الانخفاض القياسي للعجز خلال الميزانيات الربعية أدهش جهات التصنيف الدولية

الثلاثاء - 18 ديسمبر 2018

Tue - 18 Dec 2018

أدهش الانخفاض القياسي للعجز خلال الميزانيات الربعية للعام الحالي جهات التصنيف الدولية، بحسب اقتصاديين تحدثوا للصحيفة، مضيفين أن العوامل التي قادت إلى عجز الميزانية، والتي كان معظمها مرتبط بانخفاض أسعار النفط، شكلت مع الوقت أساسا محفزا أدى إلى مضاعفة العمل والجهد لتحقيق خفض العجز، وفي الوقت نفسه تحرير الاقتصاد من التكاليف الإضافية وزيادة الإيرادات غير النفطية.

تخفيف العبء

وأوضح عضو مجلس الشورى والمستشار المالي الدكتور سعيد الشيخ أن العجز يحدث عندما تزيد النفقات على الإيرادات، ويكون الحل لمواجهته إما بالسحب من الاحتياطي أو إصدار سندات أو تقليص النفقات، لافتا إلى أن انخفاض العجز إيجابي لأنه يخفف العبء عن الاستدانة ويقلل المديونية، وفي الوقت نفسه يتم الحفاظ على الاحتياطي النقدي، ويعد ذلك أساسا مهما للاقتصاد الوطني لأنه يحافظ على الاحتياطي ويرفع درجة التصنيف للاقتصاد ويحسن النظرة المستقبلية، وهذا ما لا حظته جهات التصنيف الدولية التي فوجئت بالتحسن غير المتوقع للاقتصاد الوطني على مدى العام الحالي، حيث قامت بإعادة التصنيف مرات عدة.

إدارة فاعلة

ولفت عضو لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى عبدالرحمن الراشد إلى أن إدارة العجز تحتاج إلى حكمة وإدارة فاعلة للخروج بأقل التكاليف، ومن ذلك استعمال أدوات الدين المختلفة بشكل مناسب وبما يناسب كل مرحلة، وقد نجحت السعودية بشهادة وكالات التصنيف الدولية وصندوق النقد الدولي في إدارة العجز واستخدام أدواته بكل اقتدار وبدرجة عالية من الحرفية، أدهشت المراقبين الدوليين، منوها إلى أن انخفاض العجز إيجابي لأنه يغني عن استخدام الاحتياطي، أو طرح الصكوك والسندات، كما يرفع من التصنيف الدولي للاقتصاد الوطني.

تحكم بالمصاريف

وأفاد المستشار المالي والاقتصادي محمد العمرو بأن الاكتشاف المبكر للعجز ساعد متخذ القرار وأتاح له خيارات متعددة، كما يتيح له الفرصة لمراجعة وإعادة ترتيب الأولويات ووضع مؤشر للتحكم بالمصاريف، وإيجاد بدائل أخرى تغني عن القروض، وهذا ما حدث، حيث إن العجز كان حافزا للمزيد من العمل والجهد.

ولفت إلى أن الدولة لعبت بكل اقتدار على مسألة التخفيف من العجز بدون الإضرار بالمشاريع التنموية تحت التنفيذ، والتي تواصلت وتم الصرف على مشاريع أخرى جديدة، وأشار إلى أن اقتصار الدعم الحكومي على المشاريع التنموية الحيوية سيخفض نسبة التضخم إلى أدنى حد ويحفز شركات المقاولات والدعم اللوجستي والتموين للعمل والاستثمار.

نجاح الهيكلة

وعد عضو اللجنة المالية السابق بمجلس الشورى المهندس صالح العفالق انخفاض العجز في الموازنة بمثابة نجاح كبير لخطط هيكلة الاقتصاد وبرنامج التحول، مشيرا إلى أن من أهم أسباب الانخفاض زيادة الإيرادات غير النفطية والضرائب على رأسها، إلى جانب بدء بعض مشاريع الرؤية بالإنتاج، إضافة إلى خفض تكاليف الإنتاج وتحرير الاقتصاد من بعض المصروفات غير الضرورية، وتوقع العفالق إزالة العجز والتحول إلى النمو عام التوازن المالي في 2023.

قيادة حكيمة

وأكد أستاذ المالية المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور إبراهيم القحطاني أنه لا خوف على مستقبل الاقتصاد الوطني في ظل القيادة الحكيمة لدفته من قبل فريق عمل يتصف بالحكمة والمسؤولية يقوده ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مبينا أن زيادة الإنفاق على المشاريع الضرورية ولو على حساب ارتفاع العجز قليلا، هو ما أسهم في استمرار دوران عجلة الاقتصاد وتجنب دخوله في مرحلة الركود، وقد أسهمت إيرادات بعض المشاريع التي تم الصرف عليها في تخفيض العجز والإيرادات غير النفطية في تخفيض العجز بشكل لافت.

تحمل العجز

وأضاف القحطاني أن الاقتراض الداخلي الذي قامت به السعودية لا يشكل 15% إلى 20% من حجم الناتج المحلي، بينما تزيد مديونية بعض الدول الأوروبية عن ناتجها المحلي.

عكس الدورات

وأوضح محلل الأسواق الخليجية أحمد السامرائي أن الاقتصادات العالمية تمر بدورات متتالية تتقلب فيها بين الارتفاع والانخفاض، إلا أن الجهات المالية في السعودية عادة ما تعمل على عكس الدورات الاقتصادية عبر ضخ سيولة والتوسع في المشاريع في أوقات التراجع للحفاظ على وتيرة الاقتصاد بشكل عام.

تحرير الاقتصاد

وأكد المستشار المالي الدكتور عيسى المنصور أن المملكة قادرة على المحافظة على معدلات نمو مقبولة بالاعتماد على آليات الاقتصاد المختلفة ومنها العنصر البشري، وقد أسهم التخلص من مصروفات إضافية ضخمة ليست ذات قيمة مضافة لدى بعض الجهات الحكومية في تخليص الاقتصاد الوطني من أعباء كبيرة وتوفير سيولة، ساعدت في تقليص العجز بشكل كبير، وهو ما أكدته وكالات التصنيف.