دخيل سليمان المحمدي

الإعلام الواعي

الخميس - 25 أكتوبر 2018

Thu - 25 Oct 2018

من الحقائق الثابتة أن وسائل الإعلام عبر ما تنشره تؤثر تأثيرا واضحا في عملية تطوير الفرد والمجتمع، حيث أصبح الإعلام أشبه ما يكون بجامعة كبرى مفتوحة لها مناهجها اليومية المتجددة والمتغيرة مع الظروف والأحداث، والمتطورة بتطور الحاجات والاهتمامات، مما يحملنا في هذا العصر الذي انتشرت فيه هذه الوسائل والتقنيات الإعلامية كالنار في الهشيم أهمية التربية الإعلامية التي تحدد قيمتها بالنسبة للفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، إذ يمكن من خلال المهارات التي تتضمنها الحصول على فرد قادر على التعامل الإيجابي والواعي مع الإعلام وتقنياته، وتزداد هذه الأهمية وجوبا مع تزايد استخدام وسائل الإعلام وتزايد انعكاساتها وتأثيراتها التي أثبتتها العديد من الأبحاث والدراسات، ولا سيما بعد التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإعلام والاتصال وانفتاحها على مستوى العالم وتزايد هامش الحرية في استخدامها.

تبدأ هذه التربية من المنزل ثم المدرسة، وذلك بتنمية السلوك الإعلامي الواعي في مهارة حسن الاختيار، وتنمية مهارة التواصل، والمشاركة التفاعلية في الحوار، ومهارة إنتاج المحتوى والمضامين الإعلامية لدى المهتمين بنشر محتوياتهم الإعلامية على حساباتهم الشخصية، فالمحتوى الإعلامي هو كل ما يقوله أو يكتبه أو يرمز له الفرد من عبارات، بل هو المعلومات التي يقدمها والاستنتاجات التي يخرج بها والأحكام التي يقترحها بطريقة الاتصال مع الآخرين، فصناعته تتطلب كثيرا من القدرات والمواهب التي تجعل لذلك المحتوى قيمة وفائدة مضافة إلى علم الإعلام.

ولا ننسى أيضا التركيز على التربية الإعلامية لأطفالنا، حيث البيئة الخصبة للتأثير الإعلامي، لعدم قدرتهم على تحليل وتمييز ما يتم نشره، إضافة إلى عشقهم للألعاب الالكترونية التي نشاهد تأثيرها على حركاتهم، والمقطع الذي جرى تداوله أخيرا لطلاب مدرسة في الاصطفاف الصباحي لهو خير شاهد على ذلك، حيث كانوا يقلدون رقصة لعبة «النايت كرافت».

الإعلام سلاح ذو حدين، فإذا أحسن استخدامه وتوجيهه كان مرجعا ومصدرا لتطوير المعارف والتوجيه والإرشاد والتوعية فيما يعيننا على حل مشكلاتنا. وإذا أسيء استخدامه ارتد بمؤثراته السلبية على مجتمعنا. فلهذا يجب على الناشر سواء على حسابه الخاص أو عن طريق مؤسسة رسمية أن يتحلى بأخلاقيات الإعلامي الواعي، حيث يبحث عن الحقيقة فيما ينشره، والتأكد من صحة الصور التي يستخدمها في مادته، والابتعاد عن نشر أي صور للمرضى النفسيين ومتعاطي المخدرات مثلا دون الحصول على موافقتهم إلا في حال الهدف التوعوي من ذلك. واحترام قيم المجتمع وعاداته وتقاليده والتفرقة بين السلوك الأخلاقي المقبول والسلوك غير الأخلاقي، كمصطلح «الفله».

أخيرا، أتمنى دعم فريق الإعلام الواعي التطوعي الذي جعل من رؤيته ورسالته نشاطا يتواكب مع رؤية المملكة 2030 التي اهتمت كثيرا بالجانب الإعلامي والفكري لدى شباب هذا الوطن الغالي، حيث يهتم هذا الفريق بنشر السلوك الإعلامي الواعي في ظل التأثير الإعلامي الملحوظ على الفكر الإنساني، مما أدى إلى التحديات والصراعات، وما نراه من تهافت الطرح الساذج والركض وراء البث والنشر بحثا عن الشهرة والمال، دون النظر إلى ما يهدف إليه المحتوى.

@dakhelalmohmadi