مي محمد الشريف

صلاحيات الحمار وسلطة الفيل

الجمعة - 09 نوفمبر 2018

Fri - 09 Nov 2018

انتهت معركة انتخابات الكونجرس النصفية ما بين الحمار الديمقراطي والفيل الجمهوري، والتي بلغت تكاليف حملاتها نحو 5 مليارات دولار، مما جعلها الأعلى تكلفة في تاريخ انتخابات الكونجرس النصفية، ومع ذلك، فقد كانت نتائجها ليست بعيدة عن التوقعات التي طرحت، حيث نجح الديمقراطيون في السيطرة وكسب التوازن المفقود منذ فوز دونالد ترمب بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب الأمريكي من الجمهوريين والفوز بـ 218 مقعدا مقابل 193.

أما الجمهوريون فاحتفظوا بسيطرة غالبية مجلس الشيوخ بـ 51 مقعدا مقابل 45 للديمقراطيين. ورغم تكاليف الحملات وطموح ودعم الرئيس السابق باراك أوباما للمرشحين الديمقراطيين إلا أن النتيجة لم تحقق الهدف الذي تمنوه. فأهمية مجلس الشيوخ الذي خسره الديمقراطيون بفارق واضح يعد المكسب الأهم والأقوى.

يتكون الكونجرس من مجلسين هما مجلس النواب أو الغرفة الأدنى وتتألف من 435 نائبا يجري انتخابهم كل عامين، تتعلق صلاحيات هؤلاء بإقرار مشاريع القوانين الداخلية التي سيعاني ترمب إثرها من عراقيل الديمقراطيين، وستصعب عليه تمرير بعض مشاريعه الجدلية المتعلقة بالهجرة، والرعاية الطبية، والميزانية، ومشروع الجدار الحدودي مع المكسيك.

وحيث إن مجلس النواب هو المكان الذي يسمح فيه بتوجيه الاتهامات ضد الرئيس وطلب التحقيق معه كخطوة أولى في إجراءات عزل الرئيس فإن طموح الحمار الحالية تكمن في تجميع الطاقات من أجل رفس الفيل رفسة تبعده من المكتب البيضاوي. ولكن تبين أن الفيل استطاع تحصين نفسه وتقوية موقعه بعد الفوز بغالبية مجلس الشيوخ.

الغرفة الأعلى أو مجلس الشيوخ الذي حافظ عليه الجمهوريون تعد القسم الأقوى من الكونجرس، حيث إنه يملك عدة صلاحيات لا يملكها مجلس النواب، يضم 100 عضو ويجري تجديد ثلثي أعضائه كل سنتين.

وتكمن أهمية المجلس لدى الرئيس ترمب في صلاحية نوابه التي تتناول القضايا الخارجية والعالمية كالمصادقة على المعاهدات والقرارات الدولية قبل توقيع الرئيس عليها، وهذا يصب في مصلحة الفيل في إكمال مسيرة قرارته السياسية الخارجية ومواصلة استنزاف الاقتصاد الإيراني ورفع الضرائب على أوروبا وفرض القيود على الصين. كذلك من صلاحيات الغرفة الأعلى المصادقة على التعيينات في عدة مناصب عليا ككبار الموظفين وقضاة المحكمة العليا وبعض المناصب العسكرية التي ستساعد ترمب على بناء حصن حديدي يساعده على الخوض والعبور الناجح في انتخابات 2020.

أما من ناحية رفسة الحمار التي يطمح إليها مجلس النواب، فمهما كانت نتيجة التحقيقات فهي تتوقف مع مجلس الشيوخ الذي يملك في نهاية الأمر القرار الأخير والنهائي في قرار العزل.

إن الأمريكيين منقسمون حول الرئيس الحالي، وقد تكون نتيجة انتخابات الكونجرس مربحة لعدة أطراف، فعودة الديمقراطيين لمجلس النواب ستقلل من العبث في ملفات المواطنة، والهجرة والرعاية الطبية وغيرها.

وقد يرى حلفاء الحكومة الأمريكية النتيجة مريحة بضمان غالبية مجلس الشيوخ التي طمأنتهم بعدم المساس أو عرقلة خطط السياسة الخارجية الأمريكية. ولكن بهذا الانقسام في الكونجرس ستزيد المشاكسة بين الفيل والحمار، فمن ينجح في رفس الآخر؟

- على مر التاريخ الانتخابي تعد الانتخابات النصفية عودة قوية للحزب غير الحاكم، وتراجعا ثقيلا للرئيس وحزبه. ومقارنة بالتوقعات، فإننا لا نستطيع اتهام الجمهوريين بالهزيمة، ولا ننكر ضآلة انتصار الديمقراطيين.

ReaderRiy@