علي الخبتي

العالم الأول يتسبب في الانبعاث الحراري وينسحب من معاهداته!

الاحد - 30 ديسمبر 2018

Sun - 30 Dec 2018

تتجاهل الدول العظمى التي لها الدور الأساسي في التغير المناخي والانبعاث الحراري على سطح الكرة الأرضية التقارير العلمية التي تصدر من العلماء والخبراء والباحثين حول خطورة التغير المناخي الذي يشكل المشكلة الأولى على مستوى العالم. ليس هذا فحسب، بل تنسحب من معاهدات الانبعاث الحراري التي وقعتها دول العالم كافة للحد من هذه المشكلة البيئية المدمرة. وفي هذه المؤتمرات المتعلقة بالتغير المناخي في باريس 2015، وفي مراكش 2016 وفي بون 2017، وأخيرا في كاتويس ببولندا في الفترة بين 1و15 ديسمبر 2018 ناقشت دول العالم خطورة هذه المشكلة وحددت أسبابها والدول المتسببة فيها ووضعت الحلول لها، إلا أن الدول المتسببة في هذه المشكلة لم تتفاعل معها ولا تتجاوب مع نتائجها، بل انسحبت من معاهداتها.

وعلى سبيل المثال وقع الرئيس أوباما في مؤتمر باريس 2015 مع بقية دول العالم هذه المعاهدة إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية عادت وانسحبت منها في عهد الرئيس ترمب. ويقول علماء البيئية إن مئة مليون نسمة سيموتون في العشرين سنة المقبلة فقط بسبب التغير المناخي والانبعاث الحراري، ومعظم هؤلاء سيكونون من الدول النامية، وهذا منتهى الظلم أن تتسبب مصانع دول العالم الأول التي ترتقي باقتصادها وتتسبب في رفاهية شعوبها في موت مواطني الدول النامية.

والمشكلة أن دول العالم الأول هي المسيطرة على المؤسسات والمحاكم والمنظمات الدولية التي تحاسب المتسببين في إحداث الأذى ومن أي نوع للعالم. والسؤال الكبير من يحاسب هؤلاء؟ والسؤال الكبير الآخر: أين المبادئ والقيم والمثل العالمية مثل المحبة والسلام والتسامح والتعايش التي تتشدق بها دول العالم الأول؟! هذا التناقض العجيب في سلوك دول العالم الأول يؤدي إلى الدهشة والاستغراب.

ونسأل: لماذا يضيع العالم وقته في عقد المؤتمرات وتوقيع المعاهدات على سلامة البيئة العالمية والحد من مشكلات الانبعاث الحراري طالما أن المعنيين بهذه المشكلة بالدرجة الأولى لا يوقعون هذه المعاهدات ولا يعملون مع بقية دول العالم لإنقاذ البشر المتضررين؟ ونسأل أيضا عن الأنانية المتناهية لدول العالم الأول المتسببة المستمرة في بناء اقتصادها على جماجم الآخرين؟ كيف تقبل هذا الأمر وهي التي تتحدث في كل منتديات العالم ومنظماته ومؤتمراته عن حقوق الإنسان وكرامته وسلامته؟

تقول التقارير إن أول المتسببين في هذه المشكلة الولايات المتحدة والصين. وتقول التقارير أيضا إنه على الرغم من توقيع أكثر من 160 دولة على معاهدة الحد من الانبعاث الحراري إلا أنه لم تتم معالجة أكثر من 30% فقط من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولهذا أرى أن تمارس أكثر من 150 دولة وقعت اتفاقية الانبعاث الحراري الضغوط وبشكل مستمر على الدول المتسببة بشكل أكبر للعمل على الحد من هذه المشكلة، وأن تذكرها بما تؤمن به من القيم والمثل التي تحفظ كرامة وسلامة البشر، وبمبدأ حقوق الإنسان الذي تنادي به، وأن ما تفعله من استمرار تسببها وبشكل كبير في هذه المشكلة البيئية الكبيرة يتنافى بشكل مباشر وعلني مع ما تنادي به من مبادئ وقيم حقوق الإنسان.

وأرى أيضا أن استمرار هذه المشكلة جريمة إنسانية لا تغتفر. حجة تلك الدول في عدم استجابتها لحل هذه المشكلة أن ذلك يضر باقتصادها الذي يتسبب في موت عشرات ملايين البشر حجة لا أظنها مقبولة، وهي غير منطقية. وبإمكان هذه الدول بما تملكه من أدوات التقنية والبحوث والدراسات الجمع بين المحافظة على اقتصادها وحل هذه المشكلة البيئية المدمرة وإنقاذ حياة البشر المتضررين في الوقت نفسه. لن يقبل العالم أن تستمر هذه الدول في عنجهيتها التي تتسبب في كوارث بشرية مدمرة. فهل يستيقظ ضميرها؟!

Dralkhabti@