أحمد صالح حلبي

الحج ليس استثمارا.. ولا ذهبا أبيض

الخميس - 01 نوفمبر 2018

Thu - 01 Nov 2018

عبر برنامجها «في فلك الممنوع»، قدمت قناة فرانس 24 حلقة خاصة عن الحج، بعنوان «الحج والعمرة: مكة لجميع المسلمين؟»، ومن عنوان الحلقة ومضمونها يتضح أنها تستهدف نقل صورة سلبية عن دور المملكة العربية السعودية في خدمة الحجيج، وهو ما برز في محاور الحلقة بتجاهل فريق الإعداد المعلومات الموثقة، والقول بأن الخبراء يتحدثون عن «ذهب أبيض يدخل خزينة السعودية»، ينافي الحقيقة التي يعرفها الجميع، فالدولة السعودية لم تجعل الحج يوما مجالا استثماريا، وليت فريق الإعداد ذكر ما قدم حينما أنشئت المديرية العامة للحج عام 1365 هـ / 1946 م، والتي تضمنت مهامها استقبال الحجاج وتيسير إجراءات إقامتهم وسكنهم وتنقلاتهم

وقامت بإنشاء مخيمات لاستراحة الحجاج في المدينة المنورة وجدة، وقد بلغت ميزانيتها خلال ذلك العام 387570 ريالا، ولم يكن مثل هذا الأمر مألوفا لدى الحجاج من قبل. أو أنه ذكر المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبدالعزيز رحمه الله عام 1371 هـ بإلغاء الرسوم التي تؤخذ من الحجاج لصالح المؤسسات الخيرية والأهلية باسم رسوم الحج، وهي: عين زبيدة، عين الزرقاء في المدينة المنورة، عين العزيزية في جدة، بلدية مكة، بلدية المدينة، بلدية جدة، دور الأيتام، جمعية الإسعاف الخيرية. وكنت آمل من فريق الإعداد أن يتناول هذا الأمر بداية إن كان على الحياد.

ومن أين يأتي الذهب الأبيض للدولة السعودية إن كانت المبالغ المالية التي يدفعها الحاج كتكاليف حج، تدفع لصالح الجهة المنظمة لرحلة الحج في بلده، سواء كانت وزارة أو هيئة أو رئاسة الشؤون الإسلامية أو الدينية في الدول العربية والإسلامية، أو شركة سياحية؟ وليس للسلطات السعودية دور فيما يدفعه الحاج. وما يقال بأن هناك دعوات إلى مقاطعة «مكة لأنها فرغت المناسك من قدسيتها» فلا أعرف أي مناسك حج يتحدث عنها فريق الإعداد؟ فإن كانت مناسك الحج التي أوضحها جبريل لإبراهيم عليهما السلام، بعد أن فرغ إبراهيم من بناء البيت الحرام، والمتمثلة في الطواف والسعي، والوقوف بعرفات والنفرة إلى مزدلفة ثم إلى منى، ونحر الهدي وغيرها، فإنه إن أدى فريضة الحج الموسم الماضي، أدى هذه المناسك بشكل كامل ولم ينقص منها شيء.

فما هي المناسك التي ألغتها السلطات السعودية لتنفيذ المشاريع؟ وكيف تتهم المملكة بتسييس الحج، ومنع القطريين من الحج، في الوقت الذي تم فيه إعداد وتجهيز كل الخدمات للحجاج القطريين؟ وليت فريق الإعداد تواصل مع مؤسسة الطوافة المكلفة بخدمتهم، وحصل على صور تؤكد وصولهم لأداء فريضة الحج، والخدمات التي وفرت لهم قبل قدومهم، وأثناء تواجدهم وأدائهم لفريضة الحج!

أما القول بأن السوريين منعوا من أداء فريضة الحج، فلا أعرف على أي مستند قيل هذا القول، فالسوريون الذين أدوا فريضة الحج العام الماضي 1439 هـ، بلغ عددهم 18 ألف حاج وحاجة، وكان لهم مكتب شؤون حجاج يمثل الدولة، فكيف منعوا من الحج؟

وقول ضيف البرنامج من بيروت بأن تأشيرات الحج تعطى لأحزاب سياسية دون أخرى، ينافي الحقيقة والواقع، فليته قدم لأداء فريضة الحج ورأى أن هناك حجاجا لبنانيين ينتمون لحزب الله ويؤدون فريضة الحج كغيرهم من الحجاج. المؤسف أن الضيف من بيروت نسي ما جرى عام 1986 حينما كشفت الأجهزة السعودية ما حمله عشرات الحجاج الإيرانيين داخل حقائبهم البالغة 95 حقيبة، تحمل في مخازنها السفلية مواد متفجرة من نوع C4 ومادة RDX شديدة الانفجار تقدر بنحو 51 كجم، أثناء قدومهم إلى المملكة عبر مطار الملك عبدالعزيز بجدة. فهل زجت السلطات السعودية بهؤلاء الحجاج في السجون؟ أم مكنتهم من أداء فريضتهم والعودة لبلادهم بعد الحج لأنه غرر بهم؟ كنت آمل من فريق الإعداد أن يوضح هذا الموقف للحكومة السعودية للمشاهدين.

أما ضيف البرنامج من الاستديو، فلا أريد الخوض فيما تناوله، لكونه علمانيا ويجهل الفرق بين شاخص الجمرات والأصنام.

وختاما أقول إن فريضة الحج لم تكن يوما رحلة سياحية، فهي فريضة تؤدى، وهذا ما أشار إليه الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، بقوله «ليس هناك سياحة دينية، والحج عبادة وكل من يأتي إلى هنا يأتي ليؤدي فروضا إسلامية ويدعو الله تعالى بدعائه الخاص ويرجو غفرانه، والسياحة تكون خارج مدينة مكة والمشاعر المقدسة».

[email protected]