عبدالغني القش

رواد التعليم.. وتكريم الوزارة!!

الجمعة - 14 ديسمبر 2018

Fri - 14 Dec 2018

التكريم اعتراف ضمني بالصنيع، يقوم به الفضلاء، وهو نهج الحكماء، وقبل ذلك هو منهج النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم «من صنع لكم معروفا فكافئوه».

والمعلم يؤسس للعلم ويغرس المعرفة، ويربي الأجيال، وينشئ بناة المجتمع، ولذا يبادر العقلاء لتكريمه في كل مناسبة، ويقتنصون الفرص للمبادرة إلى ذلك لإدراكهم المكانة التي يستحقها والمنزلة الرفيعة له.

وقد سقت هذه المقدمة بعد أن شهدت المدينة المنورة مؤخرا حدثا أثلج الصدور وأدخل على النفوس السرور، حيث أقامت ديوانية آل رفيق الثقافية بالمدينة المنورة في 27 ربيع الأول حفل التكريم الأول لرواد التعليم في المدينة المنورة، وسط حضور كبير من التربويين والمعلمين

الأماثل والمثقفين والمفكرين وكوكبة من الإعلاميين، وكان من بينهم صفوة من جمعية «إعلاميون» تمثلت في رئيس مجلس الإدارة ونائبه والمدير التنفيذي.

وقد أعد القائمون على الحفل فيلما تعريفيا بكل محتفى به في حدود دقيقتين يسرد شيئا من سيرته مع صورته، في مهنية راقية تحسب لهم؛ فكانت أمسية فريدة من نوعها، متميزة برونقها، ويا لله كم كان الإخاء حاضرا، والصفاء مخيما.

وازدان التكريم بحضور مستشار أمير منطقة المدينة أمين عام مجلس المنطقة المهندس مساعد السليم، في حين غاب قادة التعليم الحاليون جميعا «المدير العام ومساعدوه»، ولم يحضر أي ممثل للإدارة العامة للتعليم بالمدينة المنورة على الإطلاق - على الرغم من دعوتهم - وهو ما يثبت توجه الوزارة وزهدها بشكل عام بهذه الأمور. وقد سبق أن قامت الإدارة العامة للتعليم بالمدينة المنورة بعمل حفل تكريم للمعلمين المتقاعدين فجمعت كل من تقاعد منذ خمس سنوات، وقدمت لهم هدايا أقل ما يمكن أن توصف به أنها لا تليق، وتم نسيان بعضهم وقد امتدت خدمتهم 40 عاما، وبعد ذلك أحجمت عن تكريم من تلاهم، ويبدو أنها ستجمعهم مرة أخرى بعد خمس سنوات قادمة، ليتكرر المشهد نفسه!

وفي هذا الحفل كان يفترض أن يكون لها دور بتقديم هدايا رمزية، وقطعا سيكون لها الأثر الطيب في نفوس هؤلاء الأماثل، فهم قد بلغوا من العمر مبلغا لا يحتاجون معه إلا للاحترام والتقدير لما قدموه من عطاء، وتبقى الإجابة تراوح مكانها عند القائمين على الوزارة!

ومن المؤلم عدم اهتمام الوزارة حتى يومنا هذا بإقامة حفلات تكريم المتقاعدين، حتى نسيها المعلمون، وباتت في عالم النسيان، مع أن لها دورا كبيرا في نفوسهم، ولكن يبدو أن ذلك لا يعني الوزارة!

إن المطالبة بتكريم المعلم عموما، ورواد التعليم بشكل خاص، حق مشروع لهؤلاء الفضلاء، فقد أمضوا سني عمرهم في الميدان التربوي والتعليمي، وجاء الوقت ليقال لهم: شكرا لجهودكم، ونقدر عطاءاتكم، ونثمن مجهوداتكم، فقد كنتم خير من يمثل التعليم والتربية. وأقترح أن تكون الدروع المقدمة للمعلم المتقاعد بتوقيع الوزير شخصيا، إن كنا نريد حقا تكريمه ومنحه قدره.

وبشكل عام أتمنى أن تبادر الوزارة وتكرم رواد التعليم في كل منطقة، ولو على مدى أعوام، بحيث يعلن في كل عام عن اسم المنطقة التي يراد تكريم رواد التعليم فيها، وهذا أدعى للاستحضار واستيفاء جميع الرواد في كل المناطق، وهذا يندرج ضمن تكريم المعلم، وهؤلاء هم المؤسسون للتعليم في مناطقهم ومحافظاتهم ومراكزهم وقراهم، وليت ذلك يكون بحسب التسلسل التاريخي لنشأة التعليم، وكم كانت السعادة غامرة، حيث كان أحد المكرمين في الديوانية من مواليد 1344هـ، وتكريم هؤلاء في حياتهم له أثر أكبر من تكريمهم بعد وفاتهم، وفي الجملة ما لا يدرك كله لا يترك جله، فهل تبادر وزارة التعليم وتقدم على مثل هذا التكريم؟!