الثورة الخمينية تعزل إيران وتجعلها بلا أصدقاء
طهران اجتذبت المجرمين وتجار السلاح والأفاقين
طهران اجتذبت المجرمين وتجار السلاح والأفاقين
الخميس - 20 ديسمبر 2018
Thu - 20 Dec 2018
على مدى أربعة عقود ظلت إيران تحتل العناوين الرئيسة في العالم، وواجهت عددا من البلدان مشاكل مع إيران في نسختها الحالية باسم الجمهورية الإسلامية، في المقابل لم تتمكن إيران من العثور على المكان الذي تطمع فيه في نظام عالمي ترفضه.
قدم الباحث أمير طاهري في جامعة ويستمنستر اللندنية، ورقة بعنوان ما العمل بشأن إيران؟ حضرها ناشطون سياسيون إيرانيون ودبلوماسيون أجانب وأكاديميون وإعلاميون، تناول بها الشأن الإيراني الداخلي والدور الإيراني الإقليمي والدولي والخيارات المتاحة للتعامل مع النظام الإيراني، ونشرها معهد غايتستون.
محور الشر
سميت إيران «الدولة الأولى الراعية للإرهاب الدولي»، وإحدى محاور «الشر»، و»المشاغب الأكبر»، و كانت إيران طرفا في أطول حرب في التاريخ منذ حرب الثلاثين عاما في أوروبا.
حروب إيران
• خاضت حربا بحرية مع الولايات المتحدة.
• حربين بالوكالة مع إسرائيل.
• حربا بالوكالة مع السعودية.
• حربا قمعية في سوريا إلى جانب نظام الأقلية الحاكم هناك.
• ضالعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في مقتل الآلاف من عسكريين ومدنيين في 22 بلدا، من الأرجنتين إلى اليمن، مرورا بنيجيريا والكويت.
• احتجزت المئات من الرهائن من نحو 40 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وهولندا.
بعد دولي
يتضح البعد الدولي لمشكلة إيران من خلال:
• تورط طهران في الحروب في سوريا والعراق واليمن.
• دعمها للجماعات المسلحة المنخرطة في صراعات السلطة في لبنان وأفغانستان وطاجيكستان وباكستان والبحرين.
• هي من بين أكبر ثلاث دول في العالم لعدد السجناء السياسيين وسجناء الرأي وعدد عمليات الإعدام.
• ينتظر نحو 15,000 إيراني عقوبة الإعدام.
• شهدت إيران قطع العلاقات الدبلوماسية أو تعليقها مع نحو 40 دولة، وربما يكون ذلك رقما قياسيا في وقت السلم.
الربيع الفارسي
صورت سلسلة من الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في صيف وشتاء العام الماضي على أنها تحذير بأن إيران يمكن تسير في طريق بلدان «الربيع العربي» بربيع فارسي قد يؤدي إلى مأساة، وأن أفرادا أشادوا بـ «قوة الشعب» و»طاقة الجماهير» من خلال الثورة ضد الشاه، ويصفون الآن المسيرات والإضرابات المناهضة للنظام بأنها تهديدات وجودية للبلد نفسه.
ويذهب هؤلاء إلى أن تغيير النظام المحفوف بالمخاطر قد يسفر عن نتائج إيجابية للبلد، وأن المقاربة الأهدأ ربما تكون هي النهج الحكيم الذي ينبغي اعتماده في الوقت الحاضر. لكن، بعد أربعة عقود لا بد من أن يكون واضحا أن أي اصلاح ذا معنى غير ممكن من دون تغيير النظام، ولو كان مثل هذه الإصلاحات ممكنا لما وجدت الحاجة إلى تغيير النظام.
وكانت أغلبية الخطط الأولى التي وضعتها وجربتها قوى مختلفة ذات مصالح في إيران، تهدف إلى إحداث تغييرات جزئية في سلوك إيران في موضوعات محددة.
خطة الاتحاد الأوروبي
تهدف لإقناع إيران بعدم تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا.
