ما زال متصلا بالشبكة!
السبت - 27 أكتوبر 2018
Sat - 27 Oct 2018
مع التطور السريع الذي اجتاح البلاد خلال 15 عاما الماضية، وتبدل عدد من المعايير الأخلاقية واندثار بعض العادات والتقاليد وسيطرة ضغوطات العمل والدراسة والتطلع الزائد للمستقبل، فقدنا اجتماعاتنا العائلية الدافئة، واتصالاتنا التي تستغرق الساعات مع الأصدقاء وحديثنا الدقيق عن كل شيء، وكيف أصبحنا وكيف أمسينا ومن زارنا وأين ذهبنا، واستمتاعنا بأبسط الأشياء أقلها تناول كأس من الشاي مع العائلة وكثير من الأحاديث التي غالبا ما تنتهي بخلاف لتصادم الأفكار، جيل الخمسين يتخذ موقفا صارما من جيل العشرين، وهكذا. ولا ضرر إن علت الأصوات لأن المساء قادم على قبلات واعتذارات وكأس شاي جديد وخلاف جديد.
اليوم ومع الأسف أصبحنا نجتمع للتوثيق، نوثق كل شيء كأننا صحفيون بائسون يبحثون عن أي خبر. نوثق الطعام والشراب والموسيقى وحتى الوجوه! فقدنا اللحظة ومتعة الاستمتاع بها. أصبحنا لا نتذكر من حضر وإن كان الطقس مشمسا أو غائما، ونوع الطعام الذي أكلناه إلا بمراجعة ملف الصور! لا مكان للحديث لأنك لست مضطرا إلا لأن تلقي بالتحية وتقبل الرؤوس والأكف ثم تخرج هاتفك الكبير وتسقط رأسك فيه حتى يأتي وقت العشاء فتوثق صحنك بصورة وتأكل دون متعة وبسرعة عجيبة، لأن وقتك لا يسعفك، ثم ترحل بكل هدوء لأن هاتفك جائع ويحتاج لكثير من الكهرباء. أصبحنا لا نتواصل رغم اتساع مواقع التواصل الاجتماعية التي عزلتنا عن الحياة، وعن أقاربنا وأصدقائنا وحتى عن عائلتنا في المنزل الواحد. فجوة صنعتها التقنية الحديثة على الرغم من إيجابياتها كما أقول دائما إن لكل مضره منفعة.
لا يمكننا أن ننكر أن لهذه التقنية الفضل في معرفة نوع الموسيقى والكاتب والمكان المفضلة لأصحابها حتى إنها تنبهنا لأعياد ميلادهم واحتفالاتهم المهمة إن كانوا في حالة حزن أو فرح، فالصورة أبلغ من الكلام في هذا العصر. ولكن من وجهة نظري إنها صنعت مني شخصية كسولة جدا معتمدة على حالاتهم الالكترونية، جعلت مني شخصية منطوية على نفسها. أرسل قلبا وقبلة للتهنئة، أو صورة أكتب فيها سطر مباركة مع تأثيرات ملونة تشير إلى أني سأطير من الفرحة، أو رسالة صوتية وأنا في عجلة من أمري، هذا وأكثر وأنا مستلقية على السرير! لقد فقدت شعور الأمان حين أحتضن أحبائي لأطمئنهم أو أبارك لهم، فقدت شعور القرب منهم مع تقدم كل هذا. شعور الغرباء حين نتقابل صدفة! فقدت خاصية أن أكون مميزة لهم بأن أكون أول من يعرف بنجاح أو تخرج أو زواج، أصبحت كالجميع نعرف في آن واحد. مؤمنة بأن من أراد أن يصلح شيئا عليه أن يبدأ بنفسه أولا؛ فأخذت عهدا على نفسي ألا أستخدم هاتفي الذكي الذي صنع مني إنسانة غبية في اجتماعاتنا العائلية أو بين صديقاتي وأحيانا حين أكون في خلوة مع ذاتي.
