فهيد العديم

الشمال.. ضبط بوصلة التنمية

الأربعاء - 28 نوفمبر 2018

Wed - 28 Nov 2018

في الأسابيع الماضية كان الشمال هو سيد الجهات بلا منازع، بشائر التنمية كانت تهطل متزامنة مع موسم الأمطار، فكانت المنطقة بأكملها منتشية مع زئير (الدحة)، وتتمايل فرحا وسلطنة مع إيقاعات نبض (السامري)، وكانت كلها (تهيجن) وهي تشد آمالها وطموحها للمستقبل الذي كأنما تراه رأي العين، لم تكن الانطلاقة نحو المستقبل وليدة اللحظة في شمالنا الرحب، لكنها كانت بالتأكيد بحاجة لمباركة الملك وولي عهده لهذه الانطلاقة، فلم يعد هنالك مركز وأطراف، أصبحت المملكة مكانا واحدا، وهذه من اللمحات الرائعة لرؤية المملكة 2030، حيث إن كل منطقة لها ما يميزها ولن تكون عبئا على منطقة أخرى، فقبل بضع سنوات كان الجميع ينظر إلى البترول بصفته المحرك الوحيد لعجلة التنمية في المملكة العربية السعودية، ولهذا كان من الطبيعي أن تتقدم بعض المدن تنمويا على المدن الأخرى، لكن الرؤية نظرت من زاوية أكثر ذكاء وموضوعية، حيث إن كل منطقة ومدينة في المملكة لها ميزة تتميز فيها عن المدن الأخرى، ولذا أصبح التركيز على استثمار الأشياء التي تتميز بها كل مدينة، فتتمكن هذه المدن أو المناطق من تأمين مداخيلها أو على الأقل نسبة كبيرة من تلك المداخيل التي تحتاجها، سواء لمشاريع تنموية، أو حتى لتأمين بنية تحتية جيدة لها، الأهم ألا تعتمد كليا على الميزانية العامة كما كانت طيلة العقود الماضية.

ولا شك أن المشاريع التنموية التي بدأت بشائرها تعم مناطق الشمال ستسهم في حل أهم مشكلتين كانتا تؤرقان أهل المنطقة، وهما قلة الوظائف في المنطقة، وتدني مستوى الخدمات الصحية في ظل بعدها عن المراكز المتخصصة في العاصمة، فالمشاريع التي أضاءت مستقبل الشمال ستكون بإذن الله جاذبة لكثير من المستثمرين مما سينعكس بالضرورة على المواطن الذي هو محور التنمية ومحرك عجلة التطور في هذا البلد.

ليس من باب الفأل الطيب فقط أن تجتمع أمطار (الوسم) مع الزيارة الملكية الميمونة للشمال، لكنها تظل رمزية جميلة وعميقة أن تكون الزيارة كالمطر تماما، فكما أن المنطقة موعودة - بإذن الله - بربيع مختلف هذا العام، فإنها أيضا تنتظر ربيعا تنمويا فاتنا وجذابا، والآمال كبيرة جدا، والرهان على جيل شاب قيادي في هذه المناطق يجعل الطريق للمستقبل - رغم مشقته - غير مستحيل، بل إن وعورته تشكل دافعا للتحدي والإنجاز، ونحن هنا لا نتحدث عن عاطفة فقط، بل نراهن على ثقة مبنية على ما نراه يتحقق على الأرض، وسواعد سمر شمرت لتبني كما يليق بوطن عظيم، وشعب كريم جبار ما هو إلا (طويق) العظيم، كما وصفه ولي العهد حفظه الله. نراهن على غد مختلف، ولن يخذلنا الله، سيكون غدا أجمل بمشيئة الله.

Fheedal3deem@