ففي الفترة بين 1979 و1995، نفذت إيران 42 عملية في 11 بلدا أوروبيا، وأوقعت عشرات الضحايا بينهم 117 منفيا إيرانيا اغتالتهم فرق الموت التي كانت تتألف في أحيان كثيرة من لبنانيين وفلسطينيين.
على الرغم من الكثير من حالات المد والجزر في العلاقات، بما في ذلك غلق سفارات الاتحاد الأوروبي في طهران جماعيا في مرحلة من المراحل، فإن القوى الأوروبية وخصوصا بريطانيا وألمانيا وفرنسا، حاولت تدعيم خطة الاتحاد الأوروبي من خلال زيادة التجارة والتعاون التقني، وحتى الزيارات الدبلوماسية على أعلى المستويات، وزادت عدد زيارات جاك سترو، وتوني بلير، إلى طهران على زياراتهما إلى واشنطن. وفي بعض الأحيان، كان نظيرهما الفرنسي دومينيك دو فيلبان وزميلهما الألماني يوشكا فيشر يبدوان وكأنهما محاميان لإيران.
خطة (أ) الأمريكية
بقدر تعلق الأمر بالولايات المتحدة، شهدنا عددا من الخطط التي انتهت بالفشل منها:
خطة جيمي كارتر
كانت خطة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أن يحتضن الثورة الإسلامية في 1979، ومساعدة نظام الخميني الجديد على إرساء دعائمه.
وتسلح كارتر بحقيقة أنه خلال الأشهر الأخيرة من الانتفاضة الثورية ضد الشاه، أجرى اتصالات مع عدد من القادة الخمينيين على أعلى مستوى، وأن مجلس الوزراء الأول الذي شكله الخميني ضم خمسة إيرانيين يحملون الجنسية الأمريكية أو البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة.
لكن، بعد تسعة أشهر فقط على نجاح الثورة، حكم احتلال متشددين خمينيين للسفارة الأمريكية في طهران بالموت على خطة كارتر عاجلا.
خطة ريغان
حققت خطة ريغان بعض النجاح بعدما خاضت البحرية الأمريكية معركة استمرت 16 ساعة مع بحرية الحرس الثوري في الخليج العربي، بهدف إقناع آية الله الخميني بالتوقف عن إطلاق النار على ناقلات تبحر حاملة النفط الكويتي رافعة العلم الأمريكي، وقبول قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب الإيرانية - العراقية.
لم يعتمد ريغان الخطة إلا بعدما فشلت محاولاته لتغيير سلوك الحكام الخمينيين في طهران، من خلال مغازلتهم بتهريب أسلحة إليهم لمحاربة جيش صدام حسين، وإرسال الهدايا إليهم.
أوباما
أضاف أوباما لمسته الشخصية بفرض أقسى العقوبات على إيران، لكن مع التأكد من عدم تنفيذ أي منها في الواقع.
في الحقيقة، من أصل 35 جولة عقوبات فرضتها الولايات المتحدة على إيران منذ عهد كارتر، كانت 11 جولة منها خلال رئاسة أوباما.
أسلمة الدولة القومية
على الرغم من التطهيرات التي شملت طرد ربع مليون شخص من القوات المسلحة والشرطة والخدمة المدنية والجهاز الدبلوماسي والجهاز الإداري والمؤسسات الأكاديمية والنخبة الإدارية والقطاع العام للاقتصاد، فإن الدولة القومية الإيرانية المنبوذة لم تختف.
والأكثر أهمية هو أن النظام الجديد أجبر ليس على وقف تفكيك الدولة القومية الإيرانية فحسب بل والاعتماد جزئيا على مواردها البشرية والمؤسسية للحيلولة دون انهياره.
قرارات الخميني وبطانته:
• إقامة مؤسسات دولية موازية لثورتهم بمساعدة جماعات راديكالية لبنانية وفلسطينية وأجنبية أخرى، وشكلوا الحرس الثوري رديفا للقوات المسلحة الوطنية.
• أوجدوا محاكم ثورية إسلامية يؤدي فيها الملالي دور القاضي.
• أنشأ الملالي صناديق بلا فائدة تسمى صناديق «العدالة والكرم» وصناديق «الائتمان الصالح».
