فهيد العديم

الأغاني والمطر

الأربعاء - 07 نوفمبر 2018

Wed - 07 Nov 2018

بالصدفة، أو ربما لسخرية القدر، أو حتى لأن أحدهم مررها ليستمتع بملامحي التي تتحول لتكون على هيئة توقيع فوضوي عندما يكون الحديث عن البنية التحتية، وثقافتنا تتحرج من الحديث عن البنية التحتية لأسباب ليس هذا مجال شرحها، إنما هو حديث عن قصاصة من صحيفة تحمل خبرا محبرا في يوم الأحد الأول من ربيع الثاني لعام 1400هـ، والخبر كالتالي «سيبدأ قريبا العمل في مشروع تصريف مياه الأمطار في مدينة جدة ويستمر العمل في هذا المشروع لمدة ستة شهور.. الجدير بالذكر أنه قد تم الانتهاء من الكثير من القنوات الرئيسية لتصريف مياه الأمطار خارج المدينة وقد بلغت تكلفتها 600 مليون ريال». انتهى الخبر، وشعرت أن نهاية الخبر المفترض يجب أن تكون (تنهيدة) وليست نقطة، هذا الخبر يحرضك على القيام بأي شيء غير منطقي، كأن تشتم الشخص الواقف بجانبك وهو يستمع لنشرة الأخبار الجوية رغم أنك لا تعرفه، أو محاولة إقناعه أن إشعاله (للضو) تؤثر سلبا في حالة كوكبنا الجيولوجية والبيولوجية والنظم البيئية!

بالعودة إلى الخبر الذي بدأ بسين التسويف، ذكر أن العمل سيبدأ (قريبا) وهذه الكلمة لا تعطي موعدا محددا، فقد يكون غدا، وقد يكون بعد 40 سنة، وبالنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس يجب أن نشعر بالتفاؤل، فـ (قريبا) التي كانت قبل 40 سنة لا بد أننا اقتربنا منها كثيرا الآن!

هذه مشكلتنا نحن المواطنين، دائما تجدنا (عجولين)، فكل مشروع يوقع نريد أن نرى نتائجه ونحن ما زلنا على قيد الحياة، وأحيانا نسيء الظن ويصل بنا الحال لأن نتساءل عن القنوات الرئيسية التي أنجزت قبل 40 سنة خارج المدينة وبلغت تكلفتها 600 مليون (كم كانت تعادل قبل 40 سنة؟!)، هل ما زالت تلك القنوات خارج المدينة أم إنها اختفت وقضمتها أطراف المدينة في رحلتها للتوسع، في ظني الذي يستميت اليوم للدفاع عن أي مشروع متعثر أو مصمم كي يتعثر أن تلك القنوات نفذت فعلا، لكنها أصبحت غير مجدية الآن لأنها صممت لـ (مطر زمان) عندما كان المطر لطيفا ومؤدبا، و (يسمع الكلام)، حيث إنه يلتفت يمينا وشمالا قبل أن يعبر الطرق، ويحفظ الوصايا التي تنصحه بعدم الاقتراب من الجسور والطرق الضيقة، ويذهب للأودية والشعاب البعيدة، وليس كأمطار هذه الأيام التي تتعمد أن تمر بجانب البلديات والأمانات وتفسد أعمالها العظيمة، وقبل ذلك (نفسياتها) الحساسة والشفافة، صحيح أن هنالك من سرق الأودية والطرق التي اعتاد أن يسلكها منذ مئات السنين، لكن هذا ليس مبررا أن يأتي المطر منتقما ممن سرقوه.

والآن ماذا نعنون هذا أيها الأصدقاء، لقد اعتدت دائما أن أضع عنوان المقال بعد الانتهاء منه، عندما أكتب العنوان أولا تكون الفكرة اكتملت بذهني، لا أحب هذه الطريقة لأنها تشبه أن تسلك طريقا اعتدت عليه من قبل، ما رأيكم أن نضع للمقال عنوان (الأغاني والمطر)، ولننظر هل سيتورط أحد بقراءة المقال بحثا عن الأغاني فيجد نفسه عالقا بأحد الجسور؟! لنجرب الفكرة!

Fheedal3deem@