عبدالله المزهر

أيها المتسترون والمتسترات، اللهم لا حسد!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 09 أكتوبر 2018

Tue - 09 Oct 2018

في كل الدنيا وفي كل العصور ترتكب الأعمال المخالفة للقانون في الخفاء، ويكون الهاجس الأكبر للمجرم أو المذنب أو العاصي هو ألا ينكشف أمره ويعرف الناس خبيئته.

هذه أمر يبدو طبيعيا وفي سياق طبيعة البشر ومقاييس الصواب والخطأ التي أجمعت عليها البشرية ووضعت لها قوانين من صنعها أو مستمدة من الأديان التي اتبعتها.

ومما يبدو لي ـ وأنا شديد الملاحظة كما تعلمون ـ أن هذا الهاجس في طريقه للزوال كما زالت وتزول أشياء كنت أظنها لا تختفي.

والأمثلة على ذلك كثيرة وليس هذا مقام حصرها، وأصبح الإجرام العلني شيئا يفتخر به صاحبه، ومن أولئك أقوام يعتقدون أنهم أكبر من أن يوجد رادع يردعهم وآخرون يمارسون ذلك استهتارا وصنف ثالث لا يعتقدون أنهم يمارسون شيئا معيبا من الأساس، وهذا الصنف الثالث ربما يكون الأخطر لأنه يضيف الجهل المركب إلى إجرامه ـ أو بعبارة ألطف مخالفته للقوانين ـ

ومما عم به البلاء ـ نسأل الله السلامة ـ نوع جديد من الوظائف يسمى «السعودة»، ويراد به توظيف مواطن سعودي في وظيفة لا يقوم فيها بأي عمل سوى أنه يحقق رقما في معادلة توطين الوظائف يمكن المنشأة من الحصول على تأشيرات عمالة من الخارج.

وتصنيف هذا العمل على أنه عمل مخالف لا يحتاج لقدرات عقلية خارقة، فهو أضر على التوطين حتى من العمالة المخالفة، إضافة إلى أنه تزوير لنسب البطالة يخلق أرقاما وهمية لا تدل على وظائف حقيقية.

وربما أراد مرتكبو هذا الفعل القبيح أن يعالجوا التستر على طريقة «وداوها بالتي كانت هي الداء» فعالجوا التستر على الأجنبي بالتستر على السعودي.

المنطق يقول إن من يمارس هذه الحيلة للالتفاف على النظام يعمد إلى القيام بها في الخفاء وبطريقة تجعلها تبدو أقرب للحقيقة، لكن هذا لا يحدث، ويمكن بسهولة العثور على إعلانات تطلب موظفين سعوديين بهدف السعودة، عيانا بيانا.

ومع شكرنا لمن يفعل ذلك على شفافيتهم ووضوحهم في موضوع الاحتيال على القوانين، إلا أن هذا لا يعفيهم بالطبع من كونهم مخالفين مذنبين، يرتكبون جرما في حق الباحثين الجادين عن وظائف.

وأحب طمأنتهم إلى أني لا أعاقب أحداً ـ ولا أظن غيري يفعل ـ ولذلك فليس عليهم أن يقلقوا بسبب وصفي لهمم بأنهم مخالفون.

وعلى أي حال ..

وبعيدا عن كل شيء، فإني أغبط هؤلاء المتسترين والمتسترات على قدرتهم الفائقة على التحايل والإضرار بالآخرين دون أن يرف لهم طرف، هذه موهبة وصاحبها مبدع يجب أن ينال حقه من الثناء.

لو أني أملك مثل هذه الموهبة الرائعة لاستطعت توظيف أخي ـ الذي يعز علي ـ والعاطل منذ أن استقال من عمله السابق في الشركة التي لم تكن تدفع رواتبه.

agrni@