فيصل الحويل

تدوير وجوه

الاثنين - 07 يناير 2019

Mon - 07 Jan 2019

قبل عدة أيام، كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء عن إحدى المناسبات التي تتضمن جلسات حوارية عدة ومتحدثين سينقلون تجاربهم للحضور والمهتمين. فسألته عن رغبته واهتمامه بالحضور، وبمجرد أن سألته انهمرت كلماته وتحدث عن شعوره بالإحباط من الفعاليات والمناسبات المقامة مؤخرا التي تحتوي على منصة للمتحدثين أو جلسات حوارية. تعجبت من شعوره بالاستياء، على الرغم من أن إقامة مناسبات وفعاليات من هذا النوع مثرية فكريا وبصريا، وازددت فضولا لمعرفة الأسباب، لكن بمجرد استهلاله الحديث بدأت إدراك وجهة نظره المثيرة للاهتمام شيئا فشيئا.

تحدث لي عن قصة نجاح أحد أبناء جيرانه، وقصة أخرى عن كفاح أحد أقاربه، ثم طرح تساؤلات عدة أتت تباعا بنبرة مباشرة، قائلا «متى يكون لهؤلاء منبر للحديث عن نجاحهم وكفاحهم وإبداعهم وتألقهم؟ ولماذا تختلف المناسبات والفعاليات والأحداث لكننا نرى الوجوه والشخصيات نفسها تتبادل الأدوار؟ مرة متحدثين ومرة أخرى يديرون الحوار؟ وكم من ملهم وملهمة إبداعهم يسكن وسط الظلام ولم نعمل بما يكفي لنصل إليهم؟ إن لم يكن تويتر منبرا لهم هل هذا يعني ألا نقوم بالبحث عنهم وإبرازهم؟ وهل يجب أن يستخدموا تويتر ويبالغوا في خانة الوصف الخاصة بهم ليتم الاهتمام بهم وتسليط الضوء عليهم؟». شعرت بجدية حديثه ومشاعره، خاصة أنه - بحكم عمله - يحضر فعاليات ومناسبات مختلفة، مما جعل لرأيه ومشاعره مصداقية أكبر انعكست على ملاحظاته وحسه النقدي العميق.

حقيقة، أثارت تساؤلاته اهتمامي، وتذكرت مباشرة مبادرتين قمنا بالعمل عليهما مع بعض الزملاء، واحدة في الولايات المتحدة، والأخرى في أوروبا، لاكتشاف وجوه مبدعين سعوديين جدد على هامش زيارات رسمية عدة، وفعلا تم ذلك بإنتاج مجموعة قصص حظيت بصدى وتفاعل كبيرين لشباب وشابات قدوة بمجالاتهم وأصحاب قصص ملهمة وتجارب تستحق المشاركة والانتشار. ذلك التفاعل كان له عظيم الأثر والتأثير علينا كفريق عمل نحو زيادة الشغف بالبحث والتقصي أكثر وأكثر عن مبدعين، وأثر ذلك على أبطال العمل أنفسهم - الوجوه الشابة المميزة الجديدة - الذين وجدوا اهتماما وتقديرا يرفعان سقف طموحاتهم ويزيدان ثقتهم بأنفسهم، وعلى المجتمع ككل الذي أصبح يرى مواهب متجددة علما وعملا ومضمونا ومحتوى، ومخرجات سعودية متألقة داخل وخارج المملكة على أعلى مستوى.

البحث عن قصص نجاح ومبدعين جدد واكتشاف سعوديين ملهمين في مجالات ومواقع مختلفة وتسليط الضوء عليهم هي استثمار حقيقي وقوة ناعمة عظيمة وقيم مضافة مستدامة قادرة على أن تكون قدوة للشباب، وإرسال رسالة بأن لكل ناجح مكانة واهتماما، لجعل كل مجال محدثا بأسماء أكثر وبشكل مستمر دون تكرار ودون تدوير للوجوه، فالمملكة ولادة دائما وأبدا للموهوبين والملهمين الذين ينتظرون الفرصة فقط، وواجبنا البحث عنهم وتسليط الضوء عليهم.

_FAlHowail @