برجس حمود البرجس

الضرائب والوظائف والجزء المفقود

الأربعاء - 02 يناير 2019

Wed - 02 Jan 2019

اقتصادنا ضخم وقوي جدا بحسب الأرقام المذكورة في هذا المقال، ولكن شركاتنا بحاجة للمشاركة بزيادة «المحتوى المحلي» لتتوافق أهداف الشركات مع طموحات المملكة في تطوير الاقتصاد وتوفير الوظائف المجدية ذات الرواتب العالية، الأرقام أدناه توضح حجم مشتريات السكان والمشتريات الحكومية ومشتريات الشركات من بعضها.

قبل استعراض الأرقام، لنتذكر أن الشركات المحلية تتداول السلع والخدمات في مراحلها الأخيرة (أي ما قبل البيع)، حيث يتم استيراد المنتجات مكتملة التصنيع والخدمات مكتملة التطوير من خارج المملكة، فقط تقوم شركاتنا على تجهيزها وبيعها، ولذلك نسبة «المحتوى المحلي» منخفضة.

عادة، نستخدم مؤشر «الناتج المحلي الإجمالي» لقياس الاقتصاد، ولكن هذه المرة سأستخدم مؤشرات أخرى لأننا نوضح حجم المبيعات والمشتريات التي نود مقارنتها بمشاركتنا في إنتاجها والوظائف المشاركة في إنتاجها وتسويقها وبيعها.

واردات المملكة من الخارج تصل إلى أكثر من 500 مليار ريال سنويا، وعمليات شرائية لسلع وخدمات خضعت لضرائب القيمة المضافة لأكثر من 910 مليارات ريال سنويا، ووعاء زكوي للشركات السعودية بـ 800 مليار ريال، وصافي أرباح شركات أجنبية بنحو 50 مليار ريال، أي إن إيراداتها أكثر من 500 مليار ريال، وأعمال تم عمل جلها خارج المملكة بنحو 120 مليار ريال خضعت لضريبة الاستقطاع. طبعا هذه الأرقام لا تُجمع فبعضها متداخل، ولكنها توضح الأبعاد المتعلقة بالاقتصاد التجاري المحلي المعني بالوظائف.

تفاصيل الأرقام أعلاه، كما ورد في البيانات المرافقة لميزانية العام المنتهي 2018، ومن المتوقع وصول الضرائب إلى 166 مليار ريال مع نهاية العام. فحجم ضريبة القيمة المضافة متوقع وصوله إلى 45.6 مليار ريال، وهذا يمثل 5% لعمليات شرائية لسلع وخدمات تصل قيمتها إلى 912 مليار ريال خلال سنة واحدة فقط، ناهيك عن بعض الاستثناءات الضريبية وعدم إلزام أصحاب المحلات التي لا تصل مبيعاتها لأكثر من مليون ريال بتحصيل ضرائب على مبيعاتها. أما ضريبة الدخل على الشركات غير السعودية وضريبة الاستقطاع فمتوقع أن تصل إلى 16.1 مليار ريال، هذا يعني أن صافي أرباح الشركات الأجنبية يصل تقريبا إلى نحو 50 مليار ريال، ولكي نعرف حجم هذه الأرباح فهي تعادل تقريبا نصف أرباح الشركات المتداولة في سوق التداول السعودي، وضريبة الاستقطاع استقطعت من نحو 120 مليار ريال جلها حُول لخارج المملكة لأعمال هناك أو

استقطاع من حوالات أرباح وخدمات. أما إيرادات الزكاة والتي ستصل بمشيئة الله إلى نحو 20 مليار ريال، فهي كما نعلم 2.5% من وعاء زكوي للشركات والشركاء السعوديين يصل حجمه إلى 800 مليار ريال.

هذه الأرقام (تمثل حركة السوق) تتكرر سنويا وسترتفع كل سنة، لم تستطع من خلالها الشركات حتى اليوم إلا توظيف أقل من مليوني سعودي وسعودية في القطاع الخاص، مجموع رواتبهم السنوية 170 مليار ريال بمتوسط رواتب 7300 ريال شهريا، القطاع الخاص يفترض أن يكون الموظِف الأول والأكبر، وليس القطاع الحكومي والقطاع الخيري.

الجزء المفقود هو ضعف «المحتوى المحلي»، فالشركات تستورد السيارة والطائرة والقطار مصنعة وجاهزة للبيع قبل وصولها للموانئ السعودية، ومن ثم توفر وظائف فقط لمن يقوم على بيعها. كذلك المعدات والأجهزة والالكترونيات والبرمجيات والخدمات والمواد الغذائية، إلا القليل من بعض المواد الأساسية.

الشركات توفر وظائف فقط لما بعد التجهيز ولا تعمل على زيادة «المحتوى المحلي» الذي يخلق الوظائف المجدية والمنتجة. طبعا، رفع المحتوى المحلي يحتاج إلى استثمارات عالية في البحوث والتطوير، وتقنيات وتكنولوجيا متقدمة في التصنيع والبرمجيات، وهذا بعيد كل البعد عن الشركات المحلية في «القطاع الخاص».

Barjasbh@