داعش أغنى تنظيم إرهابي في التاريخ

التنظيم الإرهابي يعتمد استراتيجية سرية لاستعادة مواقعه في العراق وسوريا
التنظيم الإرهابي يعتمد استراتيجية سرية لاستعادة مواقعه في العراق وسوريا

الجمعة - 19 أكتوبر 2018

Fri - 19 Oct 2018

على الرغم من أن تنظيم داعش فقد نحو 98% من أراضيه بسبب ضربات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إلا أنه يسعى إلى السيطرة على المناطق ذات الأغلبية السنية في العراق وسوريا، بهدف البحث عن مصادر تمويل لعملياته الإرهابية والوقوف على قدميه مجددا.

ووضع التنظيم الإرهابي خطة سرية لتعزيز موارده، والاستفادة من المدن التي يسيطر عليها لجمع مليارات الدولارات من خلال الابتزاز والضرائب والسطو وبيع النفط، حيث أكد رغبته في جني المال دون السيطرة على المراكز السكانية الكبيرة.

مصادر ثروة داعش

ذكر الكاتب كولن كلارك في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي أمس الأول، أنه خلال أوج سيطرته على الأراضي عام 2015، جمع تنظيم داعش ما يقرب من 6 مليارات دولار، مما يجعله حتى الآن أغنى تنظيم إرهابي في التاريخ، ولكن كيف يمكن له جمع ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لإحدى الدول؟

3 مصادر للتمويل:

النفط والغاز:

بلغ مجموع ما جمعه نحو 500 مليون دولار عام 2015، ومعظمه من خلال المبيعات الداخلية.

الضرائب والابتزاز:

تحصل على نحو 360 مليون دولار عام 2015.

نهب الموصل:

سرق تنظيم داعش حوالي 500 مليون دولار من خزائن مصرفية.

طرق داعش لجني الأموال:

- البقاء بدون أرض

بعد أن فقد التنظيم معظم أراضيه، انتقل من السيطرة على الأراضي التي تعادل تقريبا حجم بريطانيا إلى محاولة البقاء على قيد الحياة، حيث وجد نفسه تحت الحصار قرب وادي نهر الفرات، حيث تمكن التحالف العالمي من تدمير معاقل التنظيم في الشرق الأوسط، واستطاع نفي زعيمه أبوبكر البغدادي والقضاء على أحلامه بإقامة خلافة يدعي أنها إسلامية في قلب المنطقة، وانخفض تدفق الإيرادات بشكل كبير من الضرائب والابتزاز وبيع النفط.

لم يعد التنظيم يعتمد على الأرض للاستمرار، بعد أن هرب قادته ما يربو عن 400 مليون دولار من العراق وسوريا، وباتوا يأملون في إجراء عملية غسيل لهذه الأموال عبر شركات تجارية، خاصة في تركيا، حيث يمكن تحويل المال إلى ذهب وتخزينه للبيع في المستقبل.

- تخفيض نفقات التشغيل

مع انخفاض دخل داعش، باتت النفقات التي يصرفها التنظيم ضئيلة مقارنة بما كانت عليه منذ أكثر من عام، حيث لم تعد هناك إدارة مسؤولة عن الرعاية الصحية، التعليم، دفع رواتب البلديات، توفير الأشغال العامة، بما في ذلك خدمات القمامة والصرف الصحي، ومع وجود ميزانية تشغيلية مخفضة بشكل كبير، فإن الأموال التي كدست في فترات سابقة ستوفر للمجموعة ما يكفي من المال للبقاء كتنظيم إرهابي سري لديه القدرة على شن حملة طويلة من حرب العصابات في جميع أنحاء العراق وسوريا.

- أنشطة التنظيم الإجرامية لجني الثروة:

  • الابتزاز.

  • الاختطاف من أجل الحصول على فدية.

  • السرقة.

  • تهريب المخدرات.

  • الاتجار في الآثار.




- تخويف المدنيين وابتزازهم

لا تتطلب هذه الأنشطة الاحتفاظ بالأراضي، ولكن هناك مخاطر مرتبطة بالمتمردين الأفراد، الذين يمكن، من الناحية النظرية على الأقل، أن يقبض عليهم، ومع ذلك، فإن فرص التعرض للاعتقال ضئيلة، فلا يوجد حتى الآن أي من قوات الأمن أو قوات الشرطة في العراق أو سوريا القادرة على القيام بأنشطة الشرطة التي من شأنها ردع الجريمة على نطاق واسع، ففي المستقبل القريب يمكن للمجموعة إعادة تنشيط تيارات الداخل التي أصبحت قائمة على ابتزاز السكان.