• لتقليص دور الدولة القومية في الاقتصاد، صادر الحكام الجدد آلاف المصالح الخاصة والعامة ناقلين ملكيتها وإدارتها إلى «مؤسسات» لا تكتفي بعدم دفع الضرائب، بل تأنف عن نشر قوائمها المالية.
• إغلاق الجامعات الإيرانية عامين وتطهير نحو 10 آلاف أستاذ جامعي، بعد إخفاق الحكام الجدد بأدلجة التعليم العالي أوجدوا جامعات موازية بلغ عددها 2600 جامعة.
قنوات سرية
في منتصف الثمانينيات، تمخض التعامل مع إيران عن صناعة حقيقية في الغرب اجتذبت إليها مجرمين وتجار سلاح وعملاء مزدوجين وأفاقين من كل صنف، انتهى المآل ببعضهم في سجون أمريكية وفرنسية بتهم لا تتعلق بتعاملهم مع إيران.
وأقامت الحكومة الألمانية علاقات خاصة مع عناصر ثورية في طهران بخليط من الصفقات التجارية والخدمات السياسية. في مرحلة من المراحل، نظم جهاز الاستخبارات الألمانية إخراج وزير الأمن في إيران آية الله علي فلاحيان الذي كان مطلوبا بتهمة القتل من محكمة في برلين.
ازدواجية إيران
أدركت النخبة الحاكمة الثورية الجديدة بحلول أواخر الثمانينات أنها لا تستطيع أن تدمر الدولة الإيرانية التي أبقت شبكتها الإدارية وذاكرتها التاريخية وخبرتها التقنية، البلد عائما حتى في أسوأ الأوقات.
وبحلول أوائل التسعينيات ترسخت هذه الازدواجية بوصفها سمة أساسية من سمات الحياة في ظل إيران.
ومشكلة إيران لا يمكن أن تحل من دون إعادة ثقافة الدولة التي تتطلب بدورها اختزال الثورة إلى جزء من واقع تاريخي وسياسي ووجودي أكبر.
ولا شك في أن إيران ستستوعب بمرور الوقت خبرتها الثورية وتعود إلى الظهور كدولة قومية.
فالثورة تخبأ في يوم من الأيام، فإن الثورتين الروسية والصينية في القرن العشرين انتهتا إلى التلاشي في الظل، ولو بطرق مختلفة، وبذلك أتاحتا عودة مؤسسات الدولة القومية إلى الظهور في البلدين.
ولا يعني هذا أن النظامين القائمين حاليا في الصين أو روسيا مثال للحكم الصالح، لكن المهم أن روسيا والصين لا تتصرفان اليوم بوصفهما أداة ثورية تحرض على التخريب والعنف والحرب.
تناقضات الملالي
الحلول عبر أفكار تستوحي الحاجة إلى قيادة إيران بعيدا عن هياجها الثوري:
1 توحيد القوات العسكرية الإيرانية الموزعة الآن على ستة كيانات مستقلة ذاتيا
2 دمج المحاكم الثورية الإسلامية المختلفة بمحاكم وزارة العدل التقليدية العريقة وتمكين الدولة القومية الإيرانية من استعادة السيطرة على القضاء
3 إعادة سلطة الدولة إلى قطاع التعليم الذي يهم بصورة مباشرة نحو 30 مليون إيراني في سن المدرسة
4 إعادة الدولة الإيرانية بصورة كاملة لن تكون ممكنة دون إلغاء أجهزة مثل مكتب «المرشد الأعلى» ومجلس الأوصياء ومجلس الخبراء
قدم الباحث أمير طاهري في جامعة ويستمنستر اللندنية، ورقة بعنوان ما العمل بشأن إيران؟ حضرها ناشطون سياسيون إيرانيون ودبلوماسيون أجانب وأكاديميون وإعلاميون، تناول بها الشأن الإيراني الداخلي والدور الإيراني الإقليمي والدولي والخيارات المتاحة للتعامل مع النظام الإيراني، ونشرها معهد غايتستون.
محور الشر
سميت إيران «الدولة الأولى الراعية للإرهاب الدولي»، وإحدى محاور «الشر»، و»المشاغب الأكبر»، و كانت إيران طرفا في أطول حرب في التاريخ منذ حرب الثلاثين عاما في أوروبا.
