عبدالله المزهر

موهبة الحاج دونالد..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 25 ديسمبر 2018

Tue - 25 Dec 2018

يقال في الأمثال إن الساعة الواقفة تعطي التوقيت الصحيح مرتين في اليوم، أي إنه لا شيء خال تماما من المميزات، ولا أحد خال تماما من القدرات والمواهب. الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعد تمحص وجدت أن فيه موهبة عظيمة نالت استحساني وإعجابي وأعكف على التدرب عليها. هي بالفعل ما أحتاجه، خاصة أن بيني وبين الأخ دونالد بعض القواسم المشتركة التي لا تخفى على العين الفاحصة البصيرة.

الرئيس الأمريكي يجيد بمهارة عالية فن «التسليك لنفسه»، وهذه الموهبة تحتاجها حين لا يؤمن أحد بقدراتك ولا بقراراتك ولا بأفكارك. أما حين تجد من يقدر مواهبك فإنك لن تحتاج لتلك الموهبة لأن الآخرين سيقومون بتسويقك وترويج أفكارك للعالمين.

يفكر في كلام، ثم يعجب به ثم يكتبه في تويتر ثم يقول إن الآخرين معجبون به أيضا ولكنهم لا يعبرون عن ذلك صراحة لأنهم حاقدون.

والذين يملكون هذه الموهبة في «التسليك لأنفسهم» غالبا ما يكونون أيضا بارعين في تسويق فكرة «الآخرون يكرهونني ويحاربونني لأني أفضل منهم». ولذلك تجد الرئيس الأمريكي يشتكي من قلة أعداد الذين يتابعونه في تويتر، وأن ذلك بسبب مؤامرة من تويتر جعلت تزايد أعداد متابعيه لا يحدث بصورة تتلاءم مع شخصية «المخلص» التي يرى فيها نفسه.

برزت موهبته أيضا في تصريحاته السابقة عن السعودية وأنها ستدفع مقابل الحماية، كان «يسلك لنفسه» لا أكثر، لأنه في مكان آخر سلك لنفسه بطريقة أخرى حين عبر عن خوفه وقلقه من أن تذهب «الاستثمارات» السعودية إلى دول أخرى.

وتأخذ موهبته الفريدة بعدا جديدا في تصريحه الأخير الذي يقول فيه بأنه «أقنع» السعوديين بأن يمولوا إعادة إعمار سوريا.

مع أن السعوديين ليسوا بحاجة إلى مهاراته الخارقة في فن الإقناع فيما يتعلق «بالإعمار» في أي مكان في العالم، خاصة في العالمين العربي والإسلامي، السعودية تبني وتعمر أينما حلت وحيثما ولت وجهها. بل إن من المآخذ على السعودية أنها تفعل ذلك دون حسابات سياسية ودون تفكير في مكاسب ولا شراء الولاءات كما تفعل كل بلدان العالم. لكنه لا بد أن يقول ذلك حتى يصنع لنفسه انتصارا «تسليكيا» آخر.

وعلى أي حال..

قد أستغرب ـ ليس كثيرا ـ لو كتب الرئيس الأمريكي تغريدة يقول فيها بأنه استطاع إقناع السعودية باستضافة الحج في هذا العام على أراضيها. لكني لن أستغرب مطلقا لو وجدت من يأخذ هذه التغريدة على محمل الجد ويعتبرها دليلا على التبعية لأمريكا وأن السعودية لا تتصرف إلا وفق ما تمليه عليها أمريكا.

agrni@