محمد النفاعي

النحو في علم الإدارة

الجمعة - 19 أكتوبر 2018

Fri - 19 Oct 2018

قال الشاعر أحمد شوقي في أحد أبياته مدحا للغة العربية:

إن الذي ملأ اللغات محاسنا

جعل الجمال وسره في الضاد

اللغة العربية هي لغة القرآن، وتتميز عن باقي اللغات بعلوم عدة، منها علم البيان، والبلاغة، والإنشاء والنحو وغيرها. علم النحو الذي يسمى أيضا علم الإعراب له فروع، منها المنصوبات التي من أشهرها ظرف الزمان والمكان. ظرف الزمان يحاول الإجابة عن السؤال «متى»، أما ظرف المكان فيحاول الإجابة عن «أين».

الظرفية النحوية تخلق علاقة بين النحو والإدارة بما يعرف الآن بنظرية «القيادة الظرفية» Situational Leadership، هذه النظرية التي قد نترجمها إلى «القيادة الموقفية»، وهذا في النحو أيضا، ويسمى «الحال»، وتعد ناشئة مقارنة بالنظريات الإدارية الأخرى.

من أهم ركائزها كيفية التعامل الأمثل بحسب الظرف الزماني والمكاني أو الموقفي للقائد والمرؤوس على حد سواء. التعامل مع «متى وأين ولماذا وكيف» يعد أهم ركائز علم الإدارة البشرية وعلم إدارة المشاريع. فالقائد الذي يستطيع الإتيان بالسلوك المناسب والتحكم بالظروف تزيد نسبة فعاليته في القيادة بنسبة كبيرة والنجاح المهني مقارنة بقرنائه.

هذه النظرية طرحت للمرة الأولى في نهاية السبعينات الميلادية وبداية الثمانينات بواسطة بول هيرسي وكين بلانشارد عندما كانا يعملان على تطوير نظرية إدارة سلوك المؤسسات.

العمود الفقري للقيادة الظرفية أو الموقفية يقوم على أنه لا وجود لما يعرف بـ «الأسلوب الأفضل والأوحد للقيادة». القيادة الفاعلة تعتمد على الوضع الآني والظرف الزماني والمكاني للقائد والموظف والمهمة الموكلة المراد إنجازها بدون التضحية بأهداف المشروع واستراتيجية المؤسسة. ويمكننا تشبيه النظرية بالمثل الشائع «لكل مقام مقال».

سنختصر نظرية هيرسي وبلانشارد بشرح أنموذجهما المشهور المبني على جانبين: الأول يختص بمستوى القيادة سواء في الدعم أو التوجيه Leadership Style ويرمز له بالحرف S، والثاني بمستوى التطوير للمرؤوس Development levels ويرمز له بالحرف D.

النموذج يتكون من أربعة مستويات للتفاعل بين القائد والمرؤوس، بحسب الظرف والمهمة الموكلة إليه، وهي كالتالي:

S1: التوجيه المباشر directing من جانب القائد إلى المرؤوس، وهذا يطبق على المرؤوسين الجدد عادة.

D1: المرؤوس يكون قليل المهارة، ولكنه متحمس وملتزم وهذه عادة الموظف الجديد.

S2: التدريب والمساندة coaching، حيث يقدم القائد النصائح والدعم للمرؤوسين مستخدما التواصل ذا الاتجاهين والدعم العاطفي.

D2: المرؤوس هنا يكون قليل المهارة وقليل الالتزام وغالبا يكون محبطا.

S3: المشاركة والدعم supporting يعطى المرؤوس فرصة لاتخاذ القرار، والقائد يقدم الدعم والقليل من التوجيه وتكون العلاقة هنا بين الاثنين على مستوى عال من الثقة المتبادلة.

D3: يتميز المرؤوس بالمهارة والقدرة على تحمل المسؤولية، لكنه قليل الثقة بنفسه، مما يؤدي إلى عدم الالتزام، وهذا يحتاج مجهودا أكبر من القائد لدعمه المتواصل.

S4: التمكين والتفويض delegating القائد لا يكون له دور في القرار، لكن المسؤولية عند الموظف، ودور القائد هو التفويض والمراقبة عن بعد.

D4: يتميز المرؤوس بأنه يملك المهارة، والقدرة والثقة والالتزام، ويعتمد عليه اعتمادا كليا.

ختاما، يجب التنويه إلى أن المهمة الأولى التي تقع على القائد هي اكتشاف ومعرفة حالة وإمكانات المرؤوس، ومن ثم اختيار المهمة المناسبة والأسلوب الأمثل للحصول على النتائج المطلوبة للجميع. وكما قال كين بلانشارد «مفتاح القيادة الناجحة اليوم هو التأثير وليس السلطة».

@MSNABQ