودية.

كلنا ـ أو بعضنا ـ كنا نحلم بأن يتقدم المنتخب خطوات أكثر، وكنا نتخيل الكأس بين يدي قائد الفريق السعودي ـ لا أتذكر من هو بالمناسبة ـ لكنها كانت أحلاما تشبه حد التطابق أحلامي بالثراء الفاحش، كان حلم الفوز بالبطولة يشبه كثيرا حالة السرحان التي تنتابني وأنا أفكر في أموالي وكيف سأصرفها وكم من الدور والمراكب سأقتني.

وجه التشابه الآخر بين أحلامي وأحلام الكرة السعودية هو أن كلينا لا يفعل أي شيء لتحقيق تلك الأحلام، أمارس نفس العمل وأقوم بذات الأفعال يوميا وألتقي نفس الأشخاص ولم أتجرأ على القيام بأي خطوة مختلفة، ولكني مع ذلك لا زلت واثقا أني سأصبح ثريا.

والكرة السعودية تمارس ذات الشيء، نفس الوجوه ونفس الكلمات وذات الأعذار والحجج منذ أكثر من عقدين، تدار الرياضة بذات الطريقة وترتكب ذات الأخطاء في كل مرة ومع هذا لا زالت ـ مثلي ـ تحلم بالإنجاز.

الفارق الوحيد هو أن للكرة السعودية تاريخا مشرفا ترتكز عليه، بينما ليس لي أي تاريخ يذكر في عالم الثراء، وهذه نقطة تحسب لي، لأني لا أمتلك تجربة ولم أعرف طريق النجاح في تحقيق الأحلام من قبل حتى أسلكه مجددا.

والحقيقة أني لا ألوم لاعبي المنتخب ولا أحملهم مسؤولية أي إخفاق، فهذه قدراتهم وإمكاناتهم وغالبا فإن الذي يفوز بسباق الخيول لا بد أن يكون خيلا، لا يوجه اللوم على المخلوقات الأخرى إن لم تفز في سباق الخيل.

نحن مبدعون في البهرجة، والحديث عما لا يحدث، وتحويل الخيالات إلى إنجازات في برامج التلفزيون وأعمدة الصحف.

وجرت العادة أن نصنع نجوما من ورق، ونضع حولهم هالات كاذبة لمجرد مناكفة الأندية الأخرى، وصناعة هذه «الكذبات» ليست المشكلة، المشكلة الحقيقية هي تصديق تلك الكذبات التي صنعناها بأيدينا.

ثم حين نخرج بوفاض خال في كل مناسبة نعقد العزم على التوبة، وأننا سنكف عن صناعة الوهم، لكنها توبة غير نصوح، سرعان ما تضيع في زخم المنافسة المحلية، ونبدأ مجددا في ارتكاب معصية الكذب على أنفسنا.

ومن عجائب الأمور وغرائبها أننا ـ أعني المسؤولين ـ نؤمن بأن الآخرين سبقونا وأن الاستعانة بخبراتهم وتجاربهم أمر مفيد، ثم حين نفعل ذلك ونأتي بهم نطلب منهم أن يعملوا بذات الطريقة التي نعمل بها ويفكروا بذات الطريقة التي نفكر بها، وإن لم يفعلوا فإنهم سيعودون من حيث أتوا.

وعلى أي حال..

قد يكون الحل بما أننا لا نفوز إلا على بعضنا البعض في المنافسات المحلية ـ وهذا أمر متاح في أي وقت ـ أن نسلم الجمل بما حمل لمدرسة عريقة لها تجارب البناء (إسبانية، ألمانية، إنجليزية، فرنسية)، وإن لم تعجبنا المدارس التي سبقتنا ووجدت قبلنا في هذا المضمار، فلعلنا نستعين بمن يتجاوزنا بعد أن كان خلفنا، فالهنود والفيتناميون أيضا لديهم تجارب ناجحة في هذا المجال، ربما يكون مفيدا أن نسلمهم الزمام ونتركهم يجربون ويعملون ما يريدون بالطريقة التي يريدون، وغالبا لن نخسر أي شيء لسبب بسيط، وهو أنه لم يعد لدينا شيء لنخسره من الأساس.

agrni@

الأكثر قراءة