"الجهاد الالكتروني" وسيلة داعش للبقاء

خسائر فادحة على الأرض ومعركة رقمية شرسة عبر وسائل التواصل
خسائر فادحة على الأرض ومعركة رقمية شرسة عبر وسائل التواصل

الأحد - 23 ديسمبر 2018

Sun - 23 Dec 2018

إذا كان تنظيم داعش خسر أرضا كثيرة في العراق وسوريا وشتى بقاع المعمورة نتيجة الضربات المتتالية لطائرات التحالف الدولي، فإنه يعد «الجهاد الالكتروني» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلام الجديد، سلاحه الفعال للبقاء.

وكشف تقرير حديث صادر عن وكالة أبحاث وزارة الدفاع السويدية (FOI) كيفية استخدام داعش للدعاية عبر الانترنت لكسب متابعين في الغرب، حيث ذكر أنه «على الرغم من أن داعش تكبد خسائر فادحة في الأراضي، فإن المعركة الرقمية مستمرة، ومع أن شبكات التواصل الاجتماعي فعالة في إزالة دعاية التنظيم، إلا أنه يبتكر طرقا جديدة لإنتاج رسائله ونشرها، وأكد على قدرته في التكيف مع المشهد الرقمي المتغير»، مرجحا أن يبقى داعش على قيد الحياة واستقطاب إرهابيين جدد في جميع أنحاء العالم.

قطع رؤوس وأغان

الظاهرة اللافتة في دعاية داعش هي استخدام العنف، بدءا من قطع الرؤوس، وهو ما ظهر بشكل واضح في شريط فيديو لجامع فولي عام 2014، حيث تم توزيع مقاطع الفيديو الخاصة بقطع الرأس من قبل داعش العراق، وجاءت الصور بشكل احترافي جعلت المجموعة الإرهابية مشهورة عالميا.

ومع ذلك فإن العنف الشديد ليس هو الموضوع الأكثر شيوعا في الدعاية لداعش، حيث أوضحت دراسة أجراها الباحث في شؤون الإرهاب دانييل ميلتون أن 9% فقط من إصدارات داعش الإعلامية عرضت عمليات الإعدام أو القتل، وهناك مجموعة متنوعة من المواضيع في رسائل الدعاية الإعلامية تفسر قدرة التنظيم على جذب أنصار جدد، فمنذ أيام داعش الأولى ظهرت الرسائل والصور وأشرطة الفيديو والنصوص على مختلف وسائل الإعلام الاجتماعية التي تظهر كل شيء من الإعدام إلى مشاهد الحياة اليومية التي تتضمن أشعارا وأغاني وصورا ونصوصا تروج لداعش.

مهام داعش الدعائية:

  1. نشر التطرف

  2. تعزيز قدرات أنصارهم

  3. تخويف العدو

  4. إلهام الإرهابيين




آلة داعش الإعلامية

أرسي أساس التنظيم الإعلامي لداعش عام 2006، عندما أنشأ معهد الفرقان للإنتاج الإعلامي في العراق، وذكر تقرير دانييل ميلتون أن بعض الوثائق التي تم الكشف عنها تظهر استثمار قدر كبير من الوقت والموارد في العمليات الإعلامية للمنظمة، وتظهر هيكلا تنظيميا صارما وتسلسلا هرميا تسيطر عليه الإدارة المركزية، وهناك أقسام للصوت والفيديو والطباعة، مبرمجة بطريقة احترافية تنافس الشركات متعددة الجنسيات.

وإلى جانب الفيديوهات تنتج آلة داعش الإعلامية الكتيبات والأفلام والملصقات والمواد الإعلامية للانترنت والبيانات الرسمية، وتشمل المراكز الإعلامية التي تنشر مقاطع فيديو عن الخلافة، وشبكة إذاعة البيان، إضافة إلى مؤسسة أجناد.

قنوات النشر على الانترنت

استخدمت داعش قنوات تواصل مختلفة لنشر رسائلها على وسائل الإعلام الاجتماعية، ففي 2015 كانت تويتر القناة المفضلة بين متابعي داعش، وفي أغسطس 2016 أفادت صحيفة الجارديان بأنه خلال الأشهر الستة السابقة أغلقت تويتر 235 ألف حساب بداعي تجاوز لوائح تويتر فيما يتعلق بنشر الإرهاب والتهديدات العنيفة، وللتغلب على ذلك بدأ المستخدمون في وضع علامة على المواد، مما يفرض ضرورة تصنيفها، وفي يناير 2016، تم استخدام هاشتاق #justinbieber جذب أكثر من 74 مليون متابع.

ومنذ عام 2016، استبدل تويتر بخدمة رسائل التيلجرام التي لا تزال تعد منصة التواصل الرئيسة للمتعاطفين مع داعش.

