عبدالله المزهر

المدرسة والمشفى ورأس المال الأصلع!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 08 أكتوبر 2018

Mon - 08 Oct 2018

أحد الأصدقاء المعلمين ممتعض من عدم وجود تأمين طبي للمعلمين، ومن حقه أن يمتعض بالطبع، ليس لأن التأمين أمر ضروري، ولكن لأن الامتعاض حق مشروع لكل الكائنات الحية.

والسؤال الذي أثاره امتعاض هذا الصديق هو هل الأمر فعلا يستحق العناء؟ أي إنك ستحصل على تأمين طبي، ثم ماذا؟

سيكون باستطاعتك العلاج في المستشفيات الخاصة ثم تكتشف حينها أن المرض ربما يكون حلا أفضل من الذهاب إلى مستشفى خاص من أجل العلاج.

والحقيقة التي لا تقبل النقاش ولا الجدال أنه لا مجال للمقارنة بين المستشفيات الخاصة والحكومية من ناحية الكفاءة والتميز العلاجي وتطور الأجهزة والمعدات والتقنيات، فالحكومية أفضل، بل إنها تكاد تكون في عالم آخر غير العالم الذي تعيش فيه المشافي الخاصة.

ويكفي فقط أن المريض لا يتسلل إليه ذلك الشعور القبيح بأن الطبيب ينظر إلى جيب المريض أكثر من نظراته إلى موضع المرض.

لكن مشكلة المستشفيات الحكومية التي تجعل البعض يهرب منها إلى جحيم العلاج الخاص هي قلة الأسرّة وتباعد المواعيد. إضافة بالطبع إلى أن المشافي الحكومية المحترمة ليست موجودة في أغلب مناطق المملكة، وهذا أيضا يضيف وعثاء السفر إلى قائمة مشاكل القطاع الصحي الحكومي.

ولذلك يبدو الأمر مخيفا بعض الشيء حينما يسمع الناس أحاديث عن «خصخصة» القطاع الصحي، خاصة أن الأحاديث في هذا الجانب ليست شفافة بما يكفي، والناس من خوف المرض في مرض.

ومصدر الخشية والخوف والقلق هو أن هذه الخصخصة تعني ببساطة أن مشاكل المستشفيات الحكومية ستنتقل إلى الخاصة ولن تحل مشاكل الخاص. فتكون محصلة الخصخصة النهائية هي اندماج مشاكل الصحة بكافة قطاعاتها تحت سقف واحد.

ومع أني أحب الأموال ـ كما تعلمون ـ لكني لا أحب الرأسمالية الفجة، وأن يتحول كل شيء إلى سلعة وبيع وشراء وعرض وطلب، هذا أمر أجده منفرا وقبيحا. أن يصبح الحديث في كل موضوع وفي كل شأن أسئلة لا أحبها من عينة كم سيكون دخله؟ وكم ستستفيد؟ وكم ستربح؟

لكن المطمئن أن ما أحبه وما أكرهه ليسا مقاييس معتبرة للصواب والخطأ، وقد أعيش وأموت وأنا أمقت أشياء يفترض أن أحبها، وأحب أشياء لا يناسبها إلا الكراهية.

وعلى أي حال..

لو سألت صديقي المعلم الممتعض، كم تربح مدرستك؟ وكم هو دخلها الشهري؟ وما هو الدور الذي تقوم به في سبيل تعزيز الإيرادات؟ فسيعلم أنه مجرد مستنزف للموارد هو ومدرسته وطلابه، ويجب أن يحمد الله على أنه لا زال يتقاضى أجرا مع أنه عديم الفائدة الاقتصادية، وعليه أن يطلب من الله الصحة والعافية والسلامة لأن ذلك أهم من مطالبته بالتأمين.

agrni@