عبدالله المزهر

المطر يتغير هو الآخر..

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 23 أكتوبر 2018

Tue - 23 Oct 2018

لا أعلم ما الذي أصابني فأصبحت فجأة لا أخاف من المطر، لا أعلم هل أصبح المطر مسالما فجأة أم إن مخاوف أخرى أزاحته من مركزه وأرغمته على التراجع؟

بالأمس كان المطر جميلا، لم تستفزني كثيرا الشوارع التي بلغت المياه فيها التراقي، والأغرب من كل هذا أن منزلي نفسه تحول إلى مسبح ودخله الماء من كل مكان، ومع هذا فقد كنت مبتسما سعيدا وأنا أزيح المياه من غرف المنزل، ولم آو إلى السطح ليعصمني من الماء. لم أشتم أحدا ولم أنفعل ولم أغتب الفساد والفاسدين.

وحين رأيت موكب أمير المنطقة الشرقية يعلق في أنهار الشوارع اعتبرت الموقف طريفا وحسب، لا شيء آخر.

والحقيقة أني أريد أن يصبح الناس كلهم مثلي، يفرحون بالمطر حتى وهم يرون السيول تعبر الصالة متوجهة إلى المطبخ، لكني لا أعلم كيف يمكنهم أن يصبحوا كذلك.

لم أفعل شيئا بعينه حتى أصل إلى هذه المرحلة من السلام الداخلي والتصالح مع الخراب، ولذلك فإن الأمر قد يكون مرتبطا بدعوة مستجابة دعاها لي محب ما وسأل الله وألح في الدعاء أن يرزقني تبلدا وتنبلة تجعل حياتي أكثر سلاما وسعادة.

وليته بكر في تلك الدعوة، حتى أستمتع بوجود شعر رأسي أطول فترة ممكنة، الآن لم يعد ذلك ممكنا للأسف ـ غير الشديد.

وقد لا يكون في الأمر دعاء ولا دعوة مستجابة، وكل ما في الأمر أن الأشياء حين تتكرر كثيرا تصبح هي الأصل وينسى الناس القاعدة التي تترك مكانها وتصبح هي الاستثناء. فيتآلفون مع الواقع مهما كان قبيحا ويحبونه ويكرهون تغييره حتى لو كان تغييره للأفضل. تتغير معايير الجمال وتتبدل الأذواق تدريجيا. ولذلك ربما نسمع في فترة ما قصائد تتغنى بجمال المياه وهي تتسرب إلى المباني، وكيف أن هذا المنظر ملهم للشعراء ومحبي الفن والجمال والطبيعة. ويعبر الشاعر عن سعادته برؤية محبوبته فلا يجد أجمل من أن يقول لها: سعيد بك كسعادة نفق بالمطر. أو عيناك جميلتان كمياه تسد الطريق.

وعلى أي حال..

أنا سعيد حقا، وفرحت بالمطر، وأنصح الناس بأن يفعلوا ذلك، الشوارع ستجف يوما ما، والأنفاق ستفتح. سيكون جميلا أن نتأقلم مع هذا ونعود إلى محبة المطر والفرح به حتى وإن تغيرت أخلاقه، فالكل يتغير والمطر ليس استثناء.

agrni@