عبدالله المزهر

أحفاد إبليس..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 19 ديسمبر 2018

Wed - 19 Dec 2018

كنت أظن فئة من المسؤولين أو المدراء أو أي مخلوق في مكان أو منصب يدير فيه مجموعة من الخلق قد انقرضت، أو على الأقل تقترب من هذا، ثم إني فوجئت أن هذه الفئة لا زالت موجودة وتتمدد.

وأعني تلك الفئة التي تؤمن أنها حين تدير جهة ما فإن كل من فيها يصبحون بالنسبة لها في حكم «ملك اليمين». ذلك المدير أو المسؤول الذي ينتابه الشعور الإبليسي البغيض اللعين الذي يمكن وصفه بأنه متلازمة «أنا خير منه»، وهي أول ذنب ترتكبه المخلوقات بعد خلق آدم.

ولا أفهم لماذا يعيد بنو آدم ارتكاب نفس المعصية التي ارتكبها عدوهم الأول الذي أخرج أباهم من الجنة، فالمتكبر والمغرور ببساطة يحاكي إبليس ويتقمص شخصيته، إبليس الرجيم حين قال: أنا خير منه، ورغم أنها معصية أخرجته من رحمة الله إلا أنه ساق لها المبررات، فقد اعتقد لوهلة أن اختلاف مادة الخلق مبرر كاف «للخيرية»، لكن الإنسان يبدو غبيا ممعنا في الغباء حين يتكبر على إنسان مثله مخلوق من نفس المكونات وسينتهي ذات النهاية ويرجعان في آخر المطاف إلى أب واحد وأم واحدة.

الكبر إضافة إلى أنه معصية في حد ذاته إلا أنه معصية سببها الغباء المفرط، وهذه رزية أخرى.

بالطبع لا أعني أن يكون المدير متساهلا غبيا بداعي التواضع أيضا، لكن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس يحكمها العمل فقط، فليس من حقك أن تتعالى على الآخرين، ولا أن تراهم أقل منك أيها الإبليس البشري.

ولقد خبرت كثيرا من هذه العينات التي أريد أن أصفها بوصف لائق لكنه غير قابل للنشر، ولكنكم لا شك لن تعجزوا عن تخيله.

وهم في ذلك أنواع وأشكال، فبعضهم يجعل أحد أتباعه يوصل رسالة بطريقة غير مباشرة بأنه خير ممن يلتقي بهم أو يجتمع بهم، وأنهم لا بد أن يراعوا ذلك في الحديث معه، وهذا متكبر تعوزه الوقاحة، لأن هناك صنفا يقول هذا بنفسه، وهذا الصنف الثاني يستخدم عبارات من عينة «أعرف مع من تتكلم، أو من أنت حتى تقول لي هذا... إلخ». وهذه العبارات تدل بشكل واضح على المتكبر الوقح حين تستخدم عند إبداء رأي مخالف أو الاعتراض على أمر يتعلق بالعمل.

أما الصنف الذي أتمنى أن يلحق بالديناصورات والحيوانات التي لم تستطع التكيف مع الحياة، فهو الصنف المتكبر الذي يدعي التواضع. هذا صنف مقيت يبدو معه المتكبرون الذين يجاهرون بكبرهم وغرورهم بشرا لطفاء إلى جانبه، لأنه حين يمثل التواضع فهو يريد أن يقول ببساطة أنت أقل مني ولكني متواضع وأتحدث معك، هو يختلف عن الصنفين السابقين بأنه متكبر ووقح وكذاب في وقت واحد. وهذه ثلاث صفات كافية لتكون سببا في الوفاة المبكرة لمن يتعامل مع هذه العينات.

وعلى أي حال..

الصنف الأخير يستحق الشفقة أكثر من اللعنات، وهو المتكبر الذي ليس لديه أي مبرر من المبررات التي يحبها المتكبرون، فلا مال ولا منصب ولا أخلاق ولا سمعة، لكنه يظن أنه مثل إبليس «خير من» الآخرين.

agrni@