محمد النفاعي

الحاوي في الموظف الهاوي

الجمعة - 02 نوفمبر 2018

Fri - 02 Nov 2018

وقع تحت ناظري ملخص دراسة عن أهم أسباب استقالة الموظفين، النتائج تتمحور حول نقاط عدة وبنسب متفاوتة، منها عدم الارتياح للإدارة، والبيئة المحيطة والصراعات الداخلية، وغياب الرضا الوظيفي بسبب عدم وضوح الرؤية وقلة الاهتمام والتقدير المعنوي، كذلك اضمحلال أو حتى عدم وجود فرص للترقي والتقدم للأمام.

ما يهمني عند النظر لهذه المبررات الكثيرة والمتشعبة هو كيف يمكننا التعامل مع الموظف من أجل الاحتفاظ به ومساعدته في الإنتاجية المرضية للطرفين لأطول مدة ممكنة؟ أرى من وجهة نظري أن ذلك يتم ببث واستشعار روح الهواية مرة أخرى لدى الموظف في بيئة العمل، بالتعامل معه بما أسميه مفهوم «الموظف الهاوي».

قد تكون «هاوي» كلمة غير مرغوبة من الجميع، نحن نعتقد أن كلمة محترف مطلب كل شخص لخوفنا من الظهور كهواة في المظهر والمحتوى أمام الآخرين. من المثير للاهتمام أن كلمة «هاوي» أصلها لاتيني ومعناها «المحب» الذي يعشق ما يعمل. هنا سنحاول تسليط الضوء على بعض ميزات الموظف الهاوي، مما يساعدنا على كسبه والاحتفاظ به لصالح المنظومة:

- الهاوي متحمس واسع الأفق ومتحرر من القيود، لا يخاف من أن يخطئ، ويعتبر الفشل جزءا من النجاح المستقبلي. بعكس المحترف الذي يحسب لكل خطوة ألف حساب لدرجة أنه قد يعوق التقدم والتجارب والمقترحات بسبب التعالي والجمود.

- الهاوي مبتكر ويعشق ما ينتج، قابل للتطور والتعلم، مما ينعكس إيجابيا على عمله ونفسيته. المحترف يمل مع مرور الوقت ويتوقف عن الابتكار.

- الهاوي سهل الإيجاد من الآخرين غير متحفظ لمشاركة المعرفة وكل جديد، ومبادر أكثر من المحترف الذي يميل إلى الأمن الوظيفي والاحتفاظ بالمعلومة.

أتذكر قصة رواها لي أحد الموظفين الشباب الذي كان متخصصا في البرمجة وبالتحديد لديه عشق وهواية في تصميم واجهات حلول البرامج. يقول: بعد تخرجي في الجامعة والتحاقي بالوظيفة، اكتشف رئيسي هذا الشغف مبكرا بعد الحديث معه بإسهاب حال انضمامي لفريق

العمل.

مرت الفترة الأولى كأحسن ما يكون، حيث أبدعت في مساهماتي الموافقة لهوايتي مع التوجيه والدعم المتواصل من فريق العمل وكلانا كان رابحا. بعد مدة انتقلت إلى فريق آخر، ولكن لم أوظف بالطريقة المثلى للاستفادة من «هوايتي احترافيا»، وانتهى مشواري الوظيفي بالاستقالة من العمل للبحث عن فرصة أفضل. لنا العبرة أيضا بما أنتجته ثورة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعية من إيجاد فرص كثيرة للهواة الذين كسبوا المال والشهرة من مصدر شغفهم وهواياتهم.

ما أروع لو استطاع المسؤول أن يبث روح الهواية لدى الموظفين مع الاحتفاظ بالاحترافية في الأداء المتقن للحصول على موظف شغوف مقبل على العمل مبتعد عن المؤثرات الأخرى قادر على تطويع الظروف لصالحه.

يقول ستيف جوبز «أنا مقتنع أن الدافع الوحيد الذي جعلني أستمر هو أنني أحببت ما أفعله، عليك أن تجد ما تحب، الطريقة الوحيدة للوصول للأشياء العظيمة هي أن تحب ما تقوم به، إذا لم تجده استمر بالبحث ولا تتوقف أبدا».

ويقول جاري فاينرشوك «انظر إلى المرآة واسأل نفسك: ما الذي أريد أن أفعله يوميا طيلة حياتي؟ ثم اجعل هذا الشيء مهنتك».

@MSNABQ