آلاء لبني

توظيف العمل الخيري بيئيا

الجمعة - 07 ديسمبر 2018

Fri - 07 Dec 2018

ما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به العمل الخيري في المحافظة على البيئة؟

الكل شركاء في التنمية، القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات العمل الخيري لنحقق تنمية مستدامة وللحفاظ على الصحة العامة واستمرار الانتفاع بالموارد والخدمات. إذ إن العمل الخيري يعد قيمة إنسانية كبرى وإحدى أهم دعائم المجتمع، ويلعب دور إيجابيا مهما بالمشاركة في التطوير والتنمية متمثلا بأوجه العطاء والبذل بكل أشكاله، وبتقديم النفع المادي أو المعنوي أو الجسدي دون مقابل مادي، بما يحقق النفع والمنفعة وينفي الضرر عن المجتمع.

اهتمت الشريعة بتنمية الجوانب الخيرية والإنسانية في بنائها للفرد والمجتمع، وجعلت العمل الخيري عبادة يتقرب بها العباد إلى الله تعالى، رغبة في رضاه وجزيل المثوبة، وذلك للتأكيد على أهمية ترابط وتكافل المجتمع، قال تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، وهو ميدان تتعدد مجالاته؛ مجال الدعوة والإرشاد الديني، الإغاثة، الخدمات الصحية، المجال الاجتماعي، المجال التعليمي، مجال حماية البيئة ورعاية الحيوانات. وله آثار مترتبة على التنمية المستدامة والتنمية البشرية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحسين المستوى المعيشي للحاضر والمستقبل.

لقد أخذ العمل الخيري في المملكة في البداية أشكالا فردية ثم عائلية إلى أن أخذ شكله المؤسسي في رسم السياسات التي تقوم عليها المؤسسات الاجتماعية وتقديم الخدمة ومتابعة تنفيذ برامجها وتقويمها وتوجيها، فاتسع نشاطها لتشمل مناحي الحياة كافة. وعلى الرغم من هذا التطور الذي شهده العمل الخيري واتساع نطاقه، إلا أن البيئة لم تحظ بنصيب وافر منه، وما زالت تعاني من ضعف التوظيف والتطبيق للجانب البيئي التنموي بصورة فعالة تمكنها من مواكبة المستجدات على الساحتين المحلية والعالمية.

نعاني من ضعف تطبيق نهج الاستدامة والإدارة المتكاملة في العمل الخيري، وضعف دمج التحديات البيئية والحاجة لزيادة النشاطات الخيرية البيئية، مما يحتم ضرورة تطبيق الإدارة المتكاملة للأداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بهدف زيادة الفائدة والأثر لجميع المكونات والأطراف المعنية، وأي تنمية تفتقر للإدارة المتكاملة دون مراعاة الجوانب الثلاثة ستؤدي لخسائر على المديين القريب أو البعيد.

كثير من مشاريعنا ومؤسساتنا ارتكزت على التنمية المتسارعة التي أغفلت جوانب الاستدامة، مما أنتج عددا من المشاكل المترابطة التي أدت إلى هدر الموارد وعدم الاستفادة منها بالشكل الذي يحقق أكبر أثر، مما يستدعي أن تكون الحلول بأبعاد تكاملية وتبرز القضايا الجوهرية ذات الأولوية وتنتهج إدارة الاستدامة، وعن طريق الشراكات الاستراتيجية وقياس الأداء في مجالات الاستدامة الثلاثة: المجتمع، الاقتصاد، البيئة، بشكل دوري، والحث على تقديم تقرير الاستدامة سنويا، مما يعزز ويطور من أدائها التخطيطي والتنفيذي والتشغيلي.

وفيما يخص استدامة البيئة في العمل الخيري أرى ما يلي:

- يتركز على تطوير ممارسات صديقة للبيئة، وتطبيق الكفاءة الداخلية في الإدارة البيئية في عمليات التشغيل والإنتاج واستهلاك الموارد، واستهلاك الطاقة والمياه والورق..إلخ، وكذلك مبادرات إعادة التدوير.

- دعم مجال العمل الخيري في التخصص في مجال البيئة وحماية مواردها وتنميتها، وأهمية توجيه البذل والعطاء لما فيه استصلاح البيئة واستدامتها، وأثر ذلك على الفرد والمجتمع وانعكاسه على تحسين معيشته، وما يمثله من جانب تطبيقي لإعمار الأرض والسعي للمحافظة عليها من أي عبث، وإنشاء البرامج الهادفة لنشر الوعي البيئي والقيام بحملات النظافة البيئية ومكافحة التصحر، والحفاظ على الثروات وترشيد استخدامها واستغلالها.

- توفير حلول وبدائل للتحديات البيئية، خاصة في مناطق التنمية الريفية، كتوفير الطاقة الشمسية وتطوير تقنية حصاد مياه الأمطار للمنازل في القرى والهجر، مما يحقق تحسين الظروف المعيشية لتلك المناطق وإمكانية الاستفادة منها في الزراعة.

- إيجاد حلول للمشاكل وتوجيه مصادر التمويل والتبرعات المالية نحو مشاريع البيئة وتفعيل الدعوة للوقف الإسلامي البيئي بحيث يعود ريعه للبيئة، كإنشاء محميات بيئية وملاجئ للحيوانات والرفق بها وتوفير أوقاف لرعاية الحيوانات المريضة، ففي كل كبد رطبة أجر.

ختاما، أمر الخليفة عمر بن عبدالعزيز بنثر الحبوب على الجبال لتأكلها الطيور، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه «لو أن بغلة عثرت في طريق العراق، لخشيت أن يسألني الله عنها يوم القيامة».

AlaLabani_1@