محمد حطحوط

لماذا يحضر المعلم لمدرسة لا طلاب فيها؟!

السبت - 17 نوفمبر 2018

Sat - 17 Nov 2018

أقامت شركة الاتصالات السعودية STC ملتقى داخليا لموظفي الشركة، حمل عنوانا رائعا (جبت العيد؟) في محاولة واضحة من الإدارة العليا للشركة لتحفيز الموظفين لمشاركة قصص الفشل التي قد تحدث خلال بيئة تنافسية مثل قطاع الاتصالات. وقصص الفشل في أي قطاع، كثيرة لا تنتهي، وفيها كثير من الفرص الحقيقية للتطوير ومشاركة الخبرات، لأنها تجسد عبارة أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون.

زاد حملة (جبت العيد؟) جمالا أننا مجتمع مع كل أسف لا يحب إظهار الفشل فضلا عن الاعتراف به أمام الأشهاد. هدف الشركة أن تصل للعقل الباطن للموظف لتحفر فيه مقولة الخطأ مرحب به في شركة الاتصالات. الرسالة التي تصل من قيادة الشركة لموظفيها أننا نريد أن نكون شركة مختلفة، ولهذا ندرك أن الخطوة الأولى لشركة مختلفة أن تمتلك بيئة محفزة للأفكار المجنونة، والتي قد يكون نتيجة بعضها أن (تجيب العيد!).

هذه مقدمة لقاعدة جوهرية في الإدارة تقول: كل كلمة تصدر من إدارة الشركة، كل خطاب، كل اجتماع، كل إيميل، كل توجيه، كل ظهور، كل نقاش في واتس اب، كل هذه الأشياء تصنع في نهاية المطاف ثقافة داخل أي منظمة، سواء كانت ثقافة محفزة أو محبطة.

يخبرني زميل عمل عن كثب مع طياري الخطوط السعودية أن بعض الطيارين عندما ترتطم الطائرة بالمدرج بشكل أقوى من المعتاد تلزم القوانين قائد الطائرة بكتابة تقرير (Hard Landing)، وهذا التقرير هام لدرجة أن عدم كتابته يعني المخاطرة بأرواح من يركب الطائرة لاحقا، لأنه يتطلب من فريق الصيانة فحوصات داخلية للطائرة من قبل الفريق الفني المختص، وعندما سألت صاحبي لماذا يتحاشى بعض الطيارين كتابة التقرير، ويكتفي بالهمس في أذن أحدهم أن الطائرة ربما تحتاج لفحوصات داخلية؟ كان الجواب أن الثقافة داخل الشركة - ما قبل فترة الجاسر رئيس الخطوط السعودية الحالية الذي تشهد الخطوط نقلة مميزة على يديه - لا تحفز مع كل أسف الطيار على أن يكتب التقرير، بينما شركات عالمية تشكر وتثني على كاتب التقرير لأنه يهتم بأرواح المسافرين.

في هذا السياق، قارن قرار وزارة التعليم بإلزام المعلم بالحضور لمدرسة لا طلاب فيها! ما هي الرسالة الضمنية التي ترسلها الوزارة لمعلمة لا بد أن تقطع عشرة أودية تسيل حتى تصل لمدرستها الفارغة من الطالبات؟!

الرسالة المحزنة مع كل أسف أن الوزارة لا تهتم بأرواح مثلثها الأهم المعلمين والمعلمات.

يا وزارة التعليم: مع كل خطاب يصل لمدرسة، مع كل تغريدة، مع كل خبر صحفي، فرصة ذهبية لتكسب هذا الموظف الذي يصنع هذا المجتمع أو تخسره! بفضل الله ثم بفضل هذا المعلم وصلكم هذا المقال الذي كان كاتبه يوما تلميذا، يتعلم الفرق بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة.

1 الرسالة الضمنية التي ترسلها الوزارة أنها لا تهتم بأرواح المعلمين

2 بينما عليها خلق بيئة محفزة للأفكار

3 مع كل خطاب يصل لمدرسة، مع كل تغريدة، فرصة ذهبية لكسب المعلم الذي يصنع هذا المجتمع