البلقان معبر نظام إيران المضلل
طهران زرعت وجودها الخفي على جسر أوروبا الوسطى والغربية على مدار 30 عاما
طهران زرعت وجودها الخفي على جسر أوروبا الوسطى والغربية على مدار 30 عاما
الأربعاء - 12 ديسمبر 2018
Wed - 12 Dec 2018
لفتت عمليات التضليل الإيرانية العالمية اهتماما كبيرا، لكن وجودها في البلقان لا يزال خارج نطاق التركيز، ويستمر الجمهور ووسائل الإعلام في التقليل من أهمية إمكانات عمليات طهران في المنطقة، وأشار موقع Globe Post الأمريكي إلى وجود خلايا إيرانية في بلغاريا تتحرك بهدوء دون أي دعاية.
شبكة البلقان
أوضح الموقع أن معظم السياسيين البلغاريين غير مدركين لأمرين، أولهما أن الإيرانيين طوروا شبكة تمر عبر البلقان، وأنهم حولوا دولا مثل بلغاريا إلى قواعد لوجستية، وتؤكد المصادر الاستخبارتية أن الأنشطة المحلية المستمرة لطهران مرت دون أن يلاحظها أحد، وثانيهما أنهم ليسوا مهتمين بالتجاذب التقليدي للقوة الناعمة والتكتيكات الإقناعية، بل بالأحرى في التلاعب بطريقتهم، على سبيل المثال من خلال التأثير في خطاب وسائل الإعلام الاجتماعية.
وحين جرى الكشف عن عدد من الخطط الإيرانية والأنشطة السرية في فرنسا وألمانيا والنمسا والدول الاسكندنافية، فإن الوجود الإيراني في البلقان يبقى خارج التركيز قليلا. قد يكون سبب ذلك أن البلقان لا يرتبط عادة بالوجود الإيراني أو الأنشطة المرئية بوضوح، على عكس روسيا وتركيا اللتين تعدان لاعبين إقليميين رئيسين.
وباتت البلقان محل اهتمام لإيران لأن طهران تنظر إلى المنطقة على أنها منصة لوجستية «هادئة» مناسبة، خارج نطاق تركيز وكالات الاستخبارات والأمن العالمية، مع التراخي في الأمان وضعف المؤسسات، والفساد المتفشي.
وبسبب الموقع الجغرافي للبلقان، توفر المنطقة لإيران رأس جسر مناسب لأوروبا الوسطى والغربية، ومن الواضح أن طهران زرعت وجودها «الخفي» في هذه المنطقة بهدوء ولكن بثبات طوال الـ 30 سنة الماضية.
صداقات مع البوسنة
كانت طهران قادرة على إنشاء مركز أوروبي رئيس خلال حرب البوسنة 1992-1995، ويشير الباحث كايل أورتن إلى العلاقات الجيدة لأول رئيس بوسني مع إيران، علي عزت بيغوفيتش بين عامي 1992 و1996، حيث كان يتلقى الدعم من الحكومة الإيرانية منذ الثمانينات، ومارست الاستخبارات الإيرانية، ولا سيما القوات شبه العسكرية (باسداران)، نفوذا كبيرا على تدريب الوحدات المتطرفة في الجيش البوسني، كما قدمت الدعم اللوجستي والأسلحة والذخائر.
ثغرات أمنية
البلقان مهيأة للاستغلال الإيراني بسبب الفجوات القائمة في الأمن والمؤسسات الحكومية الضعيفة والفساد المستشري في هذه البيئة، وتنفذ أنشطة التأثير الإيراني وتنسق ليس فقط من قبل موظفي السفارة المحلية، لكن بشكل متزايد من قبل عملاء حزب الله النشطين. وللبقاء خارج الشكوك من السلطات المحلية، غالبا ما يستخدم عملاء حزب الله وثائق إيرانية أو يسافرون بجوازات سفر غربية إلى المنطقة وخارجها.
ما وراء البوسنة
تتمتع منطقة البلقان بتاريخ طويل من كونها ساحة للمجموعات المتنوعة والخطرة بدافع الأيديولوجية والجشع والعنف.
وتتراوح هذه المستويات في أي مكان من القوميين المتطرفين المحليين والنازيين الجدد إلى السلفيين والأناركيين اليساريين المتطرفين، والذين يشتركون جميعا في شهيتهم للعنف والدمار.
وبينما كان الإعلام الرئيس والتركيز الأكاديمي موجهين إلى الوطنيين اليمينيين والسلفيين، فإن الوكلاء الإيرانيين ومصالحهم وعملياتهم في المنطقة لم يحظوا باهتمام كبير. قد تكون «تحت الرادار» لكن إيران ظلت تسعى لعقود من الزمن لتحديد موقع «الحلقة الأضعف» في السلسلة الأوروبية للأمن وجنوب شرق أوروبا. ولسوء الحظ تمثل البلقان مثل هذه الصلة.
أصول خاصة
يذكر التقرير أن الوكالة الإيرانية لها أصولها الخاصة في مقدونيا وكوسوفو، على الرغم من أن إيران لم تعترف رسميا بكوسوفو.