وسائل التواصل المفضلة للدواعش:


  • فيس بوك

  • آسك إف إم

  • تيلمبر




أسرار نجاح دعاية داعش:


  1. استخدامهم سردا بسيطا وجذابا

  2. قدرتهم على الوصول إلى جميع فئات وطبقات المجتمع

  3. الاستمرارية والتنوع الدائم


لغة داعش الدعائية

عند قراءة دعاية داعش باللغة الإنجليزية يواجه المرء بشكل متكرر كلمات غير مألوفة، فعادة ما تكون دعاية «IS» مرصعة بالكلمات العربية، بالإضافة إلى المراجع والتلميحات والاقتباسات من النصوص الدينية، ومع ذلك، فإن معظم مسلمي العالم لا يتمتعون بالعربية كلغتهم الأم ولا يستطيع الكثير منهم الكتابة أو القراءة أو التحدث بها، فمن المحتمل أن يكون المحتوى الحرفي للدعاية أكثر توافقا مع المجموعة المستهدفة إذا تم التعبير عنها بلغة إنجليزية بسيطة، لكن الأسلوب اللغوي المرهق لداعش له ميزتان على الأقل:

  • يعمل على تعزيز هوية المتلقي كجزء من أقلية مسلمة

  • يضفي السلطة الدينية على أيديولوجية التنظيم


وغالبا ما يتم تبني أسلوب لغوي مشترك لغرضين:

أولا: وسيلة لتسهيل التواصل

ثانيا: طريقة لأعضاء المجموعة لتقوية شعورهم بالانتماء، وأيضا زيادة تماسك المجموعة ككل

لماذا يستخدمون اللغة العربية؟

الكلمات العربية التي تظهر بشكل متكرر في دعايتهم الإعلامية غالبا ما تكون هناك لإضفاء جو من «القداسة» على النص، لتزويد الرسائل بضمانة شرعية دينية، والتقليد الأيديولوجي، وبالتالي فإن الاقتباسات من هذه المصادر تعزز الجدل وتضفي على النص هالة من الشرعية الدينية، القداسة، الأصالة، وهذا ما يستغله داعش من خلال استخدام هذه المفاهيم العقلية المحمومة بشكل متكرر، وتعديل معانيها لتناسب أهدافها.

اللعب على العواطف

على الرغم من أن دعاية «داعش» محملة بمفاهيم يصعب فهمها فكريا، إلا أنها لا تزال لديها جاذبية عاطفية لكثير من الناس، ولم تستخدم أي جماعة إرهابية أخرى الاتصال المرئي بشكل متقن ومهني كما هو الحال مع داعش.

إن التعددية «التفاعل بين النص والصور والصوت» تغير التأثير السينمائي للرسالة عن طريق وضع الكلمات في سياق جديد من خلال بناء سياق لها يلعب على العواطف، حيث تعمل الصورة كشرح للرسالة النصية، والصور هي صيغة قوية للغاية للتعبير، والتي تؤثر علينا في كثير من الحالات عاطفيا، وبالتالي يمكن أن تجعلنا أكثر تقبلا للرسائل التي يتواصلون بها.

وأثبتت الصور القوية ذات الشعارات اللافتة للنظر أنها فعالة في التسويق، وكذلك في الدعاية، حيث تتمتع الصور بفوائد جذب انفعالاتنا وتجاوز التفكير الناقد بالطريقة التي نادرا ما تعمل بها هذه الكلمات.

مغازلة الشباب

دعاية داعش موجهة بشكل رئيسي نحو الشباب، وأشار عدد من المنظرين إلى أن قبول الشباب يرجع إلى عوامل إنمائية أو بيولوجية أو اجتماعية، فسنوات المراهقة فترة يشغل فيها تكوين الهوية الكثير من حياة الشخص، وغالبا ما تكون فترة الانفتاح والتجارب مع طرق التفكير المختلفة ومحاولة الطرق المختلفة للتعبير عن الذات.

ووفقا للباحث توماس زيخه، فإنه تتم مغازلة الشباب بعالم أكثر حرية، وبالنسبة للشباب الذين يجدون صعوبة لأسباب ثقافية أو اجتماعية اقتصادية، فإن وسائل داعش الدعائية تخلق لديهم شغفا للسلطة والسيطرة.

التناقض في كيف يجذب داعش أعضاء يستخدمون عناصر من الثقافة التي يريدون تدميرها لا يبدو أنه يزعج أتباعه، وبالنسبة لمن ينجذبون إلى الدعاية الجهادية الهادئة، فإن أسلوب الحياة له الأسبقية على الأيديولوجية، مما يجعل هذا التناقض غير مهم.

وتظهر دراسة أجراها الباحث أوليفييه روي أن عديدا من أتباع داعش يعيشون حياة مراهقة عادية، يحلمون بالاحتفال والتدخين والشرب، وقد واجه نصفهم تقريبا في وقت سابق اتهامات جنائية بالاتجار بالمخدرات أو العنف أو القيادة تحت تأثير المخدر، ووفقا لروي، فإن ما يدفع هؤلاء الأفراد ليس قناعة دينية، وإنما العدمية والتدمير اللذان يشكلان أصولا عظيمة لتنظيم يعمل على الحفاظ على الحرب المستمرة والتفكير المروع.

