أحمد صالح حلبي

المتقاعدون وحالات اليأس

الخميس - 11 أكتوبر 2018

Thu - 11 Oct 2018

حينما أنشئت المؤسسة العامة للتقاعد عام 1378 هـ تحت مسمى "مصلحة معاشات التقاعد"، حددت أهدافها في "خدمة موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين الذين أحيلوا للتقاعد، وكذلك صرف المستحقات الشهرية للمستفيدين من أسرة المتقاعد المتوفى والذين تقرر لهم صرف استحقاق شهري بموجب أنظمة التقاعد".

واعتمدت أهداف المؤسسة على تقديم خدمات متميزة للمتقاعدين والمستفيدين والمشتركين، وبناء قدرات متميزة في الاستثمار وإدارة المخاطر، وغيرها من الأهداف، لكننا لم نر من تلك الأهداف هدفا تحقق، فالمتقاعدون سواء كانوا مدنيين أو عسكريين يقبعون داخل منازلهم يعانون من الأمراض النفسية أكثر من معاناتهم من الأمراض الجسدية، نتيجة لابتعاد كثيرين عنهم، فلا تواصل ولا اتصال معهم، ولا تسهيل لمعاملاتهم داخل القطاعات الحكومية والأهلية، لكننا نرى والحق يقال أن هناك مستشفيات ومستوصفات تمنح المتقاعدين خصما بنسبة 10 % من قيمة الكشف، لمعرفتها بحرصهم على زيارتها دوما.

أما توظيف الخبرات فلا وجود له إلا لدى المقربين من صاحب القرار، فيعينهم بحكم الزمالة الدراسية أو الصداقة الحميمة أو القرابة الأسرية، ويتم تعيينهم كمستشارين بمرتبات تفوق أضعاف مرتباتهم يوم كانوا على رأس العمل!

وان قال أحد إن هناك جمعية للمتقاعدين تعرف باسم "الجمعية الوطنية للمتقاعدين" هدفها القضاء على الفراغ الذي يعيشه المتقاعدون، فأين هي هذه الجمعية؟ وماذا قدمت للمتقاعدين من خدمات أو برامج؟

إن كثيرا من المتقاعدين إن سالتهم عنها لا يعرفونها، وإن عرفها البعض فإن معرفتهم بها تنحصر في فترة الانتخابات، حين يتواصل معهم المرشحون، وهناك آخرون يجهلون هذه الجمعية لعدم وجود فرع لها بمدينتهم أو محافظتهم.

وبين المؤسسة العامة للتقاعد، والجمعية الوطنية للمتقاعدين، يبقى المتقاعد تائها لا يعرف إلى أين يتجه، فالمؤسسة العامة للتقاعد تجاهلت أهدافها، والجمعية الوطنية للمتقاعدين غابت عنه، ومع غيابها يعود للذاكرة خبر صرح به أحد مسؤوليها ـ أي الجمعية ـ عام 1435 هـ، مشيرا إلى أنه سيتم تحسين مستوى المتقاعدين من خلال توفير المساكن والتأمين الطبي ورفع رواتب المتقاعدين!

وكان ذلك خبرا نشر عبر الصحف المحلية، لكننا لم نر منه واقعا ملموسا، فبرنامج مساكن الذي تتحدث عنه المؤسسة العامة للتقاعد بموقعها الالكتروني لا يمكن لأي متقاعد الاستفادة منه، لأن البنك وضع سنا للمستفيد، تجاوزه المتقاعد بسنين.

وهنا أسال: هل يمكن القول بأن برنامج "مساكن" قد ترجم لواقع عملي؟

إن كان هناك من يرى أنه ترجم لواقع عملي فأملي أن يزودني بعدد المتقاعدين المستفيدين منه ومناطقهم، وإن كان مجرد تصريح فمتى يترجم لواقع عملي؟

وبعيدا عن هذا وذاك، ثمة سؤال يردده البعض من موظفي الدولة المتوقع إحالتهم للتقاعد والمتقاعدين أيضا، متى يتم التعامل معهم وفقا للتاريخ الميلادي، أسوة بغيرهم من موظفي الدولة بالمؤسسات والهيئات الحكومية، والعاملين بالقطاع الخاص، المستفيدين من التأمينات الاجتماعية؟

فالتاريخ الميلادي كما يقولون وإن كان منصفا لهم، سواء كانوا متقاعدين أو متوقعا تقاعدهم، فقد أصبح هو التاريخ المعتمد في التعامل بكافة الأعمال.

وبين الأمل في تطبيق برنامج "مساكن" والعناية بالمتقاعدين، يعيش المتقاعدون حالة يأس وإحباط منذ إحالتهم للتقاعد، فمن يتذكرهم اليوم ليتذكره الآخرون غدا.

[email protected]