محمد النفاعي

هل يغزو القطن اللغة العربية؟

السبت - 15 ديسمبر 2018

Sat - 15 Dec 2018

في الـ 18 من ديسمبر عام 1973، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اللغة العربية كلغة عمل رسمية، لتكون إحدى اللغات الست التي تعمل بها الأمم المتحدة، وهي: العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية. منتصف هذا الأسبوع إن شاء الله يصادف الذكرى السنوية للاحتفال بيوم اللغة العربية، والذي بدأ منذ عام 2012.

أنا البحر في أحشائه الدر كامن

فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

الأغلبية من جيل الطيبين يحفظون هذا البيت من الشعر، والذي كان مقررا تقريبا في جميع مناهج اللغة العربية في الوطن العربي، وبالتحديد في مادة النصوص في ذلك الوقت. هذا هو البيت الأشهر والأكثر تداولا من قصيدة رائعة للشاعر المصري حافظ إبراهيم، ينعى ويشكوا فيها حال اللغة العربية.

قيلت هذه القصيدة في بداية القرن الـ 20، وقد صاغها الشاعر دفاعا عن اللغة العربية وتصديا للحملات والدعوات المتكررة التي كانت تطالب بالتحدث بالعامية في ذلك الزمان.

في المقابل أتصور بحر آرال - وهو بحر داخلي يقع في آسيا الوسطى بين أوزبكستان وكازاخستان - يتمنى لو أنشد هذا البيت مرارا وتكرارا تصديا للروس الذين كانوا يسيطرون على تلك المنطقة في الخمسينات الميلادية، حتى لا يقرروا تحويل مسار نهرين من الأنهار التي تغذي البحر دعما لزراعة القطن، والذي كان يسمى الذهب الأبيض. نتيجة البحث عن القطن بالنسبة لبحر آرال هي كارثة بيئية بانحسار مستوى الماء ابتداء من السبعينات الميلادية تدريجيا حتى جف نحو 90% منه حتى الآن.

في وقتنا الحالي لغتنا العربية تكافح قطن عصر العولمة والانترنت، حيث تصارع للتنافس وإثبات قوتها ووجودها مقارنة باللغات الأخرى، حيث تحتل كمحتوى المركز الرابع بعد الإنجليزية والصينية والإسبانية على شبكة الانترنت، مع أن المتحدثين بها أكثر من 422 مليون نسمة، مع الأخذ في الحسبان أنها لغة القرآن والعبادات لجميع المسلمين في العالم.

نتذكر جميعا أثر دخول شركات النفط على اللغة العربية عموما، واللهجة المحلية للمجتمع الخليجي خصوصا، بعد انضمام كثير من أهالي المنطقة والمناطق الأخرى إلى تلك الشركات قبل أكثر من 70 سنة، حيث انتشرت مصطلحات ومفردات جديدة لا تنتمي إلى اللغة العربية أو حتى إلى اللهجة المحلية، من أجل تسهيل التواصل بين الغرب والشرق، أو لعدم وجود كلمة عربية ملائمة لما يراد توصيفه، فعربت بعض الكلمات الأجنبية لفظا وكتابة كما هي، وتبنى المجتمع بعض الكلمات والعبارات مثل «الهَرن» أي المنبه، و«الهوز» أي خرطوم الماء، «سِكّة الرَّيِل» أي سكة القطار، و«السويتش» أي المفتاح، و«البيب» أي الماسورة، وغيرها من الكلمات.

أما في الحاضر، فقد كنت شخصيا في أحد المجالس، وكان أحدهم شاعرا ممن أتقنوا اللغة الإنجليزية، فقصد لنا شعرا مهجنا بين العربية والإنجليزية، وكان مستساغا جدا لدى الأكثرية. ومن حسن حظه أن حافظ إبراهيم لم يكن ضمن الحضور.

ختاما، أتمنى أن تتبنى وزارة التعليم النشاطات المتعلقة بإحياء اللغة العربية الفصحى بمناسبة الاحتفال العالمي السنوي بلغة القرآن، قراءة ونطقا وكتابة وإملاء، وأتمنى أن يكون قرار إعادة تدريس الإملاء والخط في المدارس خطوة في الطريق الصحيح نحو تحسين الكتابة اليدوية ومستوى الإملاء لدى الجيل الجديد. ترى كيف سيكون حال اللغة مستقبلا، ليس نطقا فقط، بل كتابة وترجمة أيضا؟

msnabq@