حروب إيران
• خاضت حربا بحرية مع الولايات المتحدة.
• حربين بالوكالة مع إسرائيل.
• حربا بالوكالة مع السعودية.
• حربا قمعية في سوريا إلى جانب نظام الأقلية الحاكم هناك.
• ضالعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في مقتل الآلاف من عسكريين ومدنيين في 22 بلدا، من الأرجنتين إلى اليمن، مرورا بنيجيريا والكويت.
• احتجزت المئات من الرهائن من نحو 40 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وهولندا.
بعد دولي
يتضح البعد الدولي لمشكلة إيران من خلال:
• تورط طهران في الحروب في سوريا والعراق واليمن.
• دعمها للجماعات المسلحة المنخرطة في صراعات السلطة في لبنان وأفغانستان وطاجيكستان وباكستان والبحرين.
• هي من بين أكبر ثلاث دول في العالم لعدد السجناء السياسيين وسجناء الرأي وعدد عمليات الإعدام.
• ينتظر نحو 15,000 إيراني عقوبة الإعدام.
• شهدت إيران قطع العلاقات الدبلوماسية أو تعليقها مع نحو 40 دولة، وربما يكون ذلك رقما قياسيا في وقت السلم.
الربيع الفارسي
صورت سلسلة من الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في صيف وشتاء العام الماضي على أنها تحذير بأن إيران يمكن تسير في طريق بلدان «الربيع العربي» بربيع فارسي قد يؤدي إلى مأساة، وأن أفرادا أشادوا بـ «قوة الشعب» و»طاقة الجماهير» من خلال الثورة ضد الشاه، ويصفون الآن المسيرات والإضرابات المناهضة للنظام بأنها تهديدات وجودية للبلد نفسه.
ويذهب هؤلاء إلى أن تغيير النظام المحفوف بالمخاطر قد يسفر عن نتائج إيجابية للبلد، وأن المقاربة الأهدأ ربما تكون هي النهج الحكيم الذي ينبغي اعتماده في الوقت الحاضر. لكن، بعد أربعة عقود لا بد من أن يكون واضحا أن أي اصلاح ذا معنى غير ممكن من دون تغيير النظام، ولو كان مثل هذه الإصلاحات ممكنا لما وجدت الحاجة إلى تغيير النظام.
وكانت أغلبية الخطط الأولى التي وضعتها وجربتها قوى مختلفة ذات مصالح في إيران، تهدف إلى إحداث تغييرات جزئية في سلوك إيران في موضوعات محددة.
خطة الاتحاد الأوروبي
تهدف لإقناع إيران بعدم تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا.
ففي الفترة بين 1979 و1995، نفذت إيران 42 عملية في 11 بلدا أوروبيا، وأوقعت عشرات الضحايا بينهم 117 منفيا إيرانيا اغتالتهم فرق الموت التي كانت تتألف في أحيان كثيرة من لبنانيين وفلسطينيين.
على الرغم من الكثير من حالات المد والجزر في العلاقات، بما في ذلك غلق سفارات الاتحاد الأوروبي في طهران جماعيا في مرحلة من المراحل، فإن القوى الأوروبية وخصوصا بريطانيا وألمانيا وفرنسا، حاولت تدعيم خطة الاتحاد الأوروبي من خلال زيادة التجارة والتعاون التقني، وحتى الزيارات الدبلوماسية على أعلى المستويات، وزادت عدد زيارات جاك سترو، وتوني بلير، إلى طهران على زياراتهما إلى واشنطن. وفي بعض الأحيان، كان نظيرهما الفرنسي دومينيك دو فيلبان وزميلهما الألماني يوشكا فيشر يبدوان وكأنهما محاميان لإيران.
خطة (أ) الأمريكية
بقدر تعلق الأمر بالولايات المتحدة، شهدنا عددا من الخطط التي انتهت بالفشل منها:
خطة جيمي كارتر
كانت خطة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أن يحتضن الثورة الإسلامية في 1979، ومساعدة نظام الخميني الجديد على إرساء دعائمه.
