عبداللطيف السيدح

بيان النيابة وسقوط الأقنعة.. ورسالة إلى حكومة بلادي

السبت - 17 نوفمبر 2018

Sat - 17 Nov 2018

في بيانها الأخير حول ملابسات وفاة المواطن جمال خاشجقي رحمه الله تكون النيابة العامة أسدلت الستار وأغلقت نوافذ التكهنات وأسقطت أقنعة الذين وضعوا دم الراحل في قنيقينات لعرضها على بسطات التكسب في مخابئ المخابرات. وبمجيء بيان النيابة الذي أجلى ملابسات الحادث الذي أودى بحياة مواطن يختلف أو يتفق الناس حول المنهج الذي اتبعه والطريق الذي سلكه ضد وطنه إلا أن ذلك ليس مبررا لقتله من فئة تجاوزت ثوابت المملكة والقيم والمرتكزات التي قامت عليها منذ أن أسس بنيانها ووحد شملها المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وسار من بعد ذلك على نهجه أبناؤه وأحفاده والمواطنون.

ومنذ أن تولت النيابة العامة ملف التحقيق في الحادثة وانتزعته من أيدي الأعداء وأصحاب الأغراض الدنيئة الذين لا يهمهم من موت جمال سوى التصفيات السياسية وحولوا الفضاء إلى سرادق عزاء كاذب يطلقون منه كذبهم وتهمهم الباطلة التي لا تقوم إلا على ما تهوى أنفسهم، إلا أن النيابة العامة وانطلاقا من حرص القيادة الرشيدة تعهدت بكشف الحقائق أولا بأول دون الانسياق وراء مواكب التهويل والضجيج والعويل، حتى توصلت من خلال تحقيقاتها مع المتهمين إلى نتائج واضحة لا لبس فيها والتحقيق لم تسبر أغواره بعد حسبما أفاد بذلك الناطق الرسمي باسم النيابة.

ولما لم تجد فضائيات الشقاق ما يشفي غليلها ويهدئ من روعها طفقت تعيد ذات الأسطوانة المشروخة وجلبت مرتزقتها ليجتهدوا في التقليل من شأن البيان فأرغوا وأزبدوا وتنفسوا حقدا واقتاتوا كراهية واستعملوا كل أساليب «اللف والدوران» حول البيان تارة يصفونه بغير المتماسك وتارة بغير الواضح ليس لشيء سوى أنه لم يوافق ما تشتهي أنفسهم المريضة التي تتوق إلى ما يرمز للقيادة، فقضاء المملكة يرتكز على أهم مصدر للتشريع عرفته البشرية.

ثم جاء بيان وزير الخارجية عادل الجبير ليلقي مزيدا من التوضيح ويلقم الأفواه التي تنعق ليلا ونهارا ويؤكد موقف المملكة من الترهات التي تتحدث عن تدويل قضية خاشجقي أو ابتعاث مواطنين متهمين لمحاكمتهم بالخارج وكأن بلدانهم يعيش في عصر الكهوف.

الراسخون في العلم والقانون يؤكدون للذين يحاولون أن يعتاشوا على قضية مقتل خاشجقي وتحويلها غصبا من جنائية إلى سياسية وإلبساها قميص عثمان كذبا وافتراء سيكون مردها الفشل مهما علا الصراخ واشتد العويل وحشدت الفضائيات الحاقدة كل متردية ونطيحة.

وبعد كل هذه الحقائق الدامغة التي بعثت بها المملكة للعالم فإني أدعو حكومة بلادي السودان إلى الانتقال من مربع الصمت إلى منصة الجهر بالقول وإعلان موقف واضح وبيان يرفض كل هذه المؤامرات التي تحاك لأرض الطهر والنور وتستهدف أمنها وقيادتها واستقرارها ورخاءها، فآمل وكلي ثقة فيهم بأن يؤكدوا المؤكد أن السودان منحاز قيادة وشعبا إلى المملكة العربية السعودية وشعبها المضياف، وأنه ليس في منطقة الظل بل صديق حميم وعلى رأس قائمة الأصدقاء الذين عناهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وشعب السودان عبر تاريخه تشهد له بذلك الأزمات التي مرت بها الأمة العربية وبأنه إلى جانب أشقائه في أرض الحرمين ولا يمكن أن يقف بأي حال من الأحوال في المنطقة المعتمة، وهذه الأزمة التي مرت بها المملكة كشفت بجلاء الصديق الوفي والعدو البائن والإمعة الذي بين هؤلاء وأولئك، ونحن نربأ عن أن يقف السودان موقف المتفرج.

نقولها ونحن مرفوعي الجباه لأن أبناءنا من القوات المسلحة السودانية الذين رضعوا النبل والشجاعة مع حليب أمهاتهم نجدهم اليوم يقتسمون اليوم الخنادق والبنادق مع إخوتهم من القوات المسلحة السعودية من أجل قطع دابر المد الصفوي في جنوب جزيرة العرب وإرساء دعائم الوحدة والاستقرار ودفع الضرر ورفع الظلم عن أهلنا في اليمن الحبيب، وشعب مثل هذا لا يرضى بالدنية في المواقف، وموقعه صدارة مجلس المدافعين عن أرض الحرمين الشريفين.