محمد أحمد بابا

شركات تقدم خدمة التأمين التقاعدي

السبت - 08 ديسمبر 2018

Sat - 08 Dec 2018

خفض الاعتماد على الإنفاق الحكومي من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وبجانب ذلك تمكين القطاع الخاص من الاستثمار في تقديم شتى الخدمات وفق المتاحات الكبيرة من قوانين وأنظمة التجارة التي تنسجم في إطارها العام مع التجارة العالمية والاقتصاد الدولي المفتوح، وهذا مبدأ الخطط العامة جميعها.

وهنا مدخل ليكون فك احتكار مؤسستين حكوميتين لتقديم خدمة «الراتب التقاعدي» أمرا مستحقا للنظر والدراسة إن لم يكن ملحا في التطبيق والبدء الفوري، مواءمة مع عائد مادي لن يستلم إلا بعد سنوات طويلة.

كل العاملين في القطاع العام أو الخاص عيونهم ناظرة منذ بدء أول وظيفة التحقوا بها إلى تأمين حياتي مادي بعد سنوات في العمل أو بعد أن يصلوا للعمر المحدد للتسريح من الخدمة، وهذه هي فلسفة وثقافة غالب الناس في العالم إلا القليل الذين نجحوا في استثمار مال أو مهنة أو فكر، فكان تأمينهم الحياتي ثرواتهم التي كونوها.

أظن أن كفة ميزان الرضا عند الموظفة أو الموظف عن العمل تعتدل بنسبة كبيرة حين يكون في قائمة الخيارات شركات تقدم «التأمين التقاعدي» بنسب استقطاع مختلفة وخدمات متنوعة وباقات متعددة وفق سوق مالي واجتماعي لا يعترف إلا بجودة الخدمة ومغريات التأجيل.

مؤسسة التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وإن كانتا حكوميتين في طابع الملكية والإنشاء، إلا أنهما مؤخرا وبعد النقلة النوعية للمؤسسات الحكومية تعملان وفق ثقافة الشركات ومستهدفات الاستثمار وإدارة الأصول لتحقيق العوائد.

لكن اللوم الذي ربما يوجهه أغلب المستفيدين العاديين مثلي هو أن تسمية من يخضع لأحد النظامين (بالمشترك) ثم ترديد جملة (مصلحة المشتركين) في تصريحات ولقاءات وحوارات مسؤولي المؤسستين، بينما - والجميع لديه من معلومات الرصيد المالي الكبير لهما من خلال بياناتهما المفتوحة الرسمية - لا يشعر مستفيد أن له ولو جزءا قليلا ولو كان معنويا في مفهوم (الشراكة)، حيث وهو مشترك كل القرارات والإجراءات والعوائد وتحديدها لا تأثير له عليها من قريب ولا بعيد، ما عدا شبه ترويج في نظام التأمينات يسمى الاشتراك الاختياري.

ما أقصده ليس تشكيكا ولا نسفا لجهود كبيرة ورسالة عظيمة تقدمها المؤسستان منذ الإنشاء حتى اليوم، وإنما هو تطبيق مبدأ الخيارات على موضوع «الراتب التقاعدي» لتكون هناك شركات تقدم الخدمة بناء على استقطاع وطريقة تنظيم وعلاقة مع جهات العمل الحكومي أو الخاص، بحيث يحق للموظف والموظفة اختيار التأمين المناسب له وشركة الخدمة التي تقدمه ويملك التغيير والتنقل متى شاء وفق القانون.

وفي عالم «صناعة التأمين» وسوق شركاته المحلية اليوم بنية تحتية ولوجستية كبيرة يستطيع أن يدخل من بوابتها الكبيرة المشرّع لاقتراح قانون «التأمين التقاعدي»، مراعيا فيه الخوف الاكتواري الذي تلوح به مؤسسة التقاعد ومؤسسة التأمينات بين حين وآخر، كارهة التقاعد المبكر، ومروجة لعجز مالي تخشى الوصول إليه.

إتاحة الفرصة لطرق متعددة من الاستثمار في الأصول المقبوضة من الاستقطاعات لتنمية الناتج يرفع سقف الرواتب التقاعدية، ويجعل كل الشعب مشتركا حقيقيا في استثمارات على الأمد البعيد، يجني منها راتبا تقاعديا يليق بما يدفع، وربما قد يجني أرباحا بصفة أو بأخرى، في ظل خيارات تشريع قانون جديد لهذا المجال الحيوي.

ما أفهمه - ومثلي في ذلك أغلب المستفيدين - أن منظومة التأمين قائمة على الأمان المالي خوفا من العجز، وكل ينظر لهذه القاعدة وفق منطلقه وحاله وصفته الاعتبارية، بينما لا فرق حين التفكيك بين موظف بسيط وشركة عملاقة تتعامل بمليارات الريالات، فكل ما نرجوه ويرجونه أن نجد تعويضا ماليا عند عدم القدرة على ممارسة ذات النشاط، والذكاء الاقتصادي في استخدام حاجة السوق المحلي هذه يحتم فك الاحتكار، فروح المنافسة تصب في مصلحة المواطن.

albabamohamad@