حسن علي العمري

لا.. علمني

الثلاثاء - 04 ديسمبر 2018

Tue - 04 Dec 2018

كلمة عفوية قالها شيخ كبير تجاوز العقد السابع من عمره بطيبة وتلقائية وبطريقة تقليدية لإنسان بسيط حرم من بعض الحقوق الحياتية لأسباب غير جلية، وبقيت بداية محدودة الانتشار حتى تلقفها بعض الأشخاص فنشروها عبر أحد برامج التواصل الاجتماعية لتسير بها ركبانها حتى أصبحت لزمة - أو كما يقال ذهبت مثلا - محلية دارجة على الألسن وبعض المكتوبات، وما حل بعد ذلك على صاحب هذه العبارة من التغيرات حد التطفل على خصوصيته من عدد كبير من الأفراد ما أُظهر للآخرين على أنه احتواء ونقل له إلى وضع اجتماعي أفضل.

والمتأمل في هذا الأمر يجده في ظاهره فعلا يستحق الإشادة والشكر والتثمين لهذه البادرة من الجميع، بدليل استضافة طرفي المعادلة وظهورهما على عدد من المنابر الإعلامية والقنوات الفضائية التي خصصت أجزاء من بعض برامجها لإبراز طرفي هذه القصة والنقاش حولها، فظهر بجلاء أن تسليط الضوء على الجانب المظلم من حياته لم يكن لذاته فحسب، بل حبا في الولوج لهذه الأضواء من أوسع الأبواب، كما تبين أن الرجل ليس له حينها أو بعدها أي اهتمامات أو غايات محددة حتى بعدما طرأت بعض التحولات الشكلية على شخصيته، وما وضح من قدرة جيدة لصاحب فكرتها على حسن استغلال الظروف واستنطاق المواقف واستجلاب العواطف. لكنني على الجانب الآخر لمثل هذه القصص أجدني أقرأ أهدافا لم تظهر جلية من خلف الستار، وربما تنطوي على صور جرمية واضحة المعالم - مع أهمية التأكد منها من الجهات المعنية - لاستغلال الظرف الاجتماعي لهذا الرجل وأمثاله من خلال التسلق على ضعفه وجهله وحاجته وعفويته ونقاء سريرته للتكسب بها بأي صورة من الصور مهما بررت غايتها، ولا يخفى علينا ما يمكن أن يتحقق لصاحب الحساب من نشر مثل ذلك فيما لو تم انتهاز الغايات النبيلة لمثل هذه الأفعال، أو ما يكون قد تحقق له بالفعل من المكاسب المعنوية والمادية إذا ما علمنا بتجريم مثل هذه الأفعال وصورها وفقا لنظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، في ظل ما يتداول عن عوائد تحققت ومغانم ومكاسب حيزت، ولا سيما بعد نشر عدد من المقاطع داخل المملكة وخارجها عبر الفضاء المفتوح وما تبعثه من رسائل سلبية متنوعة، فضلا عن سعي كثيرين في ذات الاتجاه طلبا للشهرة عبر كثير من وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة التي تم نشرها بظاهر مكشوف فيه الرحمة وباطن مستتر يثير الاستياء.

وعلى الجانب العكسي لكبير السن نجد مقاطع مماثلة لأطفال في مقتبل أعمارهم ممن يقال عنهم إنهم مشاهير السناب، وهم يدفعون من غيرهم لتسجيل مقاطع فيديو في ساعات متأخرة في أحد المطارات وغيرها الكثير من المقاطع المصورة المنشورة لهم، وما يتعرضون له من ضروب متعددة من الإيذاء والاستغلال، في مخالفة صريحة لأحكام نظام حماية الطفل ولائحته التنفيذية الذي حدد المحظورات والحقوق الواجب مراعاتها للطفل وترسيخ حق الأطفال في الحماية من كل أشكال الإيذاء والإهمال والاستغلال.

ولأن هذه المشاهد متكررة تطل برأسها بين الفينة والأخرى ليتم تداولها بسرعة فائقة على أوسع نطاق عبر الوسائل المتاحة بين أيدي الكافة، فإن الجهات ذات العلاقة منوط بها واجب اتخاذ كل التدابير اللازمة لمحص كل ما يطفو على الساحة، وعرض وقائعها على صحيح نصوص القوانين، ضمانا لحفظ حقوق مثل هذه الفئام وحمايتهم من الإيذاء أو الإهمال أو الاستغلال، وبتطبيق نصوص القانون وإنفاذه تتحقق المقولة الكرمانية بتصرف (برسم القانون علموا هؤلاء حدود تعاطيهم مع الآخرين ولا تخلوهم لا هم مقيدين ولا مفكوكين) ففي تطبيق نصوص القانون خير تعليم وتعلم.

  • كلمة عفوية قالها شيخ كبير تجاوز العقد السابع لتسير بها ركبانها حتى أصبحت لزمة، ثم حدثت له تغيرات وصلت حد التطفل على خصوصيته على أنه احتواء ونقل له إلى وضع اجتماعي أفضل

  • ظاهر الأمر أنه فعل يستحق الإشادة والشكر ولكن تبين أن تسليط الضوء على الجانب المظلم من حياته لم يكن لذاته فحسب، بل حبا في الولوج لهذه الأضواء من أوسع الأبواب

  • لكن أجدني أقرأ أهدافا لم تظهر جلية من خلف الستار، وربما تنطوي على صور جرمية واضحة المعالم لاستغلال الظرف الاجتماعي لهذا الرجل وأمثاله كالأطفال في مقتبل أعمارهم من خلال التسلق على ضعفهم وجهلهم وطيبتهم

  • من الواجب ضمان حقوق مثل هذه الفئام وحمايتهم من الإيذاء أو الإهمال أو الاستغلال، بتطبيق نصوص القانون وإنفاذه




[email protected]