استصعبت الأمر في البداية ثم أصبحت عادة ثابتة؛ ساعات معينة فقط لأجهزتي الالكترونية. أصبحت أتأمل الوجوه وحركاتهم اللا إرادية في التعامل مع هذه الأجهزة وكأنهم قطبا مغناطيس! كيف لي أن أهمل نفسي لهذه الدرجة! ومع مرور كثير من الوقت وتأمل عميق للملامح وللمكان تنبه لي البعض وأغلق الهاتف على مضض، والبعض الآخر ما زال متصلا بالشبكة.
اليوم ومع الأسف أصبحنا نجتمع للتوثيق، نوثق كل شيء كأننا صحفيون بائسون يبحثون عن أي خبر. نوثق الطعام والشراب والموسيقى وحتى الوجوه! فقدنا اللحظة ومتعة الاستمتاع بها. أصبحنا لا نتذكر من حضر وإن كان الطقس مشمسا أو غائما، ونوع الطعام الذي أكلناه إلا بمراجعة ملف الصور! لا مكان للحديث لأنك لست مضطرا إلا لأن تلقي بالتحية وتقبل الرؤوس والأكف ثم تخرج هاتفك الكبير وتسقط رأسك فيه حتى يأتي وقت العشاء فتوثق صحنك بصورة وتأكل دون متعة وبسرعة عجيبة، لأن وقتك لا يسعفك، ثم ترحل بكل هدوء لأن هاتفك جائع ويحتاج لكثير من الكهرباء. أصبحنا لا نتواصل رغم اتساع مواقع التواصل الاجتماعية التي عزلتنا عن الحياة، وعن أقاربنا وأصدقائنا وحتى عن عائلتنا في المنزل الواحد. فجوة صنعتها التقنية الحديثة على الرغم من إيجابياتها كما أقول دائما إن لكل مضره منفعة.
لا يمكننا أن ننكر أن لهذه التقنية الفضل في معرفة نوع الموسيقى والكاتب والمكان المفضلة لأصحابها حتى إنها تنبهنا لأعياد ميلادهم واحتفالاتهم المهمة إن كانوا في حالة حزن أو فرح، فالصورة أبلغ من الكلام في هذا العصر. ولكن من وجهة نظري إنها صنعت مني شخصية كسولة جدا معتمدة على حالاتهم الالكترونية، جعلت مني شخصية منطوية على نفسها. أرسل قلبا وقبلة للتهنئة، أو صورة أكتب فيها سطر مباركة مع تأثيرات ملونة تشير إلى أني سأطير من الفرحة، أو رسالة صوتية وأنا في عجلة من أمري، هذا وأكثر وأنا مستلقية على السرير! لقد فقدت شعور الأمان حين أحتضن أحبائي لأطمئنهم أو أبارك لهم، فقدت شعور القرب منهم مع تقدم كل هذا. شعور الغرباء حين نتقابل صدفة! فقدت خاصية أن أكون مميزة لهم بأن أكون أول من يعرف بنجاح أو تخرج أو زواج، أصبحت كالجميع نعرف في آن واحد. مؤمنة بأن من أراد أن يصلح شيئا عليه أن يبدأ بنفسه أولا؛ فأخذت عهدا على نفسي ألا أستخدم هاتفي الذكي الذي صنع مني إنسانة غبية في اجتماعاتنا العائلية أو بين صديقاتي وأحيانا حين أكون في خلوة مع ذاتي.
استصعبت الأمر في البداية ثم أصبحت عادة ثابتة؛ ساعات معينة فقط لأجهزتي الالكترونية. أصبحت أتأمل الوجوه وحركاتهم اللا إرادية في التعامل مع هذه الأجهزة وكأنهم قطبا مغناطيس! كيف لي أن أهمل نفسي لهذه الدرجة! ومع مرور كثير من الوقت وتأمل عميق للملامح وللمكان تنبه لي البعض وأغلق الهاتف على مضض، والبعض الآخر ما زال متصلا بالشبكة.