حنان درويش عابد

تحفيز القطاع الخاص لبيئة الابتكار.. أين وصلنا؟

الأربعاء - 12 ديسمبر 2018

Wed - 12 Dec 2018

شهد العالم في العقود الأخيرة تحولات كبيرة على صعيد نظرة الحكومات والأفراد للمفاهيم المتعلقة بالتطوير والتنمية، حيث بات الابتكار يلعب دورا بارزا في وضع الرؤى المختلفة محليا وعالميا من أجل النهوض بالقطاعات المختلفة في كل دولة. ونظرا لأن الدول والحكومات باتت على درجة كافية من الوعي بضرورة أن يلعب الابتكار دورا مركزيا في إطار ما تطرحه من رؤى تنموية، فقد أصبح القطاع الخاص أيضا شريكا بطريقة أو بأخرى في هذه المتغيرات والتحولات، فهل يسهم القطاع الخاص فعلا وبشكل حقيقي وجاد في دعم الرؤية المحلية للتنمية من خلال احتضانه لجهود ومشاريع الابتكار؟

مما لا شك فيه أن القطاع الخاص يمثل مؤسسات تختلف في قدراتها وإمكاناتها، وعند الحديث عن دعم القطاع الخاص لبيئة الابتكار المحلية فإننا نتحدث من باب المسلمات عن المؤسسات الكبرى القادرة على إحداث حراك نوعي وتحريك المياه الراكدة في بيئة الابتكار المحلي. وبالنظر إلى حجم الدور الذي يلعبه القطاع الخاص ممثلا في المؤسسات الكبرى في المملكة يمكن القول بأن هذه المؤسسات لم تلعب إلى الآن الدور المطلوب والكافي لإطلاق برنامج وطني شامل لا سقف للطموحات فيه، من أجل القيام بدورها الوطني ودعم جهود الحكومة للتأسيس لاقتصاد وطني مستدام ومتنوع، ولتحقيق رؤية 2030 التي تسعى إلى وضع قاطرة التنمية في المملكة على مسارها الذي يجعلها تسير جنبا إلى جنب مع قاطرات الدول المتقدمة.

وقد أطلقت الحكومة السعودية برنامجا شاملا لدعم القطاع الخاص بقيمة 19.2 مليار دولار، لتعزيز القدرة التنافسية لهذا القطاع، كأحد مستهدفات رؤية 2030، وكان دعم الشركات المتعثرة جزءا من هذا البرنامج، إضافة إلى إطلاق برنامج تحفيز الصادرات، ومبادرة تعزيز تمويل الصادرات، وتقليص عدد الوثائق المطلوبة للتخليص الجمركي بهدف تسهيل التجارة عبر الحدود، وكثير من البرامج والمبادرات التي تصب في مصلحة القطاع الخاص بشكل كبير، إلا أننا لا نلحظ مبادرات فاعلة وحقيقية يقدمها القطاع الخاص عبر المؤسسات الكبرى التي تستفيد بشكل أو بآخر من جميع برامج الحكومة لدعم القطاع الخاص، وهي المؤسسات التي عليها مسؤولية مجتمعية كبيرة لا بد لها من القيام بها، فهذه المؤسسات لم تكبر بعيدا عن دعم الدولة وبعيدا عن القوة الشرائية للمجتمع، ومن الواجب عليها القيام بدور حقيقي وجاد لدعم الشباب المبدع والمبتكر من خلال مشاريع مدروسة ومبنية على رؤى ومستهدفات تتماشى مع رؤية 2030، وتتناغم مع أطر ومنهجيات وأدبيات هذه الرؤية.

وبوجه عام، يمكن للقطاع الخاص أن يشكل تحالفا وطنيا يغطي المملكة لتأسيس هيئة خاصة تحت إشراف حكومي، تعمل على تأسيس جسد وسيط بين القائمين على تنفيذ رؤية 2030 في الحكومة والقطاع الخاص لدعم الشباب الذي يمتلك إمكانات واعدة ومشاريع جادة، ويمكنه من خلال كل ذلك أن يكون لبنة من لبنات الهيكل الاقتصادي الجديد الذي تسعى الرؤية لبنائه.

لقد قدمت المملكة حكومة وشعبا الكثير للقطاع الخاص، خاصة المؤسسات الكبرى فيه، وقد آن الأوان أن تمارس تلك المؤسسات دورها الوطني الإيجابي والفاعل من أجل مصلحة الوطن والمواطنين.

hananabid10@