الرموز الشائعة للدواعش:

1 الشعار الأسود

استخدام الرموز طريقة مهمة لأعضاء داعش للتواصل مع العالم، أولها استخدام الخلفية السوداء لتمييز العلامة التجارية حتى باتت علامتهم التجارية المميزة، بما في ذلك الملابس والسيارات والخلفيات المتنقلة.

2 رموز الجهاد

غالبا ما يتم العثور على تمجيد الشهادة في دعاية داعش، حيث يتم التأكيد بشدة على مكافآت الشهيد في الحياة الآخرة، وصور الشهداء الميتين مع الوجوه المبتسمة تحدث بشكل متكرر، ومع ذلك، ففي لحظة الموت ترتخي جميع عضلات الجسم وتسترخي، مما يجعل من المستحيل على الشخص الميت أن يبتسم بشكل طبيعي، ومن المفترض أنه يتم تصوير هذه الصور لجعل احتمال الموت في ساحة المعركة أكثر جاذبية.

3 من القطة للأسد

تظهر الخيول العربية بشكل شائع في دعاية داعش، اعتقادا بأنها لعبت دورا مهما في الفتوحات والحروب، وتصور القطط في عدد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لمؤيدي داعش.

وتستخدم داعش الأسد كذلك، ويعد رمزا للشرف لكل من القادة الإرهابيين وللمسلحين ذوي المناصب المنخفضة، وقد يستخدم الأسد أيضا للإشارة إلى الشهادة أو تحديد شهيد، وغالبا ما يشار إلى أطفال داعش بـ»شبل الأسد».

المرأة في دعاية داعش

رغم أن توجه داعش ذكوري، إلا أن المرأة تلعب دورا حيويا في التنظيم، حيث تم توظيف النساء بشكل لافت عبر الانترنت وغرف الدردشة ووسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى. كانت النساء مهمات لتسهيل تجنيد الرجال وأيضا لضمان أن الجيل القادم من المحاربين مستمر، ووفقا لتقرير كلية كينغز المتخصصة فإن (13%) من المنتسبين لداعش خلال الفترة من أبريل 2013 إلى يونيو 2018 كانوا من النساء.

وإلى جانب الشعور بالأخوة والانتماء الذي تؤكد عليه بقوة الإناث من قبل المجندين، فإن الحجة الرئيسية المعطاة للنساء للانضمام إلى داعش هي واجب دعم التنظيم كزوجات صالحات للمقاتلين، وأمهات للجيل الجديد من المحاربين، ولعب دور الزوجة والأم. والزواج من مقاتلي داعش هو رومانسية إلى حد كبير على وسائل الإعلام الاجتماعي، وقد جذبت الصور الرومانسية لحفلات الزفاف بين مقاتلي داعش وزوجاتهم والحكايات عن الحياة الزوجية عديدا من النساء إلى التنظيم.

تجنيد النساء

يتميز دور المرأة في نشر دعاية تنظيم «داعش» من خلال شبكات مترابطة من الأصدقاء والمعارف الذين سافر بعضهم بالفعل إلى داعش، وينتشر عدد من النساء اللواتي يعملن في مجال التوظيف على الانترنت، حيث يبحثن عن الاتصال بالمجندين المحتملين، وبالتالي تلعب النساء المنضمات دورا مهما إلى جانب كونهن زوجات وحاملات أطفال، وهو دور نشر الدعاية وتجنيد المزيد من النساء.

يوميات شمس السعيدة

تألق عدد من النساء الداعمات لداعش في المدونات وتومبلر، ومن أشهر المدونات باللغة الإنجليزية «مدونة شمس»، التي تكتب «يوميات المهاجرة»، وتصف حياتها اليومية، حيث تمتلئ المدونة بالحكايات كزوجة لأحد محاربي التنظيم، بالإضافة إلى قصص مغلفة بالسكر عن الحب الكبير، زفافهما وحياتهما السعيدة معا، كما تصف شمس كيف أن زوج صديقتها قتل في المعركة وكيف يتم الاحتفال به.

جاذبية صور النساء الغربيات

يوافق عدد من الباحثين على أنه من السمات الشائعة للتنظيم اعتبار الهيئات النسائية امتدادا له لأسباب براغماتية، ويعد الإنجاب مهما لتأمين مستقبل السكان، وعندما ترتدي النساء الزي والسلوك الملائمين، ينظر إليهن على أنهن يجسدن حدود الأمة ويحملن شرفها، فالنساء والأطفال يأتون لتمثيل الجماعية، في حين يذهب الرجال إلى الحرب.

ويكشف الباحث كيريلوا إينغارام عن جاذبية النساء الغربيات في التنظيم، حيث تستخدم صورهن في انستقرام لتمكين جمهور الذكور، وتحفيزهم على العمل من خلال الاستجابة لواجبهم في داعش.

الأكثر قراءة