عبدالله الأعرج

وزير التعليم.. قيادة التحول وحسن الاستهلال

الاحد - 06 يناير 2019

Sun - 06 Jan 2019

قبل أسبوع من يومنا هذا كتبت هنا عن التغيير، وكيف أن هذا الإكسير العجيب يصنع المعجزات على الصعيد النفسي للفرد وعلى روح العمل للمنظمات.

وها نحن اليوم نعيش تغييرا جديدا في بعض المناصب القيادية العليا بالدولة، إيمانا من قيادتنا الرشيدة بقيمة هذا العنصر في استمطار كثير من المكاسب السريعة التي تتوافق مع طبيعة المرحلة وحاجة الوطن والمواطن.

وغني عن القول إن نهضة البشرية قاطبة - بعد مشيئة الله - مرتهنة بصلاح قيمها التعليمية التي حينما تصلح يصلح معها كل شيء، صحة وصناعة وتجارة واقتصادا وعملا وتنمية اجتماعية وإسكانا واتصالا ونقلا، وكل أمر دنيوي غير ما ذكر، فتغدو الحياة بهيجة وجميلة بجمال العلم الذي تلقته من روافد التعليم في أي بقعة من بقاع الأرض، سواء كانت قرية في سفح جبل أو مدينة على ضفة نهر.

وها هي القيادة الرشيدة توكل حقيبة وزارة التعليم للدكتور حمد آل الشيخ، هذا الوزير المحنك الذي عرف التعليم عن قرب وعمل به سنين طويلة بعد حصوله على الدكتوراه من درة الجامعات Stanford University فكان من أوائل تصريحاته بتويتر «لنعمل معا على تجاوز التحديات وقيادة التحول وتطوير الأداء في منظومة التعليم».

ولمن لم يقدر له حضور دورة أو محاضرة عن قيادة التحول، أقول بأبسط عبارة إنها القيادة القائمة على نظرية التغيير والعمل بروح الجماعة ومشاركة الميدان وتعزيز الانتماء للعمل، وإشعار كل فرد بالمنظمة أنه قائد في موقعه من خلال الإلهام والتمكين لتواجه المنظمة التحديات بروح واحدة يجمعها الرأي العقلاني والدافعية المتقدة لتحقيق أهداف المنظمة.

بداية الوزير بهذا الجمال ومن خلال نظرية القيادة التحولية ترسل - بتقديري - رسائل عدة، من أهمها:

أولا: إيمان القيادة الرشيدة بقيمة وأهمية التعليم ووضعه في أولويات الاهتمام الكريم.

ثانيا: إدراك الوزير أن النموذج الأنسب للمرحلة الذي سيتوافق مع الرؤية هو العمل التشاركي (Collaborative Work) من خلال فرق عمل متنوعة تبين أهم التحديات وتحدد بدقة أثرها في منظومة الأداء التعليمي ثم تقترح جماعيا الحلول لتجاوزها أو التخفيف من أثرها وصولا للتطوير المنشود.

ثالثا: الإدارة التحولية تؤمن أيضا بقيمة الفرد في المنظمة، وهنا نتحدث تحديدا عن المعلم بصفته العنصر الأبرز في مكونات العمل التعليمي، ولذلك فإنني لن أكون مندهشا من ظهور اللمسة الشخصية للمعلمين وأساتذة الجامعات والمدربين في القرارات المستقبلية لوزارة التعليم شريطة أن تكون فاعلة ومحققة للأهداف التي على رأسها الرفع من كفاءة التعليم والتدريب بكل أشكاله.

رابعا: لدي تفاؤل كبير بأن توجها نحو قيادة التحول سيخلق مواكبة لاحتياجات العصر من التعليم والمعرفة، وبلغة أبسط أن مستهدفات الرؤية المباركة التي تضع من ضمن أجنحتها الاقتصاد المزدهر ستتبلور جليا من خلال ربط التعليم بسوق العمل والتعديل النوعي والكمي في المدخلات التعليمية intakes لتلبي حاجة الوطن من المهن والتقنيات التي تمهد لعصر جديد وتخلق فكرا ثقافيا وطنيا لدى الطالب والمتدرب بأن الأوطان تقوم على أكتاف شبابها المدرب جيدا، وأن العمل سيتحول لفكر إيجابي قويم وليس مجرد وظيفة للعيش.

أخيرا: أنا على ثقة أن التغيير هذا العنصر المهيب والأساسي في قيادة التحول سيغشى بشكل إيجابي كل أعمال الوزارة، وربما أننا على موعد مع استحداثات وتعديلات وتحويرات وربط لعدد من التشريعات والأنظمة لتواكب توجيهات ولاة الأمر السديدة وطبيعة المرحلة ونظرة المستقبل الطموحة.

الآمال لا تكاد تنفد، و كذلك التطلعات لتعليم تحولي استهلال إبداعي من العيار الثقيل. وما ذكرته غيض من فيض في منظومة الفكر القيادي التحولي الذي أؤمن أن معالي الوزير على معرفة تامة بدقائقه. ولعلي أستبشر مع أبنائنا الطلاب والمتدربين بمرحلة واعدة، فأقول ما قاله أمير الشعراء شوقي:

قل للشباب اليوم بورك زرعكم

دنت القطوف وذللت تذليلا