أنا الخبير أيها الدهماء..!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الاثنين - 21 يناير 2019
Mon - 21 Jan 2019
بدأت أفكر جديا في العمل كمحلل استراتيجي، وهي الخطوة الأولى بالطبع، ولا بد من البقاء في هذه المهنة لمدة يومين على الأقل كشرط أساسي لأصبح خبيرا استراتيجيا، وهي غاية ما أود الوصول إليه.
وأشعر أن لدي الموهبة منذ نعومة أظافري وأني خلقت لأكون خبيرا، كل ما حولي يشي بذلك، وأظن أن الوقت قد حان والتأخير في هذا الأمر ليس «خيرة» أبدا.
كان جهلي ببعض الأمور سببا في تأخري هذا، وقد فاتتني لحظات مفصلية كثيرة لإظهار موهبتي، ولكن الباعث على الاطمئنان أن «اللحظات المفصلية» والمنعطفات التاريخية لا تنتهي، إنها في منطقتنا بعدد الأيام التي نحياها وربما أكثر، فقد نمر في اليوم الواحد بمنعطفين تاريخيين وثلاث لحظات مفصلية.
كنت أجهل الخطوات والأعمال التي يجب القيام بها قبل أن أصبح محللا ومن ثم خبيرا، وكنت أخشى الصعوبات فأنا رجل مرد على الكسل والدعة.
ثم إني اكتشفت لاحقا وقبل خطوات من فوات الأوان أن الأمر سهل ويسير ولا يحتاج كثير مجهود ولا سابق علم ولا معرفة، بل إن الجهل يكاد يكون ميزة محفزة تساعد في التدرج السريع في هذه المهنة، كل ما أحتاجه هو أن أطلق على نفسي مسمى خبير استراتيجي وسأصبح كذلك، وستتهافت القنوات الإخبارية لاستضافتي وسماع آرائي العظيمة في الحياة والناس والسياسة والاقتصاد والحرب والسلم.
بالطبع لا بد أن أبدأ بالكيان الصهيوني، ولا بد أن أتخلص من النظر إليه ككيان صهيوني ـ مع أن الصهاينة أنفسهم يفتخرون بهذا ـ سأتحدث عن السلام وعن ضرورة التطبيع والتسامح مع القتلة والمحتلين ومغتصبي حقوق البشر في كل مكان كحل نهائي لمشاكل الكوكب.
سأخترع عبارات جديدة، على سبيل المثال سأقول بأن إيران عدوتي وهذا يعني أن إسرائيل صديقتي، لأني كخبير استراتيجي لا يليق بي أن أتكلم عن عداء عقدي ووجودي، هذه دروشة لا تليق بالخبراء. سأحاول إقناع الناس أن الجحيم ضيق لا يتسع لهما معا وأنه لا بد من الاختيار.
صحيح أن بعض الدهماء سيقولون إن إسرائيل هي سبب كل نكبات هذه المنطقة، وإنها هي نفسها حجة إيران في التغلغل والإفساد، فقد قتلت وشردت وهجرت بشكل مباشر، وكان وجودها ذريعة للطغاة والمجرمين والفاسدين لقتل شعوبهم وسحقهم وسرقة مقدراتهم وتبديد أحلامهم. وسيقول الجهال من الناس إنه لا يمكن لجسم اعتبار السرطان صديقا لخلاياه لمجرد أنه يعاني من مرض آخر.
وسيحاججني الرعاع بقولهم إن الذين طبعوا مع إسرائيل لم يتعد تطبيعهم مقرات السفارات لأن كراهية الصهاينة والاحتلال وسلب الحقوق غريزة لا يمكن اقتلاعها من وجدان الناس بمجرد توقيع بعض الأوراق. وسيقولون إن اعتباري هذا حلا مع أني شاهدت فشله في أماكن أخرى يدل على جهلي. ولكني لن أهتم، فالخبراء الاستراتيجيون ـ أمثالي ـ لا يلتفتون لأحاديث العامة ولا يلقون لها بالا.
وعلى أي حال..
