مي محمد الشريف

بين قميص جمال ومبادرة الاستثمار

الجمعة - 26 أكتوبر 2018

Fri - 26 Oct 2018

عاش المجتمع السعودي الأيام الماضية أوقاتا عصيبة، متابعا التطورات الحزينة لقضية المواطن السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في جريمة مارقة بالقنصلية السعودية في إسطنبول. مع الأسف التصرف الأرعن من الجناة الذين تجاوزا صلاحياتهم ومسؤوليتهم وضعنا في مواجهة وهجوم إعلامي سيمتد لفترة ويعيد لنا ذكرى الهجمات الإعلامية ما بعد أحداث 11 سبتمبر. وما لنا إلا الدعاء له ولأسرته الكريمة، مؤمنين بتحقيق العدالة للمغدور به ومحاسبة الجناة. هذه الجريمة لا تعكس دبلوماسية الحكومة السعودية ولا سياستها المعروفة بالصبر، وإنما هو خطأ جسيم وتصرف فردي لعناصر التفاوض، حيث أثبتت التحقيقات السعودية والتركية فوضى من الأدلة ضدهم، والتي تبين انعدام الخبرة لديهم على هذه الأفعال الدموية السرية.

موقف الإعلام في قضية مقتل خاشقجي أعاد إلى أذهاننا الحادثة المعروفة بـ «قميص عثمان» رضي الله عنه المخضب بدمه، عندما استغل الأمويون الحق في خدمة الباطل، فطالبوا بالقصاص لعثمان بن عفان، والذي كان حقا لكن تم توظيفه للتمرد على خليفة المسلمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهذا ما نشاهده اليوم في الإعلام الموجه واستغلاله لقضية جمال خاشقجي للهجوم والتشكيك بالحكومة السعودية وقضائها بشكل مستفز والنيل من قادتها، إذ لا يهمه أمر خاشقجي ولا تحقيق العدالة له، وإنما هدفه الأول والأخير انتكاس الاقتصاد السعودي، وزعزعة الأمن داخليا، وتشويه سمعة ودبلوماسية البلاد خارجيا.

الحقيقة الوحيدة الثابتة هي قدرة المملكة العربية السعودية على إنهاء هذه المطامح والحملات الاستفزازية بنجاحاتها الإصلاحية والاقتصادية، حيث تم بالأمس توقيع 25 مذكرة واتفاقية استثمارية ضمن القطاعات الاقتصادية التي تتميز بها المملكة العربية السعودية كالنفط، والغاز، والبنية التحتية، بقيمة 212 مليار ريال سعودي، وهذا ضمن إعلانات اليوم الأول فقط في مبادرة مستقبل الاستثمار في نسخته الثانية.

يذكر أن هذا المؤتمر الاستثماري السعودي تعرض لتضخيم الأخبار حول عزوف واعتذار مجموعة من الشركات الأمريكية والأوروبية عنه بعد ضغوط إعلامية على خلفية قضية خاشقجي، إلا أنه تبين أن أغلبها قد اختارت إرسال مسؤولين تنفيذيين إقليميين إلى المؤتمر، لحاجتها الملحة إلى مواصلة وزيادة أعمالها التجارية مع السعودية.

سنتجاوز هذه القضية المؤلمة، لكنها كانت كمنبه أيقظنا بشكل مزعج للبحث في إعادة صياغة علاقتنا بالإعلام الدولي والاعتراف بضرورة وضع استراتيجية واضحة وشراكات قوية لمنصات تحتضن الإعلام الموضوعي، وتحمينا مستقبليا من الإعلام الانتهازي المتناقض، والتذكير بأهمية قيمنا وسلوكنا الأخلاقي في الدفاع عن وطننا الغالي وقادته حفظهم الله، بعيدا عن التشكيك والتخوين والإساءة، وأن نكون خير من يرد على الحاقدين بالحقائق والإثباتات، ورد الفكر بالفكر وليس بسوء الأدب. ودامت لنا بلادنا التي سنكون لها سندا وقوة كما كانت لنا دوما.

ReaderRiy@