الحرب الأهلية تلوح في أفق إيران

الأربعاء - 19 ديسمبر 2018

Wed - 19 Dec 2018

في 22 يناير 1946 في جمهورية مهاباد، صعد مؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق قاضي محمد إلى منصة في ساحة مدينة مهاباد، وألقى خطابا مدته 15 دقيقة أعلن فيه انفصال الأكراد، وتقاسمهم حق تقرير المصير مع الدول الأخرى، وأطلق حينها 300 من أنصاره خمس رشقات من الرصاص في الهواء احتفالا بهذه المناسبة.

لم يكن من الممكن في ذلك اليوم رؤية الحكومة المركزية الإيرانية، لأنها كانت أكثر اهتماما بالحفاظ على الأمن والاستقرار في طهران والدفاع ضد التهديدات الخارجية من إرسال قواتها لاستعادة النظام في الريف.

استمر كيان جمهورية مهاباد نحو عام قبل أن يستعيد الجيش الإيراني السيطرة على المنطقة.

ولكن في تاريخ إيران الحديث، القصة تكررت ست مرات في القرن الـ 20. هذه الانفجارات والانفصاليون سيناريو من المرجح أن يتكرر في أعقاب الزلزال النهائي للمرشد الأعلى علي خامنئي.

يقول مايكل روبن من معهد أمريكان إنتربرايز إنه بالعودة إلى التاريخ في العقد الأول من القرن الـ 20 سنجد أن الباحث البريطاني في الشرق الأوسط المراسل المستقل للصحف البريطانية إدوارد غرانفيل براون أرخ للانتفاضات ضد التجاوزات الاستبدادية للملكية الإيرانية في الثورة الفارسية.

وأصبحت تبريز حينها ثاني أكبر مدينة في إيران، مركزا للحركة الثورية، وفقد الشاه في طهران السيطرة فعليا على المدينة، وسعى دون جدوى إلى تجويعها لإخضاعها.

- بعد خمس سنوات تحديدا في 1920 من التمرد المتقطع الذي ولد نتيجة عدم الرضا على نطاق واسع مع القيادة الإيرانية الفاسدة، والديكتاتورية والتعسفية أعلن ميرزا ​​كوتشيك خان جمهورية غيلان السوفييتية على طول الجزء الغربي من ساحل قزوين الإيراني.

- بعد أربع سنوات، وقبل عام من الانهيار النهائي لأسرة قاجار، كانت خوزستان، وهي مقاطعة ذات أغلبية عربية داخل إيران أصبحت مسرحا للتمرد الانفصالي ضد الدولة المركزية، نهض الشيخ خازل من المحمرة - وهي مدينة معروفة اليوم باسم خرمشهر، في تحد للنظام الملكي الإيراني. واستمر تمرده شهرين قبل إلغائه من قبل الدولة الإيرانية، ويعيش حفيد غزال اليوم في الإمارات.

على خلفية الفوضى التي خلفتها الحرب العالمية الثانية وما بعدها، لم ينهزم الأكراد وحدهم، بل كذلك بعض الأذربيجانيين الإيرانيين.

وفي زمن ثورة إيران نهض الأكراد مرة أخرى ضد الحكومة المركزية التي أخمدت هذا التمرد الضعيف بوحشية، ولم تكن منطقة بلوشستان جنوب شرق إيران مسرحا لحركة تمرد على مستوى منخفض على مدى عقود فحسب، بل على نطاق واسع أيضا من الإجرام الناجم عن تجارة المخدرات الأفغانية، والتمييز ضد البلوش الأصليين ليس فقط بسبب عرقهم، ولكن أيضا لأنهم سنيون في دولة شيعية طائفية تصب الزيت على النار، وكذلك الحال مع مغازلة بلوخستان القصيرة مع الاستقلال.

انهيار أمن الحدود

عندما تكون الدولة ضعيفة أو تنهار الحكومات، فإن الأقليات المضطربة تظهر المتمردين. وهناك إشارات وافرة على أن قوات الأمن الإيرانية بدأت تفقد قبضتها. ولا تقتصر الاحتجاجات الاقتصادية التي بدأت منذ عام تقريبا على الانتشار بشكل متقطع، ولكن في الأشهر الأخيرة أصبح الإرهابيون والمتمردون أكثر جرأة على طول محيط إيران.

