عبدالله المزهر

أجيال للتجربة..

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 24 أكتوبر 2018

Wed - 24 Oct 2018

في الحقيقة أيها السيدات والسادة الفاضلات والأفاضل أني لم أجد طريقة مثالية للتعامل مع أبنائي الخمسة، وأجد صعوبة في فهمهم وإفهامهم، وأعتقد ـ دون تحفظ ـ أني لو كنت معلما ولدي في الفصل أكثر من 30 طالبا من عينة الخمسة الذين لدي في المنزل لتشاجرت ـ مشاجرة لا تفضي إلى الموت ـ مع نصف الطلاب أو انتحرت أنا. ولذلك فإن حديثي عن التعليم ووزارته ومدرسيه ومدارسه سيكون مجرد تنظير لا أكثر، ولكن هذا ـ كما تعلمون ـ ليس سببا كافيا لمنعي عن الحديث، ليس شرطا أن يكون الإنسان ملما بكل ما يتحدث عنه، وهذا ما أفعله «على» هذا العمود الصحفي منذ سنوات. وأعتقد ـ دون تحفظ أيضا ـ أن هذا ما يفعله السواد الأعظم من الكائنات البشرية. وقد سبق أن أشار الأخ برناردشو إلى هذا المعنى حين قال «لو لم يتحدث الناس إلا فيما يفهمونه لبلغ الصمت حدا لا يطاق!».

والمحفز على الحديث عن التعليم لا شك أنه لقاء وزير التعليم التلفزيوني الأخير، والذي سمعت فيه عن خطط جديدة ودمج مراحل دراسية وإلغاء وإحلال وتبديل، ولست أعترض ـ لا سمح الله ـ على شيء من هذا أو أقول ـ معاذ الله ـ إن لدي حلولا أفضل لمشاكل التعليم. كل ما أقوله إن الأمر ليس سهلا وقد يكون خطيرا لأنه بمثابة التجربة في «إعدادات» جيل كامل، وتكمن الخطورة في أن نتائج هذه التجارب لا تظهر فورا، بل تظهر في وقت لا يمكن فيه تعديلها وتصحيها.

ومع هذا فإن أكثر وزارة في مجرة درب التبانة تم التعديل والتغيير في أساليبها وطرقها ومناهجها هي وزارة التعليم، لأن الوزير الجديد ـ أي وزير ـ يعتقد أنه لا بد أن يبدأ من جديد، وأن جل ما حدث قبل قدومه لا بد أن يتغير. ثم حين ينتصف به الطريق يأتي وزير «أجد» منه ويبدأ من جديد هو الآخر.

وقد يكون الحل ـ وهذا ليس اقتراحا والعياذ بالله ـ أن يكون هناك سياسة عليا وخطط طويلة المدى للتعليم تتم دراستها ومراجعتها وإقرارها من جهات أعلى من وزارة التعليم، وتكون مهمة الوزارة والوزير هي تنفيذها بحذافيرها، ويقاس نجاح الوزير والوزارة من عدمه بمدى تحقيقه لتلك الأهداف. فقد يكون من المفيد أن نتخلى عن الاجتهادات الفردية جيلا أو جيلين على الأقل.

وعلى أي حال..

لدي أبناء في جميع المراحل وجربت أنواعا كثيرة من المدارس الحكومية والخاصة، ورأيت الكثير من المناهج، ولكن العامل الوحيد الذي يشكل فرقا في كل هذا الزحام هو المعلم، معلم جيد يعني أن النتيجة ستكون طالبا جيدا، والعكس صحيح جدا، أيا كان نوع المدرسة وأيا كانت المناهج، وهذا الأساس الذي يفترض أن يبنى عليه ويعمل من أجله، ما عدا ذلك مجرد تفاصيل صغيرة ليس لها تأثير مهم.

agrni@