في صوفيا لدى حزب الله مكانان محددان على الأقل للاجتماعات، حيث تناقش مواضيع تتراوح من التخطيط لعمليات الأعمال إلى تعزيز الاتصالات مع القوى السياسية المحلية، ويدفع رجال الأعمال البارزون الداعمون لحزب الله ضرائب شهرية لتطوير وصيانة الشبكة المحلية.
النهج المستهدف
عند تحليل «الوجود الخفي» الإيراني والسعي إلى التأثير على البلقان، يجب النظر إلى ما وراء تعزيز الروابط السياسية، وتوسيع المصالح التجارية، وزيادة الشبكات التجارية المفتوحة والسرية.
سيكون الاتجاه المحدد للنظر هو الجهود الإيرانية لتعزيز النفوذ في النواحي الدينية والثقافية، في حين يستهدف السكان المحليين، فعلى غرار النهج التركي، يستهدف الإيرانيون مجتمعات محلية محددة للغاية تكون عرضة للتأثير الخارجي.
بعد الثورة الإيرانية 1979، كانت طهران مستعدة لتنشيط اتصالاتها مع مسلمي البلقان، حيث تولي إيران أهمية جغرافية استراتيجية للمنطقة. فعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، تمكن الإيرانيون من إقامة اتصالات مباشرة ونشطة مع المجتمع البلغاري المحلي عبر سفارتهم في صوفيا والمركز الثقافي الإيراني الملحق.
هذه الاتصالات متينة ودائمة وتعمل بشكل مباشر مع المجتمعات في البلاد لأن الحكومة البلغارية لا تعد إيران مصدرا رئيسا للخطر.
في العام الماضي وحده زار المسؤولون الإيرانيون عددا من المستوطنات البلغارية، وبدا أن موظفي السفارة الإيرانية على ارتباط وثيق بالمركز الثقافي الإيراني - وهو هيكل مرتبط مباشرة مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية.
القدرة على الضرر
الوجود الإيراني في مختلف دول البلقان محدودا إلى حد ما، ومع ذلك فهو لا يخلو من إمكانات خطيرة للضرر، وهو يعتمد بشكل كبير على السعي الهادئ والمتواصل للأهداف السياسية والأمنية لإيران في منطقة ذات أهمية استراتيجية للمخططين في طهران.
إن هذا الجهد الخفي المتواصل له مميزاته ويقدم مزاياه المميزة، حيث إن الإيرانيين يدركون تمام الإدراك أن اللاعبين الرئيسين في البلقان هما روسيا وتركيا، لكن طهران تدرك أنها تستطيع الاستفادة من أوضح ميزة لها، وهي عدم وجود عبء تاريخي في علاقاتها مع المجتمعات المحلية.
عوامل توفر لإيران و«حزب الله» الفرص لاستغلال المنطقة لبدء عمليات في وسط وغرب أوروبا:
شبكة البلقان
أوضح الموقع أن معظم السياسيين البلغاريين غير مدركين لأمرين، أولهما أن الإيرانيين طوروا شبكة تمر عبر البلقان، وأنهم حولوا دولا مثل بلغاريا إلى قواعد لوجستية، وتؤكد المصادر الاستخبارتية أن الأنشطة المحلية المستمرة لطهران مرت دون أن يلاحظها أحد، وثانيهما أنهم ليسوا مهتمين بالتجاذب التقليدي للقوة الناعمة والتكتيكات الإقناعية، بل بالأحرى في التلاعب بطريقتهم، على سبيل المثال من خلال التأثير في خطاب وسائل الإعلام الاجتماعية.
وحين جرى الكشف عن عدد من الخطط الإيرانية والأنشطة السرية في فرنسا وألمانيا والنمسا والدول الاسكندنافية، فإن الوجود الإيراني في البلقان يبقى خارج التركيز قليلا. قد يكون سبب ذلك أن البلقان لا يرتبط عادة بالوجود الإيراني أو الأنشطة المرئية بوضوح، على عكس روسيا وتركيا اللتين تعدان لاعبين إقليميين رئيسين.
وباتت البلقان محل اهتمام لإيران لأن طهران تنظر إلى المنطقة على أنها منصة لوجستية «هادئة» مناسبة، خارج نطاق تركيز وكالات الاستخبارات والأمن العالمية، مع التراخي في الأمان وضعف المؤسسات، والفساد المتفشي.
وبسبب الموقع الجغرافي للبلقان، توفر المنطقة لإيران رأس جسر مناسب لأوروبا الوسطى والغربية، ومن الواضح أن طهران زرعت وجودها «الخفي» في هذه المنطقة بهدوء ولكن بثبات طوال الـ 30 سنة الماضية.
صداقات مع البوسنة
كانت طهران قادرة على إنشاء مركز أوروبي رئيس خلال حرب البوسنة 1992-1995، ويشير الباحث كايل أورتن إلى العلاقات الجيدة لأول رئيس بوسني مع إيران، علي عزت بيغوفيتش بين عامي 1992 و1996، حيث كان يتلقى الدعم من الحكومة الإيرانية منذ الثمانينات، ومارست الاستخبارات الإيرانية، ولا سيما القوات شبه العسكرية (باسداران)، نفوذا كبيرا على تدريب الوحدات المتطرفة في الجيش البوسني، كما قدمت الدعم اللوجستي والأسلحة والذخائر.
