محمد علي العاوي

القرارات الملكية تنشر التفاؤل وتؤكد التحديث

السبت - 29 ديسمبر 2018

Sat - 29 Dec 2018

أكدت الأوامر الأخيرة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد نظر القيادة الحكيمة ونفاذ بصيرتها، وتركيزها على تطوير دولاب العمل الإداري، وما حملته من مضامين تشير بوضوح إلى الحرص على تعزيز التنمية، والاستفادة من الكفاءات العلمية والإدارية من أبناء هذا الوطن؛ لرفع مستوى الأداء، وتحقيق التنمية، ذلك أنها لم تركز على جانب دون آخر، بل جاءت شاملة ومؤكدة في ذات الوقت على فعالية أدوات تقييم الأداء، وقوة معايير المراقبة، وجددت مرة أخرى الرغبة الصادقة المتجذرة في ضخ دماء جديدة في شرايين العمل العام. فإعادة تشكيل مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد، أتت ضمن المنظومة التطويرية التي تهدف إلى الارتقاء بالعمل في هذه المجالات باستصحاب المتغيرات التي يشهدها العالم من حولنا، كما أن إعادة تشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يصب في الاتجاه نفسه، ويهدف إلى ضم كوادر جديدة تكون أكثر قدرة على تنفيذ متطلبات خطة التحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030.

وإضافة إلى حركة التغيير الواسعة في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، فإن أبرز ما احتوت عليه القرارات إنشاء ثلاث هيئات منفصلة، إحداها للمعارض والمؤتمرات، وهي هيئة في غاية الأهمية، ولا سيما في هذا العصر الذي تتوجه فيه الدولة نحو تفعيل دور السياحة وزيادة مردودها، في إطار ما نادت به رؤية 2030، لإيجاد مصادر دخل جديدة وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، وتعزيز قيم ومبادئ التنمية المستدامة التي تضمن عدم استنزاف الموارد، وضمان استفادة الأجيال المقبلة منها. كذلك فإن إنشاء الهيئة السعودية للفضاء يستمد أهمية خاصة من ضرورة زيادة الاهتمام بكل ما يتعلق بالنشاط الفضائي الذي يكتسب أهمية كبرى في هذا العصر، أما هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية فإن إنشاءها يأتي في ظل سياسة الدولة الواضحة نحو تعزيز قيم الشفافية ومحاربة الفساد. وهذه الهيئات الثلاث بلا شك سوف تكون أكثر قدرة على تنفيذ المهام المنوطة بها، ولا سيما في ظل انشغال الوزارات بمهام أخرى وتعقيدات كثيرة، كما أن من شأن ذلك توفير عديد من الفرص الوظيفية لأبناء وبنات الوطن.

لذلك فإن صدور هذه الأوامر الكريمة في هذا التوقيت يؤكد بوضوح مدى قرب خادم الحرمين الشريفين من المواطن وشعوره به، وتلمس حاجاته والتعرف على رغباته، وهي ميزة أساسية لقيادتنا الرشيدة تجسد التلاحم القوي بينها وبين شعبها الوفي، وتؤكد رسوخ علاقة الحب والولاء والانتماء بين الحاكم والمحكوم، وهو ما يمنحها القدرة الفائقة على استمرار التقدم والتطوير في جميع مفاصل قوتها بشكل متوازن، وتحديث أنظمتها الإدارية، جنبا إلى جنب مع تواصل مسيرتها لتعزيز اقتصادها. لذلك فإن السعي الحثيث وراء تجويد الأداء ورفع معدلاته، وتزايد تطلعات أبناء هذه البلاد المباركة يدفعان القيادة إلى هذا الحراك المتواصل الذي يشير إلى أن بلادنا تسير على الطريق الصحيح لتنفيذ رؤية 2030 التي رفعت سقف الطموحات والآمال، بسبب اعتمادها على معطيات حقيقية مستمدة من أرض الواقع، تم مزجها مع آمال وأحلام قابلة للتحقق، لأن من أشرفوا على إعدادها راعوا أن تتسم بالتمرحل، وأن يتم وضع أهداف محددة لتنفيذها وفق برنامج زمني صارم، بعد توفر معطيات بعينها، ومن ثم ينتقل الهدف المرجو إلى نقطة أخرى، وهذا التمرحل يتطلب بطبيعة الحال وجود أشخاص لهم مواصفات وقدرات محددة.

ختاما يمكن القول إن هذه القرارات الكريمة التي استبشر بها الشعب السعودي قاطبة لم تركز فقط على مصلحة جيل اليوم، بل أخذت في حسبانها مستقبل أجيال قادمة ستنعم بخير التخطيط السليم نهجا وتطبيقا ومبدأ. لذلك فإنها تحمل سمات عهد نماء ورخاء وتنمية بحول الله، وسبب هذا الاستبشار يعود إلى إيمان هذا الشعب بحكمة قيادته الرشيدة التي لم تدخر وسعا في سبيل إسعاده وتحقيق تطلعاته، والسعي لكل ما من شأنه خير هذه البلاد ومصلحة إنسانها. وهو ما جعل الشعب الوفي يتسابق في تقديم كل أشكال الولاء والطاعة، وإظهار وفائه وانتمائه لأرض الحرمين الشريفين.

drmawi@