الأحلام لا تموت، هي تتوارى عن الأنظار ثم تعود فجأة من حيث لا يتوقع قدومها، ويبدو أن أحلامي في الثراء الفاحش ستأتي من هذا الباب، وستحقق أحلامي دفعة واحدة، ثراء ومهنة لا تتطلب أي مجهود بدني ولا عقلي، بل ربما لا تتطلب وجود العقل من الأساس.
agrni@
وأشعر أن لدي الموهبة منذ نعومة أظافري وأني خلقت لأكون خبيرا، كل ما حولي يشي بذلك، وأظن أن الوقت قد حان والتأخير في هذا الأمر ليس «خيرة» أبدا.
كان جهلي ببعض الأمور سببا في تأخري هذا، وقد فاتتني لحظات مفصلية كثيرة لإظهار موهبتي، ولكن الباعث على الاطمئنان أن «اللحظات المفصلية» والمنعطفات التاريخية لا تنتهي، إنها في منطقتنا بعدد الأيام التي نحياها وربما أكثر، فقد نمر في اليوم الواحد بمنعطفين تاريخيين وثلاث لحظات مفصلية.
كنت أجهل الخطوات والأعمال التي يجب القيام بها قبل أن أصبح محللا ومن ثم خبيرا، وكنت أخشى الصعوبات فأنا رجل مرد على الكسل والدعة.
ثم إني اكتشفت لاحقا وقبل خطوات من فوات الأوان أن الأمر سهل ويسير ولا يحتاج كثير مجهود ولا سابق علم ولا معرفة، بل إن الجهل يكاد يكون ميزة محفزة تساعد في التدرج السريع في هذه المهنة، كل ما أحتاجه هو أن أطلق على نفسي مسمى خبير استراتيجي وسأصبح كذلك، وستتهافت القنوات الإخبارية لاستضافتي وسماع آرائي العظيمة في الحياة والناس والسياسة والاقتصاد والحرب والسلم.
بالطبع لا بد أن أبدأ بالكيان الصهيوني، ولا بد أن أتخلص من النظر إليه ككيان صهيوني ـ مع أن الصهاينة أنفسهم يفتخرون بهذا ـ سأتحدث عن السلام وعن ضرورة التطبيع والتسامح مع القتلة والمحتلين ومغتصبي حقوق البشر في كل مكان كحل نهائي لمشاكل الكوكب.
سأخترع عبارات جديدة، على سبيل المثال سأقول بأن إيران عدوتي وهذا يعني أن إسرائيل صديقتي، لأني كخبير استراتيجي لا يليق بي أن أتكلم عن عداء عقدي ووجودي، هذه دروشة لا تليق بالخبراء. سأحاول إقناع الناس أن الجحيم ضيق لا يتسع لهما معا وأنه لا بد من الاختيار.
صحيح أن بعض الدهماء سيقولون إن إسرائيل هي سبب كل نكبات هذه المنطقة، وإنها هي نفسها حجة إيران في التغلغل والإفساد، فقد قتلت وشردت وهجرت بشكل مباشر، وكان وجودها ذريعة للطغاة والمجرمين والفاسدين لقتل شعوبهم وسحقهم وسرقة مقدراتهم وتبديد أحلامهم. وسيقول الجهال من الناس إنه لا يمكن لجسم اعتبار السرطان صديقا لخلاياه لمجرد أنه يعاني من مرض آخر.
وسيحاججني الرعاع بقولهم إن الذين طبعوا مع إسرائيل لم يتعد تطبيعهم مقرات السفارات لأن كراهية الصهاينة والاحتلال وسلب الحقوق غريزة لا يمكن اقتلاعها من وجدان الناس بمجرد توقيع بعض الأوراق. وسيقولون إن اعتباري هذا حلا مع أني شاهدت فشله في أماكن أخرى يدل على جهلي. ولكني لن أهتم، فالخبراء الاستراتيجيون ـ أمثالي ـ لا يلتفتون لأحاديث العامة ولا يلقون لها بالا.
وعلى أي حال..
الأحلام لا تموت، هي تتوارى عن الأنظار ثم تعود فجأة من حيث لا يتوقع قدومها، ويبدو أن أحلامي في الثراء الفاحش ستأتي من هذا الباب، وستحقق أحلامي دفعة واحدة، ثراء ومهنة لا تتطلب أي مجهود بدني ولا عقلي، بل ربما لا تتطلب وجود العقل من الأساس.
agrni@