تحديات ما بعد خامنئي

مع تدهور صحة الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي، واقترابه من شهوره أو سنواته الأخيرة، تبدو سيطرة الحكومة المركزية على الأطراف ضعيفة بشكل متزايد. ومن المحتمل أن يعني الفراغ الذي سيتبع موته عددا من الانتفاضات المتزامنة والقوية.

وفي حين أن الحرس الثوري سيبقى على الورق قوة هائلة، مع شغور قيادة النظام وغياب قائده العام، فمن المحتمل أن يواجه في الوقت نفسه انتفاضات وحركات محلية متزامنة في خوزستان وكردستان وبلوشستان، ومن غير الواضح مدى فعالية الحرس الثوري أمام هذه التحديات.

لدى المخابرات الأمريكية نقطتان رئيستان فيما يتعلق بالحرس الثوري:

التقسيم الفصائلي

  • يقر الجميع بأن الحرس الثوري الإيراني ليس متجانسا - بعض الرجال ينضمون فقط طمعا في الامتيازات - وهناك القليل من الفهم حول من أو كم من أعضاء المنظمة يمثلون الأيديولوجيين الحقيقيين؟




الوحدات الفردية


  • في 2007 أعاد الرئيس الحالي للحرس الثوري محمد جعفري تنظيم الحرس ليضع وحدة في كل محافظة.

  • وتشير التساؤلات إلى مدى تفوق الأيديولوجية على الولاء، عندما يمنح الجنود أمر بإطلاق النار على حشد قد يضم أفراد العائلة أو الأصدقاء.

  • وعندما يموت خامنئي من المرجح أن الذين قلوبهم ليست مع الأيديولوجية الثوريةسيعودون لبيوتهم، وهي خطوات ستشجع على مزيد من التمرد الكردي، والبلوشي، وربما العربي.




أحداث الأحواز، وهي أكبر مدينة في مقاطعة خوزستان الغنية بالنفط، وثامن أكبر مدينة في إيران بشكل عام:


  • 22 سبتمبر 2018 هاجم مسلحون عرضا عسكريا، مما أسفر عن مقتل 25 شخصا. وكان هذا الهجوم أكثر الهجمات دموية داخل إيران منذ مهاجمة الإرهابيين لموكب شيعي في مدينة شاباهار الجنوبية في 2010، مما أسفر عن مقتل نحو 30 شخصا، وألقى التحقيق الإيراني باللائمة على خلية من 40 إرهابيا، أفادت التقارير بأن 22 منهم أعدموا بالفعل.

  • تنظر السلطات الإيرانية كيف أن هذه الخلية الكبيرة يمكن أن تعمل دون أن يكتشفها أحد منذ فترة طويلة، وكيف أن العديد من المسلحين يمكن أن يتسللوا إلى منطقة شديدة الحراسة ويقتلوا فيها بفعالية، في حين أن بعض الذين قتلوا في العرض كانوا من المارة الأبرياء، وإذا كان الجنود وحراس الحرس الثوري قتلوا لأنهم غير مسلحين، فإن ذلك يشير إلى مدى ضعف الثقة لدى النظام الإيراني في ولاء قواته.

  • بعد أقل من شهر تعرضت قوات الأمن الإيرانية لهجوم مدمر آخر على نقطة ميرخافه الحدودية، المعبر الحدودي الرئيس بين إيران وباكستان.

  • وفي هذا الهجوم فاجأ المتمردون عشرات من الجنود الإيرانيين داخل القاعدة الإيرانية.

  • 22 نوفمبر 2018 أعادت القوات الباكستانية خمسة من الرهائن، لكن مصير الآخرين ما زال مجهولا، ويشير التحقيق الإيراني إلى أن الهجوم على موقع ميرخافه كان، في جزء منه، عملا داخليا، وبدا حينها وكأن محيط إيران بدأ ينهار.




الأكثر قراءة