عبدالله محمد الشهراني

غادر بـ «زفة».. رواية قصيرة

الأربعاء - 31 أكتوبر 2018

Wed - 31 Oct 2018

كان يا ما كان في قديم الزمان (مش قديم الزمان أوي)، رئيس تنفيذي غادر مكتبه من الباب الخلفي بعد استقالته، مكتفيا بتلك «الزفة» المحترمة التي حصلت له في «تويتر»، شتائم وفضائح ودعوات تقشعر لها الأبدان، كمية كراهية وبغض لا حدود لها تجاه هذا الرجل من أغلب أفراد الشركة، والذين عُهِد فيهم الحلم والحكمة اكتفوا بالدعاء عليه في المجالس.

تم تعيينه رئيسا تنفيذيا للشركة قادما من «المدينة الفاضلة». وصل مبتسما وبطاقة إيجابية وباشر عمله بكل جد ونشاط، وبدأ بتحفيز الموظفين (طبعا بطريقة أخرج العملاق اللي بداخلك، وامشي على الجمر حافي ما يصير لك شيء)، صال وجال بين الفروع، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، قام بتعيين قيادات جديدة برواتب فلكية لما يملكونه من مهارات وخبرات خارقة (من اللي عملاقهم قد خرج من داخلهم، ومتعودين يمشوا على الجمر، بس ما يعرفوا يصلحوا شاهي جمر). (المهم) عندما هدأت (الفورة وركد) وبدأ يطلع على القضايا الكبيرة التي كان من أهمها «الميزانية»، ورقة كثيرة الأرقام (وخصوصا الأرقام أم لون أحمر)، لم يعتد عليها في «المدينة الفاضلة»، عرف حينها أن الشركة في حاجة إلى عمل جاد لتغيير لون الأرقام الحمراء إلى خضراء، إذ لا بد أن ترتفع المبيعات /‏ الإيرادات وتقل المصروفات التشغيلية، ومعنى تقليل المصروفات التشغيلية هو تحسين إجراءات العمل وخطوات التنفيذ، بحيث تكون منتجة وفعالة. هنا حصلت له صدمة كبيرة أمام التحديات التي لم يعتد عليها في «المدينة الفاضلة»، ففقد السيطرة على نفسه وخرج عن طوره وتحول إلى «دراكولا»، قرر أن يسلك أسهل الطرق توفيرا وتقليصا للمصروفات، فبدأ بمص دماء الموظفين «خصم، إلغاء مميزات، تعقيد الترقيات، إلغاء بدلات.. إلخ»، ولم يكتف بذلك فانتقل إلى مرحلة أكل الموظفين «فصلهم»، عاد إلى ملفات قديمة كان الخطأ ليس فسادا فيها أو شبهة، بل اجتهادا مبنيا على ظروف ربما لم تكتب في الملفات. أيضا لم يكتف والتفت إلى عملاء الشركة فقام برفع أسعار المبيعات دون أي تطوير فيها أو تحسين.

(الوضع عجب خوينا) تكاليف مالية كثيرة وكبيرة تلاشت من قائمة المصروفات، لكنه في الأخير فوجئ بتدهور الوضع في التشغيل، إذ لم يعد أحد موجودا فيه (اللي انفصل واللي هج واللي صار خايف يشتغل ويخطئ وبعدها ينفصل)، حينها (وبعد ما جاب العيد في الشركة والموظفين والعملاء) قرر الاستقالة رسميا. اختفت في تلك اللحظة (فرقة حسب الله) التي استقبلته بـ «زفة» في أول يوم، و(تكفل) له الموظفون بعمل «زفة» الوداع المحترمة، ولم يبك عليه سوى أولئك الذين يمشون على الجمر.

لا تخلو شركة من الكفاءات، ولن يفلح مسؤول أهمل وتجاهل أهل البيت، ولن تنجح شركة إن كانت في حالة عداء مع موظفيها، ومن الخطأ أن تلبس شركتك الحالية ثوب شركتك القديمة، فليس هناك ثوب يصلح لجميع الأجساد.

@ALSHAHRANI_1400