حسن علي العمري

سفهاؤنا الجدد

الجمعة - 18 يناير 2019

Fri - 18 Jan 2019

نشأت مؤخرا عوالم جديدة يتواصل خلالها أفراد المجتمعات فيما بينهم عبر وسائل سميت بالتواصل الاجتماعي وتعتمد على شبكة الانترنت، ثم انفرط عقدها بشكل كبير فتنوعت أسماؤها وطرائقها لينثال الناس عليها ويتزايدوا بشكل لحظي، إلى أن أضحت وسائل تقاطع بما أفرزته من إشكالات متعددة بين أفراد المجتمع في وقت كان يفترض بها أن تترك آثرا إيجابيا، سواء في علاقات الأفراد ببعضهم أو برفع مستواهم الفكري والثقافي، وهو ما استدعى تدخل الدولة بسلطانها لتشريع القوانين الحامية للمتعاملين مع تلك الوسائل أو مستغليها لأي غاية.

وقد اعتمدت تلك الوسائل في غالب محتوى ما تقدمه على أفكار القص واللزق والتكرار، كما أن كثيرا من المعلومات المتداولة بها تفتقد لصدق المعلومة ومرجعيتها من خلال عدم الإسناد لها أو ذكر مصدرها، فيما يتسابق المتلقون لإعادة طرح هذه المعلومة في حساباتهم أو قروباتهم دون محصها أو حتى قبل قراءتها أو فتح مقاطعها، فيستقي معلوماته من وكالة يقولون أو يزعمون، وعليه فلكم تم استغلال سذاجة المتلقين في نشر فكرة ما للإساءة لأحد الأشخاص أو الكيانات ببث معلومة كاذبة أو دعاية مغلوطة ضدهم، كما أنها تحوي انتهاكا صارخا لخصوصية كثيرين بتطفل من فقدوا حياءهم، ممن زاد جهلهم وقل ذوقهم، فنجد من يسارع لتوثيق كل ما يقع أمامه دون أي اعتبار لينشره في ذات اللحظة ليبلغ الآفاق قبل أن يبارح مكانه، فضلا عن نشره لأسرار أشخاص وبيوتات الناس وما يدور بها من التفاصيل الأخرى. وتبعا لذلك وزيادة في التجهيل وتسطيح فكر المجتمع ظهر علينا من أسموا أنفسهم مشاهير وسائل التواصل كمشاهير الانستقرام أو السناب أو غيرهما. ليطفوا معهم على السطح طبقات سعت لمجرد حب الظهور، تسيء لكل فئات المجتمع، بنشرهم أسوأ ما لديهم على العلن، وتقديمه للآخرين، سواء بمحتوى صورة أو فكرة مكتوبة أو موصوفة بالصوت والصورة، لتتشكل عن المجتمع صورة ذهنية لا تمحى بسهولة، بينما واقعه يعج بأهل العلم والمعرفة والتميز والذوق الرفيع، وقد صرفوا همهم لهذه المعاني فيما خلافهم يصولون ويجولون بكل أريحية دونما حسيب أو رقيب.

تذكرت نماذج في علوم ومعارف وميادين شتى، فيما هؤلاء يغشون الأسواق وأماكن التجمعات العامة وهم يجدون من يصفق ويطيل النظر إليهم بانبهار، ويطلب ودهم والتقاط الصور بمجاورتهم، وكأنهم من أولئك الفاتحين العارفين. في سني عمري الفارطة ومراحل دراستي المختلفة تعلمت دروسا على أيدي علماء بحق لا يشق لهم في تخصصهم غبار، ولا تعرفهم إلا القلة، وغيرهم الكثير والكثير ممن قدموا النافع والمفيد لأنفسهم ومجتمعهم وللبشرية جمعاء، مما يجعلهم مصدرا للاعتزاز والفخر، ثم أتحسر على ما نحن فيه من خفض للمرتفع ورفع للمنخفض، فما الذي فعلناه بعقولنا؟ وماذا فعلت بنا عقولنا؟

  • قد لا يتنبه البعض أن كثيرا من ممارسات الأشخاص القولية والفعلية عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعية تشكل جرائم تضعه تحت طائلة القانون

  • قامت كثير من الدول بإقرار الأنظمة الحامية لمنع الاعتداء على الحقوق الفكرية أو النشر أو التشهير بالغير، وتعد وسائل التواصل ميدانا لها حتى لو كان كل ذلك بأسماء مستعارة أو رمزية

  • يستغل كثير من الجماعات والتنظيمات الإرهابية أو المعادية جهل كثيرين بتبعات التوثيق لبعض المواقف المسيئة أو المواقع ذات الحساسية العالية أو بفعل فضول البعض لنشر الذائعات بين أفراد المجتمع والسعي لخلخلة وهدم مكونات الدول




[email protected]