علي الغامدي

أعوذ بك من العجز

الخميس - 11 أكتوبر 2018

Thu - 11 Oct 2018

في كل مرة كنت أقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل ...) لم أكن أفرق بين معنى العجز والكسل. ورغم أني علمت الفرق لاحقاً إلا أن مفهوم (العجز) وارتباطه السلبي بحياتنا كان لايزال غامضاً بالنسبة لي.

أصبحت أدرك فيما بعد التأثير الصحي للكسل على أجسادنا إضافة إلى تأثيره الكبير على الإنتاجية.

وأدركت أنه سبب رئيسي للسمنة وأمراض القلب والشرايين وكثير من الأمراض الأخرى، لكنني لم أجد ما يثبت وجود رابط بين العجز وصحة أجسادنا. فتركت هذا التساؤل مفتوحاً إضافة إلى مئات من التساؤلات التي لم أجد لها إجابة لعدة أعوام.

قبل فترة وجيزة وقعت بالصدفة على أحد النتائج التي توصل لها عالم النفس المعروف مارتن سيليجمان في ستينيات القرن الماضي أجابت عما كنت أبحث عنه.

كانت تجاربه تكشف مدى التأثير المدمر ل(العجز) على أجسادنا. حيث قام بتجربة رائعة قسم فيها عددا من الفئران إلى مجموعتين وحقن كلتا المجموعتين بمواد عالية السمية تسبب أوراماً سرطانية في الجسم.

ولأن الفئران لا تدرك وجود هذه المادة في أجسادها أراد أن يعرف مدى تأثرها بهذه المواد القاتلة إذا اختلفت نظرتها للحياة. فعرض كل الفئران لصعقات كهربائية متقطعة وسمح لإحدى المجموعتين أن يكون لديها خيار الهرب ولم يتح هذا الخيار للمجموعة الأخرى بل جعلها محبوسة في قفص محكم الإغلاق.

كانت النتيجة صادمة، حيث إن المجموعة التي تمكنت من الهرب قاومت الخلايا السرطانية ونجا %63 منها من المرض، بينما أصيبت المجموعة الثانية بالعجز وتوقفت عن المحاولات فلم ينج منها إلا 23 % فقط.

استنتج سيليجمان أن الأمل والتشبث بالحياة كان سببا قويا لمقاومة الخلايا السرطانية ومن ثم الشفاء بينما قام العجز بتدمير جهاز المناعة لدى المجموعة التي استسلمت حتى قلت نسبة النجاة لديها بمقدار أعلى من الضعف، وهذا ينطبق على البشر كثيرا.

العجز لا يقصد به العجز الجسدي فقط بل إن هناك الكثير من الأفكار السلبية في حياتك تجعلك تدور في حلقة مفرغة وتنقلك من مشكلة إلى أخرى حتى يقوم عقلك بتشغيل وضع التوقف عن العمل تلقائيا. وينصحنا الأطباء والباحثون بالإقبال على الحياة عن طريق ممارسة نشاطات صغيرة تجعلنا ننغمس فيها وتمنع من وصولنا لمرحلة التوقف عن المحاولة ومن ثم العجز.

الإقبال على الحياة أو العجز منها؟

ما هي العلاقة بين العجز وصحة أجسادنا؟

كيف نتخلص من تأثير العجز؟

AliGhamdi2@