أحمد صالح حلبي

متى ينال المتقاعد حقه؟

الخميس - 17 يناير 2019

Thu - 17 Jan 2019

الزائر لأي من المستشفيات الحكومية يرى كثيرا من المتقاعدين يقفون في طوابير، باحثين عن علاج لداء الكبر الذي أصابهم، بعضهم يشتكي من أمراض السكر والضغط، وآخرون يشكون ارتفاع الكوليسترول، أما الباقون فيعانون بين ألم القلب، وألم الشيخوخة، والألم النفسي.

ورغم أن وزارة الصحة بدأت في تقديم خدمة بطاقة أولوية لكبار السن بالمستشفيات، إلا أن هذا لا يعني حصول المتقاعدين على حقهم الأدبي، فكثير منهم يعاني من غدر الزمان، فما زالوا يسكنون وأسرهم في شقق بالإيجار، ولا يكاد مرتبهم التقاعدي يفي بمتطلبات الحياة اليومية التي تزداد كل يوم صعوبة، خاصة على من كانت لديه عائلة كبيرة.

وإن كانت القيادة الرشيدة ـ حفظها الله ـ لم تغفل هؤلاء المواطنين، ومنحتهم علاوة غلاء معيشة، لكنهم لم يكونوا أسوة بزملائهم الموظفين على رأس العمل، وهنا تكمن المشكلة، فمن كان على رأس العمل يتقاضى مرتبا يعادل في أحيان كثيرة ثلاثة أو أربعة أضعاف مرتب المتقاعد أو يزيد، كما أنه يحصل على علاوة سنوية وبدل مواصلات وغيره من البدلات.

أما المتقاعد فإنه ثابت على مرتبه دون أي زيادة تذكر رغم ارتفاع المعيشة، إضافة إلى حرمانه من العلاوة السنوية وبدل المواصلات، كما أنه محروم حتى من قروض الإسكان لموظفي الدولة، فمرتبه وسنه لا يسمحان له بالحصول على قرض السكن.

وإن طالب بعض المتقاعدين بالعمل في القطاع الخاص، فكم النسبة التي ستجد فرصة عمل؟ وكم المبلغ الذي سيتقاضاه المتقاعد؟

صحيح أن هناك متقاعدين استفادوا من خبراتهم العملية وحصلوا على وظائف مؤقته بالقطاع الخاص، لكن مرتباتها غير مجدية، ونجد كثيرا منهم مقترضين إما من أقاربهم أو صاحب البقالة، وبالكاد يمكنهم سداد قروضهم هذه.

والمؤلم أن فاقدي البصر الذين يحالون للتقاعد أكثر حاجة للريال والقرش، خاصة إن كان لهم أبناء صغار، وجراحهم النفسية تزداد كل يوم، لأنهم غير قادرين على العمل، أو حتى السير بمفردهم.

كل هذا يحدث للموظف السعودي المتقاعد، والمؤسسة العامة للتقاعد وبجانبها جمعية المتقاعدين في سبات عميق، لا تعرفان عن المتقاعد شيئا إلا اسمه مرة في العام!

فلماذا لا تسعى المؤسسة العامة للتقاعد بالتعاون مع جميعة المتقاعدين لبناء علاقات شراكة مع القطاعات الحكومية والأهلية كالخطوط السعودية وشركات الطيران السعودية الأخرى لمنح المتقاعدين تخفيضات على تذاكر السفر المحلية والخارجية مثلا؟

ولماذا لا تتبنى الجمعية مشروعا يوازي مشروع «بطاقة أولوية» الذي تنفذه وزارة الصحة لكبار السن، بمشروع يطلق لصالح المتقاعدين يمنحهم الحصول على إعفاءات من بعض الرسوم الحكومية والاشتراك، ويحصلوا على تخفيضات في الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية؟

وليت الجمعية قبل أن يبدأ أعضاؤها في بث دعاياتهم الانتخابية للفوز بمقعد مجلس الإدارة تسعى للاستفادة من تجربة أرامكو السعودية في تعاملها مع موظفيها المتقاعدين، فرغم تقاعدهم وبعدهم عن العمل، إلا أن الشركة على تواصل معهم، لأنها تقدر ما قدموه من أعمال وتضحيات طوال فترة عملهم.

فمتى يأتي اليوم الذي نرى فيه المتقاعد قد نال حقه الأدبي قبل المادي؟

[email protected]