مرزوق تنباك

شركة المياه الوطنية للصبر حدود

الثلاثاء - 11 ديسمبر 2018

Tue - 11 Dec 2018

ويبدو أن شركة المياه الوطنية قد استمتعت بصبر الناس وجربت أعصابهم مدة طويلة، وامتحنت في هذه المدة صبرهم ومدى تحملهم لما تواجههم به من برودة الأعصاب في أول الأمر، ثم رأت أن هناك أملا في أن يحتملوا أطول وقت ممكن، مما يجعل أعذارها مقبولة عند الناس وأخطاءها مغفورة لديهم، ولم تعلم المثل القائل للصبر حدود، ولا سيما إذا كان صبر الناس على ما في جيوبهم ومن يشاركهم في أرزاقهم، وصحيح أن هذا الاختبار لصبر الناس جعل الموظفين في شركة المياه الوطنية يطمئنون ويكتفون بالرسائل التي يرسلها موقعها الموقر لكل عميل نفد صبره وجاء إليهم شاكيا باكيا مما أصابه في مصدر رزقه وشتت ذهنه وأربكه في حساباته التي تفاجئه بها الشركة بين حين وآخر.

غرد المواطن عبدالعزيز بن عبدالله العقيل موجها تغريدته إلى معالي الوزير الفضلي بوسم «أنقذ مساكين # شركة المياه الوطنية من ظلمهم للمسلمين أحياء وأموات» بالتالي: فاتورة منزل والدي غفر الله له بشهر واحد تصدر مرتين وبمبلغين مختلفين أول الشهر بمبلغ 2433 ريالا وآخر الشهر بمبلغ 22611 ريالا، علما أن الماء مغلق من قبلنا والمنزل غير مأهول منذ 1424هـ. انتهى كلامه، ثم أرفق الفاتورتين بالرقمين والقيمتين المذكورتين أعلاه. ولأنني أتابع الشكاوى المرة التي يعانيها المواطنون ويتحدثون عنها في السر والعلانية أجد أنه منذ أسست هذه الشركة وهي تتخبط في قراءة الفواتير، وتضاربها وشكوى الناس من هذا التضارب مستمرة وبلا جدوى، فقد علقت على التغريدة بالنص التالي: يجب أن يوقف لعب شركة المياه الوطنية، ويجب أن يكون هناك مراقبة لما يصدر عنها من فواتير متضاربة لا يقبلها عقل ولا منطق، ويجب أن يتقدم عدد من المستهلكين المتضررين برفع دعوى ضدها ومحاكمة المسؤولين عما يحدث من استغلال للناس وحاجاتهم. وما كادت التغريدة تنتشر حتى انهالت مئات التغريدات والشكاوى من القراء، وكل يدلي بدلوه ويعلن عن تجربته الخاصة مع الشركة المسؤولة عن سقياه، ويزيد الطين بلة أنهم جميعهم لا يجدون مجيبا عما يواجهون من مشكلات مع هذه الشركة المسؤولة عن أهم ما يحتاجه الناس، تجاوزت الشكاوى التي علقت على التغريدة أكثر من ستمئة تعليق، وكل تعليق شرح تجربته الخاصة مع الشركة الموقرة، وكان القاسم المشترك بينها هو ما ذكره الأستاذ العقيل؛ عدم مواجهة الشكوى بإجابات مقنعة، وتضاعف قيم الفواتير بعد الشكوى التي يتقدم بها المواطن، وغياب المسؤول الذي يتوجهون إليه بشكواهم، فلا يجدون أحدا أمامهم يشرح لهم أسباب ما تقوم به الشركة من أعمال يرون عدم صحتها وقلة مصداقيتها، والاعتماد على موقع الشركة الذي يجيب إجابات جاهزة على جميع الحالات بصيغة واحدة، والكل يشكو مر الشكوى مما يواجهون من هذه الشركة الموقرة القائمة على عنصر الحياة وهو الماء والسقيا، وما يحدث من تضارب وعدم انضباط في قراءة العدادات وتضاعف القيمة مرة ومرات وأحيانا على منازل مهجورة مثلما ذكر الأستاذ العقيل، كل هذا يضاعف شكوك الناس في مصداقية الشركة ومهنيتها والتزامها.

الغريب أن موقع الشركة صار أكثر تجاوبا وتفاعلا مع الناس من المسؤولين فيها، فقد تكرم وتلطف وأرسل إلي الرسالة التالية يخبرني بالطريقة التي أتقدم عبرها بشكوى ضدهم، ويقول «مرحبا أ. مرزوق تكفل الأنظمة والإجراءات المعتمدة أحقية المستفيد الاعتراض على الفواتير المستحقة من خلال القنوات الرسمية وكذلك التقدم لـ SAUDI_ECRA@ كجهة محايدة بنتيجة الاعتراض في حال عدم الرضا وهو ما أوضحته الشرك سابقا».

هكذا تتعامل الشركة بلغة الروبوت، وهو ما يشكو منه الناس، يرسل الموقع لمن يحتج «سدد وقدم الاعتراض»، ويرد عليه الموقع «استلمنا اعتراضك ورفض الاعتراض». ويرسل إلي شخصيا وباسمي هازئا يخبرني ويحرضني على الشكوى.

هل يعقل أن تكون هذه الشركة بلا موظفين وبلا مسؤولين، كل من راجع الشركة لم يجد إلا موظفا واحدا يحيله على موقع الشركة، وموقع الشركة يجيب ويتكلم بأربع جمل مسجلة لا تزيد عليها ولا تنقص؟

Mtenback@