أحمد الهلالي

خطوات التعليم الإصلاحية ومطالبنا الملحة!

الثلاثاء - 18 ديسمبر 2018

Tue - 18 Dec 2018

هللنا جميعا بتراجع الوزارة عن دمج مادتي الإملاء والخط عبر مادة (لغتي) في مراحل التعليم العام، وإعادتهما في مناهج مفردة تصقل مهارات الأبناء فيهما، ونثمن للوزارة هذه الخطوة المهمة جدا، على أننا نأمل أن تبادر إلى خطوات أخرى غاية في الأهمية.

القراءة والكتابة هما أساس المعرفة، وإجادة فنونهما من أهم مكتسبات الإنسان، فهما المهارتان اللتان يحتاجهما الإنسان من سن التعليم إلى أن يفارق الحياة، فالقراءة الصحيحة تعني وصول الأفكار المقروءة بصورة صافية ونقية، والكتابة السليمة تعني التعبير عن أفكار الإنسان بصورة واضحة، وأي خلل في الصورتين يعني الارتباك والتشويش في حالتي الاستقبال والإرسال (التلقي والبث).

بعد تمكن الإنسان من فن القراءة وامتلاك أدواتها كلها، تتحول القراءة بكامل أدواتها إلى أداة فعالة تلعب دورا أساسيا في الكتابة، وكلما تمكن الإنسان من تجويد أدواته الكتابية زاد إقباله على ممارسة الكتابة بأنواعها، وإن شعر بكلالة أدواته في الفعل الكتابي أحجم وحبس كثيرا من أفكاره ومشاعره، وظل أسيرا لفقره المعرفي بفعل نقص أدواته الكتابية، وتكاثرت علله، ومن هنا فإن لي مطالب أرجو من الوزارة ـ وهي قديرة ـ أن تلبيها:

ـ أطالب وزارة التعليم أولا بإسناد مادة الخط العربي إلى معلم التربية الفنية، فلا ضرورة لبقاء هذه المادة عند معلم اللغة العربية، فمعلمو التربية الفنية أقدر على صقل مواهب المتعلمين الفنية، وهم أكثر قبولا، ولا ننسى أن خطوط بعض معلمي اللغة العربية ـ وأنا منهم ـ لا تؤهلهم أصلا لتدريس هذه المادة، وربما يكون هذا أحد عوامل سوء خطوط التلاميذ، كما أن بعض المعلمين يراها مادة تكميلية، وربما يشغل حصتها بما ينقص خطته التدريسية لمواد اللغة العربية الأخرى، وهذه عادة قديمة يروح ضحيتها زمن حصتي (الخط والإنشاء).

ـ أطالب الوزارة بإعادة إفراد قواعد اللغة العربية في الصف الأول المتوسط بمنهج مستقل لها، يدرس للتلاميذ بطريقة مبسطة، تمكنهم من فهم أساسيات النحو العربي، بدلا من ضياع القواعد عبر فقرة (الوظيفة النحوية) في مقرر لغتي.

ـ أطالب الوزارة بتدريس مادة الإنشاء (التعبير) في منهج مستقل؛ لتكون أساسا يكشف للمعلمين عن قدرات الطلاب وامتلاكهم لأدوات الكتابة، فهي المرآة الحقيقية لمعرفة مستوى الطالب قرائيا وكتابيا، وامتلاكه لمهارات القواعد والإملاء والخط، خاصة في الكتابة الصفية، إذ نضمن أن الطالب يستطيع الكتابة والتعبير عن ذاته وأفكاره دون مساعدة من أحد، ويستطيع المعلم معرفة ما أجاد من مهارات اللغة العربية وما يحتاجه بدقة متناهية.

ـ أطالب الوزارة بإعادة مادة النصوص الأدبية لتنمية التذوق الأدبي عند النشء، وفتح ذوائقهم على روائع ورموز الأدب العربي قديما وحديثا، دون انحياز لمدرسة أدبية بعينها، فمن حق الطالب أن يعرف المدارس الأدبية والنقدية، خاصة في المرحلة الثانوية، وأن يكون للأدب

السعودي حضوره الواضح دون اعتبار للصراعات والأطياف الأدبية، فالطالب ليس بحاجة إلى هذا.

ختاما، أشكر الوزارة على خطواتها في المراجعة والتراجع، وأثمن عاليا توجهها إلى تدريس الفلسفة والقانون والمهارات التقنية في المرحلة الثانوية، ونأمل أن تبادر الجامعات إلى افتتاح أقسام للفلسفة تخرج كوادر مؤهلة لتدريس منهجها في مدارسنا، وختام الختام: أتمنى على الوزارة أن تركز رؤيتها على امتلاك الطالب مهارات القراءة والكتابة امتلاكا حقيقيا في المرحلة الابتدائية مع قليل من الصقل الفكري، وأن تكون المرحلتان المتوسطة والثانوية لصقل ملكاته الفكرية والمعرفية والمهارية.

ahmad_helali@