وخلال السنوات التي كان فيها عدد من المدن تحت سيطرتهم، جمع أعضاء تنظيم داعش بيانات شخصية دقيقة عن السكان تتضمن معلومات مفصلة عن الأصول والدخل، بالإضافة إلى عناوين أفراد العائلة الممتدة، هذه البيانات ستساعدهم على الحصول على المزيد من النفوذ عبر تخويف المدنيين وابتزازهم، مما يسمح لهم بتجديد الاحتياطي النقدي.

- استغلال عملية إعادة الإعمار

يلجأ تنظيم داعش الإرهابي إلى طرق أخرى لكسب المال دون الاحتفاظ بالأرض، عن طريق ابتزاز شركات إعادة إعمار الموصل وغيرها من المدن المدمرة، وهذا ما أتقنه كل من تنظيم القاعدة ودولة العراق الإسلامية، حيث تفننا في ابتزاز شركات البناء والكيانات الأخرى التي تحاول المساعدة في إعادة بناء المدن والبلدات والقرى التي تسعى للتعافي منذ سنوات، فعقب الصراع الطائفي الوحشي في العراق، لم يسيطرا على أي مكان بالقرب من مساحة الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، لكن بين عامي 2006 و2009 كانا لا يزالان قادرين على جمع مبالغ كبيرة من المال عن طريق ابتزاز شبكات توزيع النفط المحلية والإقليمية.

ويتوقع أن تكرر العملية نفسها خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث يسعى المجتمع الدولي لمساعدة العراق وسوريا على التعافي من عقد من الحرب الأهلية، وإعادة الإعمار في الأجزاء التي مزقتها الحرب، ورغم حسن نوايا هذا التوجه إلا أنه يمكن أن يكون هدفا جذابا لداعش، وربما يساعد في تمويل عودة التنظيم، وهو أمر يمكن أن تحققه المجموعات الأخرى أيضا حتى بدون احتلال مساحات واسعة من الأراضي، وسيكون من السهل على داعش أن يبدأ في إفساد عقود إعادة الإعمار، فهم سيحتاجون ببساطة إلى إقامة صلات مع المسؤولين المحليين المرتبطين بمشاريع إعادة الإعمار وإدخال عناصرهم الخاصة في سلسلة الإمداد، مع الحصول على مبالغ مالية مختلفة في كل خطوة، وسيعملون على ضمان اكتمال المشروع في نهاية المطاف، وإن كان ذلك بسعر مبالغ فيه لمراعاة الأموال التي ستذهب إلى جيوبهم.

- استعادة أراضي العراق وسوريا

لم يتوقف تنظيم داعش عن السعي للسيطرة على الأرض، حيث يحاول دوما استعادة مصادر استخراج النفط حول دير الزور، ووفقا لتقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يوليو الماضي، استعاد التنظيم سيطرته على حقول النفط في شمال شرق سوريا، واستمر في استخراجه وبيعه للسكان، وحتى بعد استعادة هذه الحقول سيعود تنظيم داعش ببساطة إلى الأنشطة الإجرامية التي لا تتطلب الحفاظ على الأراضي المادية.

ويسمح الجمع بين الأصول الحالية والقدرة المستقبلية لداعش بإعادة تنظيم صفوفه، التي بدأت فعلا تظهر في أجزاء مختلفة من العراق وسوريا، وجميع أنحاء كركوك شمال العراق، حيث بنى نقاط تفتيش وهمية لنصب كمين لقوات الأمن العراقية العاملة في المنطقة في وقت سابق من هذا العام.

وفي أجزاء أخرى من العراق شملت ديالى وصلاح الدين، تراقب خلايا داعش هذه المناطق لتحديد أفضل السبل للعمل قبل إعادة تنظيم تشكيلات صغيرة من المقاتلين، وعلى الرغم من الغارات الجوية الأمريكية، إلا أنه لا تزال جيوب المقاتلين متحصنة في حجين شمال أبوكمال، ودشيشة في سوريا.

ويميل الغرب إلى رؤية الحرب ضد داعش في مراحل متقطعة محجوبة من قبل الإدارات الرئاسية أو تغييرات طفيفة في السياسة، ولكن بالنسبة للتنظيم هي حملة طويلة واحدة منذ الأيام الأولى لمؤسسها أبومصعب الزرقاوي، وإلى أن تعترف الولايات المتحدة وحلفاؤها بذلك، ومن المرجح أن يكرر داعش استراتيجيته للجوء إلى الخفاء قبل العودة إلى الظهور إلى الأبد، وإلى أن تسحب الولايات المتحدة قواتها العسكرية بالكامل، أو يتمكن التنظيم مرة أخرى من استعادة السيطرة على ما يكفي من الأراضي لإعادة بناء المرحلة المقبلة من مشروع الخلافة.