محمد أحمد بابا

متلازمة الماركات

السبت - 15 ديسمبر 2018

Sat - 15 Dec 2018

طلبت ابنتي التي لها من العمر 12 ربيعا أن تشتري حذاء رياضة من ماركة (nike) فذهبنا ونفذنا أوامرها في دهشة مني من سعر لأول مرة أطلع عليه، لأكتشف أنني في السن كبرت وغبت عن مسرح الموضة.

الأمر استدعى مني مراجعة سريعة لمسرح عالمنا المفتوح، فاحتفظت ذاكرتي أثناء بحثي بفكرة (متلازمة الماركات) فوجدتني أقول:

- حقيبة من (قوتشي) تتطلب من حاملتها ابتياع بعض كتب من معرض الكتاب لتتناسق صورة ملتقطة لها وهي تقرؤها أثناء السفر.

- قلم من (مونت بلاك) يحفز حامله على نفخ صدره بعض شيء حين يحضر ورشة عمل في ريادة أعمال الأفكار مع صاحبة فكرة تسويق خلطة قهوة خرافية.

- ساعة من (روليكس) كفيلة بأن تجعل سلام صاحبها على مدير مصلحة حكومية عقدا ضمنيا بأنه رهن خدمات مجانية له.

- جزمة رياضية من (سيكتشرز) تلزم صاحبتها بأن تحتار في اختيار أشهر ممشى في جدة أو الرياض ليكون لها حظ يومي من الاستعراض بها.

- ثوب من (لومار) مصيبة عظمى للابسه فهو آمر له أن يكون أغلب نشاطه وقوفا وإظهارا للدمغة، فتلك هي القيمة الاستهلاكية للسعر الخرافي.

- كبك من (ديور) قد يجر لابسه لتغيير طريقة وضع يديه على الطاولة في مقابلة ما، مما قد يصيب رسغه بألم عصبي، فرؤية الناس له انعكاس لقيمته.

- قهوة من (ستار بوكس) يتحمل مرارتها وبؤس تصميم أوانيها وحجمها كثير من الناس صباحا حتى لا تخلو صباحاتهم من بهرجة صور السناب والانستقرام.

- نظارات شمسية من (ريبان) من لوازم الذوق في النهار، ولو كان اليوم عطلة والجو ممطرا وتم تعليق الدراسة فهي مع السروال والفنيلة مثل الشاهي مع الحليب.

- أثاث من (إيكيا) حافز على الكرم الاضطراري ودعوة الناس للمنزل، فسبحان من جعل منه استخراجا للبخيل مثل النذر.

- تيشرت من (بولو) يوقع لابسه في زحمة عصف ذهني كيف تلتفت الأنظار إليه دون إقحام النفس في (مشاوير) ليست أصلا على قائمة التخطيط اليومي.

مع أن البلدان التي ابتكرت هذه (الماركات) ظهرت فيها مجموعات بحث موضوعي تاريخي تحذر الناس من الاستهلاك النمطي المعتمد على الإغراء النفسي في مواجهة الدخل المادي.

وبينوا أنه حتى في الماركات طبقية دلالية عن ثلاث طبقات ما بين عال ومتوسط وعادي فهم في هوسهم يتنافسون.

حينها قلت لابنتي حفظها ربي: يوما ستصبح تكلفة خروجك من البيت إلى الجامعة ما يقارب 30 ألف ريال مفرقة على مجموعة من الماركات تحزنين إن لم ألب طلبك في إحضارها.

وجدت كذلك أن للماركات حسنة ربما، فهي تدعو مقتنيها لابتكار عمل خاص أو خوض مجال تطوعي أو مشاركة في مهرجان أو مؤتمر أو التشبه بالمشاهير في مجال الكتابة أو الشعر أو النشاط الاجتماعي ونحو ذلك، ولو لم يكن همهم الأصلي ولا خط تعليمهم واهتماماتهم، فماركات قوم عند قوم فوائد.

albabamohamad@