حنان درويش عابد

لماذا تتوجه الحكومات اليوم لرقمنة عملاتها؟

الثلاثاء - 22 يناير 2019

Tue - 22 Jan 2019

تعمل المملكة العربية السعودية على إطلاق عملة رقمية يمكن استخدامها في المعاملات بين بنوك المنطقة باستخدام تكنولوجيا «بلوك تشين»، وسيعمل هذا النظام في بدايته بين بنوك كل من المملكة والإمارات العربية المتحدة. وبينما ينظر إلى نظام عملة «بيتوكوين» الرائجة عالميا بكثير من الشكوك، يعد كثيرون تقنية «بلوك تشين» رائدة وآمنة، وتقدم إمكانات كبرى لتوفير الوقت والتكلفة للمؤسسات، وتكتسب هذه العملة الرقمية السعودية أهمية بالغة من كونها خاضعة للرقابة الحكومية، ويجري تداولها بين البنوك تحت إشراف الدولة الكامل، وعلى المستوى الآخر كونها عملة لدولة تعد المنتج الأكبر للنفط في العالم، وما يمثله ذلك من قدرات مالية كبرى.

ويأتي توجه المملكة لإنشاء نسخة رقمية لعملتها كجزء من توجه عالمي ممتد يضم دولا كثيرة مثل الولايات المتحدة، والصين، وكندا، والسويد، وفنزويلا، وتلك النسخ ستكون مدعومة من تلك الحكومات وتحديدا من سلطة النقد المحلية في كل بلد، إذ إن العملة الرقمية الحكومية ستكون مغطاة من قبل الحكومة التي ستقوم بإصدارها، وتكتسب صفة قانونية واضحة، تحمي حقوق المتبادلين لتلك العملة في إطار التحويلات المالية.

يذكر أن العملة السعودية التي سيجري إطلاقها ستستخدم فقط على نطاق البنوك، وليس من قبل المستهلكين من الأفراد، وهي تهدف في الأساس إلى رقمنة العمليات المالية فيما بين البنوك المركزية والبنوك الأخرى.

ومن حيث المبدأ يمكن أن تكون هناك فوائد مختلفة للعملة الرقمية، مثل كفاءتها في المعاملات الالكترونية العالمية الفورية، ومنع التزوير، وحفظ السجلات بشكل أفضل ورصد المعاملات، وعدم الحاجة لمطبعة.

ولعل إطلاق «بيتكوين» هو الذي أثار قلق كثير من الحكومات، مما دفعها إلى أن تسرع من خطواتها باتجاه وضع الخطط الأولية على أقل تقدير لتأسيس عملاتها الرقمية الرسمية. وكان إطلاق عملة «بيتكوين» سببا لكثير من الحكومات حول العالم للشعور بخطورة توفر إمكانية لأفراد أو لمؤسسات خاصة ليطلق أي منها عملة لا تخضع لمعايير قانونية محلية، ولا يتم تداولها تحت إشراف مباشر من الحكومات.

ولا تعد تكنولوجيا النقد الرقمي جديدة على مستوى التطبيق، فقبل وقت طويل بدأت مؤسسات القطاع الخاص حول العالم في الاتجاه إلى القيام بمعاملات رقمية بالكامل. وعلى مستوى الحكومات، لم يكن تبني العملات الرقمية سريعا أو واسع الانتشار، كما لم تكن الأنظمة التي ظهرت لخدمة المعاملات الرقمية ذات كفاءة عالية أو رخيصة، كما لم تكن الحكومات والبنوك في عجلة من أمرها لاعتماد هذه التكنولوجيا، ثم جاءت موجة «بيتكوين»، وما أثارته من جدل واسع، وما مثلته من ثورة على مستوى الفكرة، لتدفع الحكومات للاستعجال في اتجاه تسريع استجابتها لما فرضته المتغيرات التكنولوجية المتلاحقة على صعيد العملة الرقمية.

الحكومات باتت ترى فوائد التطور التكنولوجي في خدمة أهداف النقد الالكتروني، ولكنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت لفهم الأدوات التكنولوجية التي تجعل من العملة الرقمية وسيلة قادرة على تحقيق أهداف تلك الحكومات دون المساس بالجانب الأمني للاقتصاد. ومن المؤمل أن تصبح تقنية العملات الرقمية رافدا مهما للحكومات على مستوى العالم، والمملكة على وجه الخصوص، لتعزيز دور العملة الرقمية لخدمة الأفراد في المستقبل، بهدف تحقيق قدر أعلى من السهولة واليسر على نطاق عمليات البيع والشراء اليومية.

hananabid10@