أحمد صالح حلبي

أين كانت وزارة النقل؟

الخميس - 10 يناير 2019

Thu - 10 Jan 2019

تحت عنوان «النقل ترفض تسلم دائري مكة الثالث لمخالفته المواصفات»، نشرت هذه الصحيفة بعددها الصادر السبت 15 ربيع الأول 1440، 24 نوفمبر 2018، خبرا عن «رفض وزارة النقل تسلم الطريق الدائري الثالث بمكة المكرمة من شركة المقاولات المنفذة له بسبب سوء تنفيذه، وعدم مطابقته للمواصفات، وأوضحت الوزارة أنه لن يجري تسلم الطريق إلا بعد الانتهاء من كل الملاحظات المذكورة حوله».

وقبل السؤال عن ملاحظات وزارة النقل على المقاول المنفذ للمشروع، ثمة سؤال يطرح: أين كانت وزارة النقل طوال الفترة الماضية؟

أما رفض تسلم المشروع فليس الأول على مقاولي المشاريع الحكومية، ولن يكون الأخير على مستوى المملكة، فتعثر المشاريع الحكومية أصبح سمة بارزة بكل وزارة ومدينة سعودية، وهناك أسباب أوضحتها هيئة تطوير الرياض في تقرير لها صدر في الربع الثالث من 2018، إذ بينت أن هناك خمسة أسباب تؤدي إلى تأخر وتعثر المشاريع، من أبرزها ضعف الإمكانات الفنية والمادية للمقاول، والتي احتلت نسبة 82% من الأسباب، تلي ذلك المعوقات الإدارية والتنظيمية بنسبة 12.2%، فيما توزعت الـ 8% المتبقية على أسباب ثلاثة أخرى.

ووفقا لذلك فإنه لا يمكن اعتبار المقاول مخطئا في عدم تنفيذه للمشروع وفقا للمواصفات، بل الخطأ يكمن في وزارة النقل التي لم تنظر لإمكاناته وقدراته على تنفيذ مشروع كهذا.

وإن كانت وزارة النقل صاحبة المشاريع الضخمة، والخبرات العالية، قد حدث لها ما حدث في هذا المشروع وأعلنت عنه، فمن المؤكد أن هناك مشاريع أخرى تعاني المشكلة نفسها ولم يحن الوقت للإعلان عنها.

وما أوضحته هيئة تطوير منطقة الرياض من أن أبرز أسباب تعثر المشاريع الحكومية ضعف إمكانات المقاول، يجعلنا نطالب بضرورة العمل على إعادة تصنيف مقاولي المشاريع الحكومية، ووضع معايير ودرجات تحدد قدرة كل مقاول، وإعادة النظر في قضية مقاولي الباطن الذين أخذت أعدادهم في التزايد، ويعمل جلهم على تنفيذ المشاريع بأقل الأسعار وبجودة أقل، فهدفهم منحصر في الربح المالي لتعويض ما دفع لقاء تنازل المقاول الرئيسي.

ولا بد أن يتدخل ديوان المراقبة العامة بصلاحية أقوى في مناقصات المشاريع المطروحة، وأن تكون له الصلاحية في دراسة المشاريع ومواصفاتها، وصلاحية رفض المقاول أو قبوله، وأن توجه المشاريع الحكومية للمقاولين المؤهلين دون النظر للسعر الأقل، فالسعر الأقل عادة يأتي بجودة أقل ورديئة. وأن تعيد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مطالبتها بوضع لوحات توضيحية للمشاريع الجاري تنفيذها، كتلك التي كانت توضع قبل سنوات، توضح اسم المشروع، والجهة المنفذة له، ومدة التنفيذ، واسم المقاول.

فدورها أي الهيئة «حماية النزاهة، وتعزيز مبدأ الشفافية، ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه». ورسالتها «التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة وغيرها من العقود المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد أو أنه أبرم أو يجري تنفيذه بالمخالفة لأحكام الأنظمة واللوائح النافذة. واقتراح الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد ومكافحته وإجراء مراجعة دورية للأنظمة واللوائح ذات الصلة، لمعرفة مدى كفايتها والعمل على تطويرها والرفع عنها بحسب الإجراءات النظامية».

[email protected]