أحمد إبراهيم الشمراني

التفكير الناقد في مدارسنا.. خطوة في الاتجاه الصحيح

الجمعة - 09 نوفمبر 2018

Fri - 09 Nov 2018

استمعنا خلال الأسابيع الماضية إلى حديث وزير التعليم الذي أكد من خلاله عزم الوزارة على تدريس مقرر جديد لطلاب المرحلة الثانوية يعنى بتنمية مهارات التفكير الناقد، وهي بلا شك خطوة إيجابية وتسير في الاتجاه الصحيح، ففي ظل النمو المعرفي المتسارع وانتشار وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعية تعد مهارات التفكير الناقد من أهم مهارات التفكير التي ينبغي تنميتها لدى المتعلمين، حيث تمكن هذه المهارات الفرد من استنتاج المعرفة واستنباطها، وتفسير الأحداث، وتقويم الحجج والبراهين، وفحص المعلومات والتأكد من صحتها قبل التسليم بها والعمل بمقتضاها، كما تعد مهارات التفكير الناقد متطلبا رئيسا لجميع أفراد المجتمع بغض النظر عن فئاتهم العمرية، ومراحلهم الدراسية، ومستوياتهم الثقافية، فالفرد الذي يمتلك تلك المهارات سيكون أكثر قدرة على التفكير المستقل واتخاذ القرارات الصائبة، وإدراك كيفية التعامل مع حجم المعارف والمعلومات التي تصل إليه يوميا، حيث تصنف مهارات التفكير الناقد بأنها إحدى مهارات القرن الـ 21، وإحدى المهارات الرئيسة للتعلم وإنتاج المعرفة.

وقد أكد تصريح الوزير عن توجه الوزارة إلى تنمية مهارات التفكير من خلال مقرر مستقل قائم بذاته، وفي حصص دراسية مخصصة له، وهي أحد اتجاهات تنمية مهارات التفكير، يقابله اتجاه آخر لتنمية مهارات التفكير يتم من خلال تضمينها في المنهج المدرسي وتقديمها في جميع المقررات الدراسية ومن مختلف المعلمين، بحيث يتم تعزيز تلك المهارات بشكل مشترك من خلال ممارساتهم التدريسية وأنشطة التعلم وأساليب التقويم المتنوعة، بدلا من اقتصار ذلك على حصص محدودة وبمعزل عن بقية اليوم الدراسي.

وعلى الرغم من تباين آراء المنظرين والتربويين في تحديد الاتجاه الأمثل لتعليم مهارات التفكير، حيث لكل طريقة أو منظور إيجابياته وسلبياته المختلفة، إلا أنه ومن خلال استعراض التجارب والخبرات العالمية المختلفة، والتي حققت نجاحات كبيرة كتجربة اليابان في تعليم التفكير، وتجربة سنغافورة (مدرسة تفكر.. وطن يتعلم) والتي ركزت على تعليم مهارات التفكير الناقد على وجه الخصوص، يتبين أن تحقيق النجاح والتفوق لهاتين التجربتين تم بعد تبني اتجاه تضمين مهارات التفكير داخل المنهج المدرسي، بحيث ينمي الطالب مهارات التفكير أثناء دراسة المواد الدراسية جميعها، ويعد ذلك الأسلوب الأمثل في تعليم مهارات التفكير رغم ما يترتب عليه من ضرورة إعداد المعلم قبل وأثناء الخدمة للتعامل مع مهارات التفكير واستراتيجيات تدريسها.

أما وقد عزمت وزارة التعليم على تنميتها من خلال مقرر مستقل فيتوجب عليها أن تعمل على تمكين الطالب في المقرر الجديد من ممارسة تلك المهارات في مواقف حياتية مختلفة، وألا يقتصر دور المقرر على تعريف وشرح المهارات، كما ينبغي التركيز على إعداد وتهيئة المعلمين المنوط بهم تدريس ذلك المقرر، حيث يعد المعلم أداة الاتصال بين الطلاب والمقرر وركيزة أساسية في نجاح العملية التعليمية أو فشلها، ويقع على عاتقه عبء كبير ومسؤولية واسعة في تنمية المتعلم علميا واجتماعيا وخلقيا، لذلك يتوجب العمل من الآن على تنمية وتطوير قدرات المعلمين على التعامل مع مهارات التفكير وطرق واستراتيجيات تنميتها، بحيث يصبح لدى المعلم القدرة والوعي والإدراك الكامل بمهامه وواجباته في تطوير قدرات ومهارات طلابه على التفكير الناقد، بما يتوافق مع متطلبات التعلم الحالية في القرن الحادي والعشرين.