ياسر عمر سندي

ما بعد قمة دبي للمعرفة.. الاستحواذ والنقل

الأربعاء - 12 ديسمبر 2018

Wed - 12 Dec 2018

من أجمل الأوقات التي استشرفت فائدتها المعرفية مسبقا وعايشت أحداثها لاحقا مشاركتي بشغفي المعرفي الذي تحقق من خلال حضوري لقمة دبي للمعرفة، والتي عقدت الأسبوع الماضي يومي الخامس والسادس من ديسمبر، والأجمل من ذلك هو الاطلاع على ورش العمل المعرفية العديدة، والتنقل بين الجلسات المتنوعة للخبراء العالميين بمختلف التخصصات والخلفيات العلمية والعملية في كل المجالات.

اللافت أن القمة تبنت إطلاق شعار «الشباب ومستقبل اقتصاد المعرفة»، فالهدف هو التركيز على فئة الشباب الذي يزخر بالإبداعات والابتكارات والعقول النيرة المولدة للمعرفة، والتي تجمعت تحت سقف واحد لتتشارك بشغف في التبادل المعرفي الخامس لكل ما هو جديد ومفيد، فأبناء الوطن العربي يحتاجون إلى حافز ودافع ورعاية داعمة مثل رعاية مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، تعنى بالابتكارات الخلاقة والتفكير خارج الصندوق لاستنباط معرفتهم الضمنية الدفينة، وإخراجها لترى النور لتحقيق الفائدة الجمعية في كل المجالات الطبية والعلمية والإعلامية والاجتماعية والسلوكية والإدارية، وذلك بمنصات عدة ومسميات متعددة تعكس الرغبة وتلبي الهدف، مثل قاعة «مصنع المعرفة»، وقاعة «أرينا المعرفة»، وقاعة «أوبرا المعرفة»، فكل الشكر والتقدير للمؤسسة والقائمين عليها ورئيسها التنفيذي الأستاذ جمال بن حويرب على هذا الكرنفال المعرفي الكبير وإتاحة الفرصة للاستحواذ على المعرفة، ثم نقلها للغير Acquiring & Transferring knowledge بتعميم ونشر الفائدة المستخلصة من القمة.

ومن أبرز الأحداث التي لفتت نظري على الصعيدين العلمي والطبي أن تم تكريم جهات عربية وأجنبية عدة قدمت خدمات جليلة استحقت الفوز والحصول على جائزة مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة 2018، ومن أهم هذه الجهات «المكتبة السعودية الرقمية SDL» الفائزة بالجائزة التي تسلمها حضوريا المشرف العام على المكتبة، مستشار نائب وزير التعليم الدكتور سعود الصلاحي الذي تحدث مشكورا عن مستقبل المكتبات الرقمية وأهمية نقلها للمعرفة، وعن مستقبل الجامعات السعودية لأنها أحد روافد المعرفة وإنتاج البحوث العلمية، وتوليد المعرفة الجديدة لإثراء الساحة المجتمعية وتنميتها وإغراقها بالمستجدات البحثية والمخترعات العصرية في شتى المجالات.

ومن الجهات البارزة في الوطن العربي التي فازت بالجائزة مؤسسة الدكتور مجدي يعقوب لأمراض القلب، والتي أنشأت مركز أسوان للقلب لتوفير الرعاية الصحية المتكاملة، إضافة إلى تفعيل دور المعرفة من خلال التركيز على تدريب ورعاية جيل من الأطباء والممرضين والعلماء والفنيين المصريين الشباب على أعلى مستوى من المعايير الدولية، حيث يقاس مؤشر المعرفة العالمي بسبعة معايير رئيسة تعمل كمحددات للمعرفة في كل دولة وترتيبها من بين 134 دولة مصنفة عالميا، والمعايير هي: التعليم قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني، التعليم العالي، البحث والابتكار والتطوير، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الاقتصاد، البيئات التمكينية، ومن الإنجازات المشهود لها أن ارتفع مؤشر المعرفة 2018 لدولة الإمارات، حيث احتلت المركز الـ 19 بقيمة إجمالية 62، وارتفع أيضا مؤشر المعرفة للمملكة العربية السعودية ووصل ترتيبها إلى 66 بقيمة 47، حيث تعد إنجازات معرفية تصاعدية في كل عام.

ومن وجهة نظري كمتخصص في إدارة المعرفة، أجد أن التركيز يجب أن يكون على التعليم والتدريب المتنوع والمحافظة على رأس المال البشري والمعرفي من خطر النزوح الخارجي وهجرة العقول، واحتواء إبداعات الشباب وحثهم على التبادل المعرفي والفكري، وتدوير الخبرات والتجارب الناجحة وتسجيلها، وتوجيههم إلى مراكز الأبحاث والمعاهد التي تنمي درجة المهارات التطبيقية لسد الفجوة المعرفية القائمة بين الاحتياج للمعرفة، وكيفية تقديمها للوصول إلى الهدف المنشود، وهو خلق مجتمع معرفي واع ومثقف يؤمن بقدراته لمواكبة التطورات المستقبلية القادمة، لتحقيق رؤية المملكة 2030 واستراتيجيتها في تنويع مصادر الدخل، وإبراز الاقتصاد المعرفي، ونحن بشغف الانتظار للنسخة المعرفية السادسة 2019 بشعارها وقيمتها ومستجداتها العام المقبل بإذن الله.

@Yos123Omar