وتسلح كارتر بحقيقة أنه خلال الأشهر الأخيرة من الانتفاضة الثورية ضد الشاه، أجرى اتصالات مع عدد من القادة الخمينيين على أعلى مستوى، وأن مجلس الوزراء الأول الذي شكله الخميني ضم خمسة إيرانيين يحملون الجنسية الأمريكية أو البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة.
لكن، بعد تسعة أشهر فقط على نجاح الثورة، حكم احتلال متشددين خمينيين للسفارة الأمريكية في طهران بالموت على خطة كارتر عاجلا.
خطة ريغان
حققت خطة ريغان بعض النجاح بعدما خاضت البحرية الأمريكية معركة استمرت 16 ساعة مع بحرية الحرس الثوري في الخليج العربي، بهدف إقناع آية الله الخميني بالتوقف عن إطلاق النار على ناقلات تبحر حاملة النفط الكويتي رافعة العلم الأمريكي، وقبول قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب الإيرانية - العراقية.
لم يعتمد ريغان الخطة إلا بعدما فشلت محاولاته لتغيير سلوك الحكام الخمينيين في طهران، من خلال مغازلتهم بتهريب أسلحة إليهم لمحاربة جيش صدام حسين، وإرسال الهدايا إليهم.
أوباما
أضاف أوباما لمسته الشخصية بفرض أقسى العقوبات على إيران، لكن مع التأكد من عدم تنفيذ أي منها في الواقع.
في الحقيقة، من أصل 35 جولة عقوبات فرضتها الولايات المتحدة على إيران منذ عهد كارتر، كانت 11 جولة منها خلال رئاسة أوباما.
أسلمة الدولة القومية
على الرغم من التطهيرات التي شملت طرد ربع مليون شخص من القوات المسلحة والشرطة والخدمة المدنية والجهاز الدبلوماسي والجهاز الإداري والمؤسسات الأكاديمية والنخبة الإدارية والقطاع العام للاقتصاد، فإن الدولة القومية الإيرانية المنبوذة لم تختف.
والأكثر أهمية هو أن النظام الجديد أجبر ليس على وقف تفكيك الدولة القومية الإيرانية فحسب بل والاعتماد جزئيا على مواردها البشرية والمؤسسية للحيلولة دون انهياره.
قرارات الخميني وبطانته:
• إقامة مؤسسات دولية موازية لثورتهم بمساعدة جماعات راديكالية لبنانية وفلسطينية وأجنبية أخرى، وشكلوا الحرس الثوري رديفا للقوات المسلحة الوطنية.
• أوجدوا محاكم ثورية إسلامية يؤدي فيها الملالي دور القاضي.
• أنشأ الملالي صناديق بلا فائدة تسمى صناديق «العدالة والكرم» وصناديق «الائتمان الصالح».
• لتقليص دور الدولة القومية في الاقتصاد، صادر الحكام الجدد آلاف المصالح الخاصة والعامة ناقلين ملكيتها وإدارتها إلى «مؤسسات» لا تكتفي بعدم دفع الضرائب، بل تأنف عن نشر قوائمها المالية.
• إغلاق الجامعات الإيرانية عامين وتطهير نحو 10 آلاف أستاذ جامعي، بعد إخفاق الحكام الجدد بأدلجة التعليم العالي أوجدوا جامعات موازية بلغ عددها 2600 جامعة.
قنوات سرية
في منتصف الثمانينيات، تمخض التعامل مع إيران عن صناعة حقيقية في الغرب اجتذبت إليها مجرمين وتجار سلاح وعملاء مزدوجين وأفاقين من كل صنف، انتهى المآل ببعضهم في سجون أمريكية وفرنسية بتهم لا تتعلق بتعاملهم مع إيران.
وأقامت الحكومة الألمانية علاقات خاصة مع عناصر ثورية في طهران بخليط من الصفقات التجارية والخدمات السياسية. في مرحلة من المراحل، نظم جهاز الاستخبارات الألمانية إخراج وزير الأمن في إيران آية الله علي فلاحيان الذي كان مطلوبا بتهمة القتل من محكمة في برلين.
