الإيمان ومؤشر الدجاجة والقهوة!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الأحد - 23 ديسمبر 2018
Sun - 23 Dec 2018
أحد الأصدقاء لديه مؤشراته الخاصة التي يقيس من خلالها الأشياء، لا تعنيه المؤشرات التي يسمعها في نشرات الأخبار ولا في مناهج الاقتصاد والسياسة والاجتماع، على سبيل المثال إنه يعتقد أن مستوى المعيشة أقل من السابق وأن مؤشراته الخاصة تدل على هذا التغير غير اللطيف في مستوى معيشة الأفراد.
من أهم المؤشرات العلمية التي يعتمد عليها هو أن ثمن كوب القهوة أصبح أعلى من ثمن الدجاجة، وهذا في رأيه خلل في موازين الأمور ومؤشر خطير. حين يصبح الحصول على كوب قهوة مدعاة للتباهي والاستعراض أمام الآخرين فإن خللا ما في مكان ما لا بد أن يتم إصلاحه.
ومع أني لست من عشاق القهوة عموما ورغم أن مؤشرات صديقي تبدو للوهلة الأولى «داجة» بعض الشيء، إلا أني بعد قليل من التدبر بدأت أقتنع أنها أكثر عمقا مما أتوقع.
والحقيقة أن لدي أيضا مؤشرات خاصة تشبه مؤشر الدجاجة والقهوة، أستعين بها في فهم الحياة والناس وكيف تسير الأمور.
من هذه المؤشرات ما أسميه مؤشر الإحباط، لأني أعتقد أن من مسببات الإحباط والكف عن التفاؤل أن يتحدث مسؤول في يده قرار ـ أو هكذا يبدو ـ مثلما يتحدث المواطن العادي الذي يتلقى القرارات ولا يصدرها.
شاهدت وزير العمل ـ على سبيل المثال ـ يتحدث عن «أمنياته» بأن يرفع القطاع الخاص رواتب السعوديين وأن يعطيهم ما يستحقون، والحقيقة أن هذه مثل أمنياتنا التي نتحدث عنها في استراحتنا أثناء توقفنا المؤقت عن شتم بعضنا في إجازة نهاية الأسبوع. نحلم بهذه الأشياء ونتمنى أن نراها واقعا، ثم حين ندرك أنه ليس في أيدينا ما نفعله أكثر من الأمنيات نعود إلى ممارسة ما نتقنه، وهو في هذه الحالة لعب البلوت وتبادل الشتائم.
الوزير يتمنى مثلنا مع أنه في مكان يسمح له بأن يحقق هذه الأمنية، أو أن «يعمل» على تحقيقها، لكن الحقيقة أن وزارة العمل «تتكلم» كثيرا.
وبدا لي أن عملها الحقيقي هو تبرير عدم وجود الوظائف وارتفاع نسب البطالة، وليس العمل على خلق الوظائف ثم «التمني» رواتب أعلى للناجين من طوفان البطالة.
وعلى أي حال..
الناس يؤمنون بما يشاهدونه على أرض الواقع أكثر من إيمانهم بما يسمعونه في المؤتمرات الصحفية، وهذه مشكلة لا بد من حلها، وأعني بالطبع مشكلة قلة إيمان الناس بالمؤتمرات والعروض التقديمية. وإن من كمال هذا الإيمان ـ على سبيل المثال ـ أن يقتنع العاطل بالوظيفة وتعجبه ويفرح بها حتى وإن لم يكن لها وجود. فأعظم الإيمان هو التصديق بما لا يشاهد.
agrni@
من أهم المؤشرات العلمية التي يعتمد عليها هو أن ثمن كوب القهوة أصبح أعلى من ثمن الدجاجة، وهذا في رأيه خلل في موازين الأمور ومؤشر خطير. حين يصبح الحصول على كوب قهوة مدعاة للتباهي والاستعراض أمام الآخرين فإن خللا ما في مكان ما لا بد أن يتم إصلاحه.
ومع أني لست من عشاق القهوة عموما ورغم أن مؤشرات صديقي تبدو للوهلة الأولى «داجة» بعض الشيء، إلا أني بعد قليل من التدبر بدأت أقتنع أنها أكثر عمقا مما أتوقع.
والحقيقة أن لدي أيضا مؤشرات خاصة تشبه مؤشر الدجاجة والقهوة، أستعين بها في فهم الحياة والناس وكيف تسير الأمور.
من هذه المؤشرات ما أسميه مؤشر الإحباط، لأني أعتقد أن من مسببات الإحباط والكف عن التفاؤل أن يتحدث مسؤول في يده قرار ـ أو هكذا يبدو ـ مثلما يتحدث المواطن العادي الذي يتلقى القرارات ولا يصدرها.
شاهدت وزير العمل ـ على سبيل المثال ـ يتحدث عن «أمنياته» بأن يرفع القطاع الخاص رواتب السعوديين وأن يعطيهم ما يستحقون، والحقيقة أن هذه مثل أمنياتنا التي نتحدث عنها في استراحتنا أثناء توقفنا المؤقت عن شتم بعضنا في إجازة نهاية الأسبوع. نحلم بهذه الأشياء ونتمنى أن نراها واقعا، ثم حين ندرك أنه ليس في أيدينا ما نفعله أكثر من الأمنيات نعود إلى ممارسة ما نتقنه، وهو في هذه الحالة لعب البلوت وتبادل الشتائم.
الوزير يتمنى مثلنا مع أنه في مكان يسمح له بأن يحقق هذه الأمنية، أو أن «يعمل» على تحقيقها، لكن الحقيقة أن وزارة العمل «تتكلم» كثيرا.
وبدا لي أن عملها الحقيقي هو تبرير عدم وجود الوظائف وارتفاع نسب البطالة، وليس العمل على خلق الوظائف ثم «التمني» رواتب أعلى للناجين من طوفان البطالة.
وعلى أي حال..
الناس يؤمنون بما يشاهدونه على أرض الواقع أكثر من إيمانهم بما يسمعونه في المؤتمرات الصحفية، وهذه مشكلة لا بد من حلها، وأعني بالطبع مشكلة قلة إيمان الناس بالمؤتمرات والعروض التقديمية. وإن من كمال هذا الإيمان ـ على سبيل المثال ـ أن يقتنع العاطل بالوظيفة وتعجبه ويفرح بها حتى وإن لم يكن لها وجود. فأعظم الإيمان هو التصديق بما لا يشاهد.
agrni@