ثغرات أمنية
البلقان مهيأة للاستغلال الإيراني بسبب الفجوات القائمة في الأمن والمؤسسات الحكومية الضعيفة والفساد المستشري في هذه البيئة، وتنفذ أنشطة التأثير الإيراني وتنسق ليس فقط من قبل موظفي السفارة المحلية، لكن بشكل متزايد من قبل عملاء حزب الله النشطين. وللبقاء خارج الشكوك من السلطات المحلية، غالبا ما يستخدم عملاء حزب الله وثائق إيرانية أو يسافرون بجوازات سفر غربية إلى المنطقة وخارجها.
ما وراء البوسنة
تتمتع منطقة البلقان بتاريخ طويل من كونها ساحة للمجموعات المتنوعة والخطرة بدافع الأيديولوجية والجشع والعنف.
وتتراوح هذه المستويات في أي مكان من القوميين المتطرفين المحليين والنازيين الجدد إلى السلفيين والأناركيين اليساريين المتطرفين، والذين يشتركون جميعا في شهيتهم للعنف والدمار.
وبينما كان الإعلام الرئيس والتركيز الأكاديمي موجهين إلى الوطنيين اليمينيين والسلفيين، فإن الوكلاء الإيرانيين ومصالحهم وعملياتهم في المنطقة لم يحظوا باهتمام كبير. قد تكون «تحت الرادار» لكن إيران ظلت تسعى لعقود من الزمن لتحديد موقع «الحلقة الأضعف» في السلسلة الأوروبية للأمن وجنوب شرق أوروبا. ولسوء الحظ تمثل البلقان مثل هذه الصلة.
أصول خاصة
يذكر التقرير أن الوكالة الإيرانية لها أصولها الخاصة في مقدونيا وكوسوفو، على الرغم من أن إيران لم تعترف رسميا بكوسوفو.
في صوفيا لدى حزب الله مكانان محددان على الأقل للاجتماعات، حيث تناقش مواضيع تتراوح من التخطيط لعمليات الأعمال إلى تعزيز الاتصالات مع القوى السياسية المحلية، ويدفع رجال الأعمال البارزون الداعمون لحزب الله ضرائب شهرية لتطوير وصيانة الشبكة المحلية.
النهج المستهدف
عند تحليل «الوجود الخفي» الإيراني والسعي إلى التأثير على البلقان، يجب النظر إلى ما وراء تعزيز الروابط السياسية، وتوسيع المصالح التجارية، وزيادة الشبكات التجارية المفتوحة والسرية.
سيكون الاتجاه المحدد للنظر هو الجهود الإيرانية لتعزيز النفوذ في النواحي الدينية والثقافية، في حين يستهدف السكان المحليين، فعلى غرار النهج التركي، يستهدف الإيرانيون مجتمعات محلية محددة للغاية تكون عرضة للتأثير الخارجي.
بعد الثورة الإيرانية 1979، كانت طهران مستعدة لتنشيط اتصالاتها مع مسلمي البلقان، حيث تولي إيران أهمية جغرافية استراتيجية للمنطقة. فعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، تمكن الإيرانيون من إقامة اتصالات مباشرة ونشطة مع المجتمع البلغاري المحلي عبر سفارتهم في صوفيا والمركز الثقافي الإيراني الملحق.
هذه الاتصالات متينة ودائمة وتعمل بشكل مباشر مع المجتمعات في البلاد لأن الحكومة البلغارية لا تعد إيران مصدرا رئيسا للخطر.
في العام الماضي وحده زار المسؤولون الإيرانيون عددا من المستوطنات البلغارية، وبدا أن موظفي السفارة الإيرانية على ارتباط وثيق بالمركز الثقافي الإيراني - وهو هيكل مرتبط مباشرة مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية.
القدرة على الضرر
الوجود الإيراني في مختلف دول البلقان محدودا إلى حد ما، ومع ذلك فهو لا يخلو من إمكانات خطيرة للضرر، وهو يعتمد بشكل كبير على السعي الهادئ والمتواصل للأهداف السياسية والأمنية لإيران في منطقة ذات أهمية استراتيجية للمخططين في طهران.
إن هذا الجهد الخفي المتواصل له مميزاته ويقدم مزاياه المميزة، حيث إن الإيرانيين يدركون تمام الإدراك أن اللاعبين الرئيسين في البلقان هما روسيا وتركيا، لكن طهران تدرك أنها تستطيع الاستفادة من أوضح ميزة لها، وهي عدم وجود عبء تاريخي في علاقاتها مع المجتمعات المحلية.
عوامل توفر لإيران و«حزب الله» الفرص لاستغلال المنطقة لبدء عمليات في وسط وغرب أوروبا:
- تآكل الثقة بين أصحاب المصلحة المحليين
- الافتقار إلى الاهتمام الدولي
- المشاكل المتعلقة بتقاسم المعلومات الاستخبارية