ازدواجية إيران
أدركت النخبة الحاكمة الثورية الجديدة بحلول أواخر الثمانينات أنها لا تستطيع أن تدمر الدولة الإيرانية التي أبقت شبكتها الإدارية وذاكرتها التاريخية وخبرتها التقنية، البلد عائما حتى في أسوأ الأوقات.
وبحلول أوائل التسعينيات ترسخت هذه الازدواجية بوصفها سمة أساسية من سمات الحياة في ظل إيران.
ومشكلة إيران لا يمكن أن تحل من دون إعادة ثقافة الدولة التي تتطلب بدورها اختزال الثورة إلى جزء من واقع تاريخي وسياسي ووجودي أكبر.
ولا شك في أن إيران ستستوعب بمرور الوقت خبرتها الثورية وتعود إلى الظهور كدولة قومية.
فالثورة تخبأ في يوم من الأيام، فإن الثورتين الروسية والصينية في القرن العشرين انتهتا إلى التلاشي في الظل، ولو بطرق مختلفة، وبذلك أتاحتا عودة مؤسسات الدولة القومية إلى الظهور في البلدين.
ولا يعني هذا أن النظامين القائمين حاليا في الصين أو روسيا مثال للحكم الصالح، لكن المهم أن روسيا والصين لا تتصرفان اليوم بوصفهما أداة ثورية تحرض على التخريب والعنف والحرب.
تناقضات الملالي
- في النزاع على منطقة ناغورنو -قرة باغ، وقفت إيران دائما إلى جانب أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان حيث يشكل المسلمون الشيعة ذوو الأصول الإيرانية أغلبية السكان
- يتبجح القادة الخمينيون بالتزامهم المزعوم قضية فلسطين كمثال على معاناة المسلمين تحت احتلال غير مسلم. لكن ليس لديهم ما يقولونه عن اضطهاد روسيا للمسلمين في الشيشان وداغستان أو اضطهاد الصين للمسلمين في شرق تركستان
- رفضوا منح تأشيرات لوفد من مسلمي الإيغور لزيارة إيران ورفضوا طلبا منهم لفتح مكتب في طهران
- لم تبد إيران اهتماما يذكر بتشريد بورما لنحو مليون من مسلمي الروهينجا
- خلال الأزمة اليوغسلافية، زار آية الله علي خامنئي حين كان رئيس إيران، بلغراد رسميا لإقامة تحالف مع الصرب باسم »وحدة عدم الانحياز«
- مدت إيران الصرب الذين أغلبيتهم من المسيحيين الأرثوذكس، بالسلاح لقتل مسلمي البوسنة والمسلمين الألبان في كوسوفو
- حتى اليوم ترفض إيران الاعتراف بكوسوفو المسلمة كدولة لكنها تؤيد ضم روسيا لجنوب أوسيشيا ذات الأغلبية المسلمة أيضا
- تنظر إيران إلى السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس على أنها عدو، وفي الوقت نفسه تبقي العلاقات مع حماس في حدود ضيقة. ووكيلها الفلسطيني المفضل هي الجبهة الإسلامية الخاضعة تماما لطهران
- أوثق حليف لإيران والأكثر ثباتا خلال العقود الأربعة الماضية هي كوبا وفنزويلا وكوريا الشمالية وزمبابوي التي لا تخضع أي منها لحكم مسلم
الحلول عبر أفكار تستوحي الحاجة إلى قيادة إيران بعيدا عن هياجها الثوري:
1 توحيد القوات العسكرية الإيرانية الموزعة الآن على ستة كيانات مستقلة ذاتيا
2 دمج المحاكم الثورية الإسلامية المختلفة بمحاكم وزارة العدل التقليدية العريقة وتمكين الدولة القومية الإيرانية من استعادة السيطرة على القضاء
3 إعادة سلطة الدولة إلى قطاع التعليم الذي يهم بصورة مباشرة نحو 30 مليون إيراني في سن المدرسة
4 إعادة الدولة الإيرانية بصورة كاملة لن تكون ممكنة دون إلغاء أجهزة مثل مكتب «المرشد الأعلى» ومجلس الأوصياء ومجلس الخبراء