آلاء لبني

ماذا ينقصنا في التحديات البيئية؟

الثلاثاء - 13 نوفمبر 2018

Tue - 13 Nov 2018

ينقصنا البعد التكاملي، فالقضايا البيئية لا تنحصر في زيادة عدد الأشجار، ويجب ترتيب الأولويات وعلى رأسها وقف خطر القضاء على الأشجار الموجودة والمعمرة للمحافظة على البيئة.

البعد التكاملي الغائب الحاضر في كل القضايا البيئية المتغلغل بجميع القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة، تقاذف الكرات أو سحب الصلاحيات لن يحقق الاستدامة البيئية، المشاركة بصورة إعلامية لحملة تنظيف أو وضع شتلة لن يحل التحديات البيئية!

لا يكفي لحل مشكلة ما النظر لها بسطحية أو أخذ عوامل معينة ثم إدارتها دون آلية تراعي الأبعاد المتكاملة في المعالجة.

لماذا يغيب البعد التكاملي في حل القضايا البيئية؟ التكامل لا يعني الاكتفاء بتشريع الأنظمة والقوانين فقط، بل بدراسة أبعاد عديدة. على سبيل الذكر لا الحصر البعد الاقتصادي والبعد التنموي المستدام والبعد الاجتماعي المغيب عن منظومة العمل البيئي.

البعد التكاملي يعني أن نخرج من بعض التحديات البيئية بمشروع وطني وآلية عمل مشتركة كل قطاع حكومي يحدد دوره والمطلوب منه، هذا ليس ضربا من الخيال وليس مستحيلا، ولنا أسوة في دولة مصر ومشروعها الوطني الذي يختص بالتلوث الضوضائي، وضعت آلية عمل مشتركة شملت كل الوزارات والدور المطلوب، سواء في التشريع أو التطبيق والرقابة.. إلخ.

فبالقليل من العزيمة وصنعة التحليل والإدارة وعلاقات حسن الجوار بين الجهات الحكومية تتحقق المشاريع البيئية الوطنية.

منهج التكامل الغائب في إدارة النفايات جعل منها ثروات ضائعة في القمامة تستنزف الموارد وتضر بالبيئة (كحادثة حرق الإطارات بجدة).

التركيز على التقليل من حجم النفايات بمختلف أنواعها هو القاعدة الأولى في المحافظة على البيئة (تقليل هدر الاستهلاك)، ثم الفرز والتدوير، هل فعلا نقوم بالتدوير بشكل صحيح وكاف؟

التوعية بقضايا البيئة وأهمية المحافظة عليها واجب ديني ووطني لكن التركيز على جوانب تتعلق بالتوعية وأنها العصا السحرية يظل مبتورا.

التوعية غير المتكاملة التي تفتقر لإطار تطبيقي لن تؤتي أكلها. التوعية بأهمية إعادة التدوير، ماذا بعد؟ ونحن نلقي كل فائض من استهلاكنا في الحاويات وفي كثير من الأحيان لا نعلم أين نلقي الأثاث القديم والأجهزة الكهربائية والجوالات.. إلخ.

غياب تام لتجهيز أماكن مخصصة مشتركة لكل حي للحاجات التي يمكن أن تخلق فرصا استثمارية.

ماذا بعد التوعية للمجتمع بفرز النفايات الخطرة؟ أين تضع الأسرة بقايا النفايات الطبية كإبر الأنسولين وغيرها؟ ألا تلقى مع كيس القمامة المختلطة؟! أين نتخلص من البطاريات التي تصنف من النفايات الخطرة؟ أليس المستقر لكل هذا التلوث هو التربة والمياه في بيئتنا؟!

التجارب الشخصية والفردية لا تعد مقياسا لحماية البيئة أو مؤشرا عاما للاستدامة، فمثلا استغلال بقايا الطعام وتحويلها لسماد عضوي يستخدم في المساحات المفتوحة والحديقة المنزلية إن وجدت، ماذا لو أصبحت عادة مجتمعية أين ستذهب الكميات الضخمة؟ لست أقصد التقليل من أهمية الفكرة، بل أقصد تعظيم النفع وإضافة الأبعاد التكاملية وإضافة البعد الاقتصادي المستدام.

على سبيل المثال ذكر لي أحد المهتمين بتربية القطط أنه فكر في جمع بقايا الطعام من الدجاج واللحوم والعظام من المطاعم ثم كبسها وإضافة المنكهات لتتحول غذاء لهذه الحيوانات، وهذا ليس اختراعا، بل هو ما تفعله الدول المصدرة لهذه النوعية من المنتجات، طبعا مع الأسف لم يجد مشروعه الدعم المادي أو الأرضية المناسبة ليحول القمامة العضوية لمشروع تجاري مستدام. (ويظل فكرة حتى تجد من يستثمرها).

أليس الأجدى أن تتحول القمامة وبعض التحديات البيئية إلى نِعم، التحديات تصبح فرصا وثروات اقتصادية وصناعات تحويلية تحرك اقتصادنا وتساعد في خلق فرص وظيفية جديدة ومساحة استثمارية مستدامة متى ما وضعنا بعين الاعتبار الأبعاد المتكاملة.

أحلم بمشروع وطني مشترك لنمو الأخضر (الاقتصاد المستدام) يحافظ على البيئة ويحارب الفقر.

AlaLabani_1@